هل يحكم الإيرانيون سوريا؟
كتب
محمود خليل:
زكريا
شيخو مهنا باحث تركي من أصل سوري من علويي لواء الاسكندرونة، يعمل على إعداد
أطروحة الدكتوراة بعنوان "دور الأقليات في الثقافة السياسية العربية".
فرضت عليه ظروف الدراسة الدينية أن يتنقل مابين اسطمبول وباكستان وأندونيسيا والهند
وبرلين ولندن. يعمل الآن مستشاراً ثقافيا لشؤون الأقليات في "المعهد الهندو
الأوروبي" للميث- ثيالوجيا. وهو يعتمد في منهجه كما نرى في هذه المقالة على
تفعيل للفرويدية في علم الاجتماع السياسي لذلك يحدث التداخل الشخصي الفيزيائي
بالثقافي الروحي في أدواته النقدية. وقد صرح بأن مبدأه هذا هو الذي سيقرأ به في
أطروحته.
ونحن حينما
ننشر هذا التحليل للدور الايرانى فى سوريا من خلال رئيسها السابق والحالى فأننا
نكشف عن مخاطر ومطامع إيران فى العالم العربى وكذلك عن أسلوب بشار الأسد الذى
يتحدث بلسانين الأول داعيا إلى العروبة أمام العرب فى مؤتمرات القمة والثانى داعيا
إلى التشيع والفارسية من خلال وسائل الإعلام.
لقد كان
حافظ الأسد رئيسا –كما يقولون- سياسيا حصيفا مناورا على كافة الجبهات من عينة
الملك حسين ملك الأردن الراحل وياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية الراحل وكان
يقيم توازنات بين جميع القوى الداخلية والخارجية بينما ابنه بشار الأسد لا يتصف
بتلك الصفة المطلوبة فى رئاسة الدول ولذلك خضع للإيرانيين وسلم مفاتيح الرئاسة لهم
وصارت الكلمة كلمتهم وأصبحت السياسة السورية تدور فى الفلك الإيرانى وتحقق أهدافها
بعيدا عن المصالح السورية والتوجهات العربية.
لقد كانت
السياسة المصرية على قدر المسئولية والموقف ولذلك رفضت تلك التوجهات السورية
والنهج الشيعى الذى ينتهجه بشار الأسد دون أن يعلم خطورة سياسته ليس على بلده فقط
بل على الأمة العربية كلها وهو الأمر الذى جعل العلاقات المصرية السورية تشوبها
كثيرا من العقبات والتوترات فى الفترة الأخيرة وجاء زكريا شيخو مهنا ليضع النقاط
فوق الحروف وتحقيقا لنهج الحوار العربى "بحثا عن الحقيقة تصحيحا
للمفاهيم" ننشر هذا المقال التحليلى لعل الشعب المصرى يعلم إن التوجهات
السياسية المصرية تجاه سوريا وباقى الأشقاء العرب توجهات صحيحة وهذا ليس بغريب عن
السياسة المصرية التى بلغت سن الرشد منذ زمن طويل ولا مجال لأحد للمزايدة عليها أو
على الدور العربى المصرى فى المجال الإقليمى أو الدولى من جانب بعض المزايدين
المصريين فى الداخل أو بعض العرب فى الخارج.
انهيار العروبة.. سوريا تتشيُّع
الأسد الأب طلب من أدونيس مدح الخومينى وثورته
ووفر له الحماية الأمنية
الأسد الابن يوافق على تشويه صورة العربى فى
الإعلام الرسمى لصالح الفرس
أسرار تناول بشار كثيرا من الماء أثناء خطاباته
ولماذا "باس" يد مرشد الثورة؟
رئيس المخابرات الأسبق رفض استقبال موفد الخامنئي
وقال له:
لقد مات حافظ الأسد وصلّى عليه السنة وأنتم
تريدون ألا يصلي على الرئيس الحالي إلا الشيعة
العلويون: نرفض التشيع ونرحب بالتتسنن
خطوات ستة حددها بشار للإسراع بتشييُّع العلويين
المنتمى إلى إحدى قبائلها
بقلم: زكريا شيخو مهنا
إنشاء
مراكز إعلام في سوريا تمولها السلطة كماهر الأسد وبهجت سليمان وآصف شوكت لتشويه
صورة الرجل العربي عبر دوريات تصر على ربط الحيوانات بالعرب. هنا لا يمكن لأي لبيب
أن يفوته أن احتقار العربي لن يكون لخدمة مصالح أهل الأسكيمو أو حضارة الإنكا في
القارة اللاتينية. احتقار العرب وبهذا الشكل العلني هو لوضع البيْض الأموي كله في
السلة الإيرانية.
أكثرت الدراما السورية من صناعة مسلسلات ذات
طبيعة إسلامية عامة دون تحديد الأصل القومي للأبطال محاولة من الأسد الأب إمرار
إسلامية الهوية مما يسهل على النفوذ الإيراني التغلغل من هذه النقطة.
انشقاق
في صفوف العلويين ما بين الميلاتية والحداديين من جهة والكلابنه والخياطية من جهة
أخرى حول تحول العلويين الى ولاية الفقيه.
ماهو
رصيد البنك الإيراني للهوية في دمشق؟!
هل تسبب
التقارب المذهبي مابين العلويين والشيعة في تحويل دمشق معتقلاً ايرانياً؟
الصفح
الفارسي عن عبودية العلويين لعلي ساهم بزيادة عرى التحالف، لكن مسألة عدم اعتراف
العلويين بمقتل الحسين يتهدد التحالف.
الإيراينون
طلبوا من الأسد الأب إقناع علويّ كبير كأدونيس ليمدح الخمينية.
هل قبِل
آل الأخرس أهل السيدة الأولى بتشيع العائلة أم أن الأمر محصور بالرئيس فقط؟
مقدمات عامة
وأدى
ارتباك النظام السياسي في سوريا مابين عام 1980 و1987 إثر الحرب المفتوحة مابين
الإخوان المسلمين والدولة، إلى ترسيخ نوعٍ من الثقافة التي تقوم على مبدأ التحالف
الميكافيللي-الطائفي إلى الدرجة التي أصبحت فيها الدولة السورية منذ أول ثمانينيات
القرن الماضي قلعةً متقدمةً للنفوذ الإيراني.
حارب
الجيش السوري إلى جانب الجيش الإيراني منذ ثورة الخميني التي اضطر معها النظام
العراقي، وقتذاك، إلى التحوّط الأقصى. ما كان يدور بخلد القيادات العراقية في ذاك
الوقت أن للجيش الإيراني جزءاً مستعداً لمقاتلته عبر الحدود السورية ومن داخل
مؤسسة الجيش وبأمر أعلى من قائد القوات المسلحة الرئيس الراحل حافظ الأسد.
عندما
بدأت القوات العسكرية السورية بمقاتلة النظام العراقي بالوكالة عن الإيرانيين،
ولحماية الثورة الخمينية، وذلك من طريق أعمال الإرهاب وتدريب قوات كردية وتركية
لضرب النظام العراقي من الداخل وإضعاف مؤسسته العسكرية والأمنية، تيقّن أغلب
المراقبين أن ثمة شرخاً لن يتغيب عن وجه الهوية السورية منذ ذلك الوقت وحتى الآن،
حتى ساعة تحبير المقال هذا، هذا الشرخ هو الفصل الديني الطائفي مابين العلويين والسنة،
وكذلك عودة ضمور التعريف العربي للمواطن السوري باعتبار البنك الإيراني للهوية لن
يتقبل فتح حساب لهذا العربي الصغير الذي لم تعد سوريا بيته العربي الأوسع.
وبدا أن
اللونين اللذين طرأا على الكينونة السورية، منذ تحالف الأسد-الخميني، هما في
الأساس مستويان جوهريان:
المستوى
الأول، وهو مستوى التقارب المذهبي الممكن مابين العلويين والشيعة، عبر تسوية قام
بها العديد من زعماء الاثني عشرية في جبل لبنان والعراق وطهران، تتضمن نوعاً من
الصفح على العقيدة التجسيدية العلوية التي ترى في الإمام علي إلهاً للعالم وخالقاً
له، وكذلك تأجيل البت باستهتار العقيدة الباطنية بمقتل الحسين، على اعتبار ان
العلويين عقدياً لا يقتنعون بمقتل الحسين ويعتبرون قصة الشيعة والسنة عنه ثقافة
ظاهرية فانية .
المستوى
الثاني، تمثل في استغلال النظام السوري الحافظي لمبدأ الهوية الإسلامية التي لا ترى
فضلا لعربي على "أعجمي" –وأعجمي تحديدا– إلا بالتقوى. هذا على الرغم من
أن ثقافة النظام تفترض إعلاء للقومية العربية على القوميات الأخرى، كذلك فإن
التعريف البعثي للهوية يعتبر الإسلام مجرد مشترك واحد بين مشتركات اللغة والتاريخ
والمصير المشترك.
استغلال
النظام الحافظي للتعريف الإسلامي أُرِيد منه، وعلى وجه التحديد، عودة إدخال
الإيرانيين من بوابة دمشق، على خلفية أن الإسلام في الأساس، طرح معيار تفضيل لا
يمنع أن يكون الأجنبي/الأعجمي أكثر فضلاً من العربي. وعند هذه المرحلة أكثرت
الدراما السورية من صناعة مسلسلات ذات طبيعة إسلامية عامة دون تحديد الأصل القومي
للأبطال محاولة من الأسد الأب إمرار إسلامية الهوية مما يسهل على النفوذ الإيراني التغلغل
من هذه النقطة. وهو الذي حصل منذ أول الثمانينيات حتى وصول الأسد الابن إلى
السلطة، الأخير الذي أوصل بلاده ليس إلى جيش يحارب بالوكالة كما فعل الأب، بل
تحولت مؤسسات الدولة بالكامل إلى خلية عمل لحساب الخارجية الإيرانية والحرس الثوري
والعقيدة الخمينية. إلى الدرجة التي تحول فيها الإعلام السوري المحسوب والمقرب
من بشار وماهر الأسد إلى وسيلة إعلام لإهانة العرب وتصويرهم بأبشع الصور إلى
درجة ان بعض هذه الوسائل الإعلامية ترسم صورا للحيوانات وتضع عليها شكلاً عربيا
شهيرا. وحتى الآن لم ينبس سوري بهذا السؤال: ما سر تصوير العرب كحيوانات في سوريا؟..
لصالح من سيتحول العربي إلى كائن مهانٍ مذلٍ؟ الجواب ببساطة شديدة ان الوقت قد حان
لتسريح العروبة من العاصمة الأموية واعتبار قصر هشام مكان انحراف كما تصفه
الأدبيات الشيعية الإيرانية والتي ترجمت الى العربية ووزعت في دمشق ولبنان والعراق.
الطلب من أدونيس مدح الخمينية
بعد ضمان
التسوية وتجاهل التأليه العلوي لإمام المتقين علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
وإرغام مشائخ العلوية على عدم التصريح بتكفير الشيعة باعتبارهم أهل ظاهر"
كالسنة ولا يختلفون عنهم في شيء. وبعد اضمحلال النموذج العربي" وإعلاء الفارسي
مكانه، صار على النظام، وإرضاء للعقيدة الخمينية، أن ينتقل تضييقه مابين السنة
والعلويين للاعتبار التالي: من جهة ضرورة أن لا يظل العلويين مارقين إلى درجة
عبادة علي، وذلك من خلال التدفق الشيعي الثقافي الذي حاصره الأسد الأب واستسلم له
ودعمه الأسد الابن. وأيضاً وبسبب السليقة العربية التي تستحكم باللاشعور العلوي من
خلال ميلهم الفطري إلى اللغة العربية وتأثرهم الكبير بها، ما عزا به البعض إلى أنه
هو سبب كثرة ظاهرة الشعراء العلويين في سوريا من بدوي الجبل إلى نديم محمد إلى
أدونيس وسواهم، هنا أرادت الماكينة الخمينية أن تترك بالغ الأثر في هذا السليقة
الأقرب للعرب، فطلب الخميني من الأسد الأب، عبر وسطاء فرنسيين لا ينتمون الى
الطبقة السياسية الفرنسية بل هم من مثقفي جيل الستينات، طلب الخميني من الأسد أن
يقنع الشاعر السوري العالمي أدونيس والذي هو علوي الطائفة، بأن يمدح الثورة
الخمينية وبذلك يتم استغلال شهرة أدونيس العربية والعالمية والسورية والعلوية
لزيادة التأثير والإقناع خصوصا بين أبناء الطائفة. وهو ما جرى حيث تعهد الأسد الأب
لأدونيس عبر وسيط أمني علوي كبير بأن الدولة ستحمي أدونيس في كل تنقلاته ولن يكون
عرضة للاعتقال أو المساءلة والتضييق، مقابل أن "يتفهم" قيمة الخمينية
ويدعمها بصفتها صديقة العرب والمسلمين. واستجاب أدونيس لذلك وكتب شعرا ونثرا مدحاً
بالثورة. لا بل إن الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي صرح أكثر من مرة بأنه
رأى أدونيس في مدينة أوروبية مرافقا للسيدة الأولى ومساعدا لها في تنقلها، وهو ما نفاه
أدونيس وأرغم على نفيه الشاعر البياتي خصوصا بعد تقديمه طلب اللجوء السياسي في
سوريا.
تدمير النموذج السنّي الجاذب
لم ينته
الأمر عند هذه الطلبات غير المنتهية للإيرانيين، فقد وصلت تقارير الى الحرس الثوري
الإيراني أن خيارات العلويين اتفقت إلى أنه إذا كان الخيار مابين البعثية
والخمينية فإن الحل الثالث هو اليسار والحركة الشيوعية. اعتبرت الخمينية أن توجه
النخب العلوية الى اليسار خصوصا مع تحالف الشيوعيين مع الإخوان المسلمين فقد
يكون تمهيدا لـ "تسنين" الطائفة لأن العلويين ليس لديهم زعماء يسار من
الحجم الثقيل مما سيزيد من جاذبية اليساري السني وبالتالي فإن احتمالات تحول السني
اليساري إلى مثال ونموذج تصبح أقوى، فكان أن أقدمت قوات الأمن السورية على اعتقال
كل طلاب قسم الهندسة من جامعة حلب وألقي بهم في السجن في عام 1982 وعذبوا الى درجة
أن من خرج منهم عاد مشوهاً الى أهله لا يستطيع رفع ظهره الى الأعلى. في جامعة حلب
كان هناك خليط شيوعي من السنة والعلويين وقد اشتهرت هذه المجموعة بأنها الأفضل
تعليماً في الجامعة.
بعد
تطبيق أجندة الحرس الثوري الإيراني باعتقال اليسار العلوي وتعذيبه على نحو أشد من
اليساري السني، وبعد استغلال حجم أدونيس الشاعر العلوي لمكانته العربية والداخلية،
خصوصا أن والده شيخٌ في الطائفة العلوية، صار الواقع السياسي السوري ممهدا بالكامل
للابتلاع الفارسي، وهو بدأ بالكامل من اللحظة الأولى لوفاة الأسد الأب ووراثة
الأسد الابن.حيث هدمت كل آليات الممانعة السورية أمام هذا الابتلاع ومنذ
مباشرة الأسد الابن أعماله رئيسا للدولة السورية تحولت الجمهورية العربية السورية
إلى معتَقَل فارسي يضع سجن الباستيل الفرنسي في جيبه الصغيرة.
الانتصار الفارسي وهزيمة الشّوام
الكل يعلم أن الأسد الأب أفاد من العروبة لـ
"تعريب" العلويين خصوصا بعيد الضخ التضليلي الذي مارسته فرنسا
الاستعمارية أول العشرينيات من القرن الماضي حيث استغلت عزلة جبل العلويين عن
الوطن الأم وروجت بينهم معلومات ثبت الآن زيف ادعائها بالمطلق في تطهير عرقي وهي
أن العثمانيين قد قتلوا 400 ألف علوي ومذهبي.
فبعد التنقيب في كل التسجيلات العلوية من القرن
السادس عشر وحتى قيام دولة العلويين أول العشرينيات من القرن الماضي، فإنه لا يوجد
في هذه المدونات أي إشارة تذكر لا إلى مذبحة ولا إلى إعدام بل فقط مجرد جوائح
مرضية فيروسية كانت تضرب شمال وشرق أوروبا وانتقلت العدوى مع حروب السلطنة ومع
عساكرها الذين كان منهم كثير من العلويين الذين كغيرهم نقلوا المرض إلى الجبال
وحدوث وفيات بالآلاف، وهو ما استمر في الشفويات العلوية الدارجة إلى الآن حيث إذا
أراد علوي أن يعبّر عن أمر جلل وخطير وهائل فيقول "الموت الأصفر" وهي
منطوقة شفوية درجت مع الأطباء اليسوعيين الذين كانوا يعالجون المرضى العلويين
المصابين بفيروس قاتل الشعوب: الطاعون. لقد عرف الأسد الأب أن المعلومة الفرنسية
قصد منها دفع العلويين الى الانفصال وهو ماحدث في الربعية الأولى من القرن الماضي،
ثم حاربها القوميون العرب في سوريا وانقلب دعاة الانفصال الى دعاة وحدة، كالشاعر
الكبير بدوي الجبل منظّر الدولة العلوية وكاتبها كما ذكر هاشم عثمان في كتابه عنه
"بدوي الجبل وجحيم السياسة"، إلى أهم عروبي قومي في حينه وإلى الآن
تتغنى الأجيال قصائده الممجدة للعروبة.
لكن الحق يقال أن آل الأحمد وهم آباء بدوي الجبل
"أحمد سليمان الأحمد" لم يتفاهموا مع النظام الحافظي وكانوا معارضين
أشداء له خصوصا في مرحلة قصف وتدمير قرى مدينة حماه، لأن آل الأحمد من أعرق وأشهر
العائلات العلوية المثقفة حيث كان أب العائلة الشيخ سليمان الأحمد رحمه الله عضوا
في المجمع اللغوي بدمشق منذ مطلع القرن وكان صلة الاتصال الأولى مع شيعة لبنان، لم
يكن أبناء الشيخ الجليل يوافقون على هذه الحرب المفتوحة على الإخوان المسلمين وأن
ضرب السنة بهذا الشكل ماهو إلا إعلان خراب للديار العلوية. فكانوا يجاهرون
بانتقاداتهم لمؤسسة المخابرات والجيش وحزب البعث خصوصا منهم الدكتور الراحل علي
سليمان الأحمد الذي كان بيته يراقب من قبل أجهزة الأمن طيلة اليوم. حتى انتهت
مأساة آل الأحمد بمقتل أحد أبنائهم في باريس حيث قامت المخابرات السورية بتصفية
المعارض الذي نعتذر للقراء لنسياننا اسمه بسبب تشابه أسماء آل الأحمد ما بين أحمد
ومحمد ومنير. وقامت الدولة إرضاء للعائلة الشهيرة بتعيين أحد احفاد الشيخ المؤسس،
عبر تعيين الدكتور أحمد الأحمد رئيسا لمهرجان دمشق السينمائي. وللعلم فإن قرية
"السلاَّطة" التي يتشيخها آل الأحمد هي بالقرب من القرداحة مما زاد من
أزمة هذه العائلة ولا مجال الآن لذكر كل التفاصيل.
طول الرئيس وانعدام ثقته بنفسه
الأسد الأب عرّب العلويين بالكامل، فأمن بذلك
تضييقا على الاكتساح الفارسي الشيعي للطائفة وللسوريين، والحقيقة نجح في إرضاء
الخميني والحرس الثوري لكن ليس على حساب عروبة العلويين والسوريين بعامة. لكنه
رحمه الله لم يؤسس لثقافة مؤسساتية واضحة المعالم وانصرف أغلب الأحيان إلى
التكتيك. وما كان منه إلا أن أورث هذه الضبابية الى ابنه الذي لم يكن معدا لحكم
صعب كحكم سوريا بعيد مقتل باسل في حادث سيارة، فتم إعداد بشار للسلطة واستدعاؤه من
لندن على وجه السرعة ولم يكن هناك من وقت كاف لإعداده فحُكِمَت سوريا به ولم يتدرب
حتى على نطق الحروف العربية في شكل جيد، ولم يتعلم مواجهة الناس بمهابة، كما حصل
معه عندما انزلق من على درج الإليزية في باريس، وكما يحصل في خطاباته حيث يجف ريقه
من شدة الخجل والارتباك مما يدفعه الى تناول الماء لترطيب حلقه الجاف حتى أنه أصبح
أكثر رئيس في العالم يتناول الماء في خطبه كما لو أن الكلمات التي ينطق بها ليست
إلا نوعاً من الملح الذي يتطلب مزيدا من الماء، فضلاً عن اضطراب الكلام في لسانه
بسبب ضعف الثقة بالنفس والإحساس بعدم المقدرة على إقناع الآخرين. وهو على الرغم من
طول قامته (ما يفترض أن يكسبه مزيدا من الثقة بالنفس كما يصر التحليل النفسي) فهو
يتصرف كما لو أنه أقصر الناس لأن كل ما يفعله لا ينتمي إلا إلى ما يسمى في التحليل
النفسي: الإحساس الدوني بالنفس. وهي من أغرب الأحاسيس على رجل يكاد يكون من أطول
رؤساء العالم. ومن المعروف أن صفة الطول من أكثر الصفات الدافعة الى الثقة بالنفس
كما تجمع كل مدارس التحليل النفسي. وكما تبين فإن هذه الحيثية لا تنطبق على الأسد الابن.
مع أهمية هذه الظواهر الأخيرة، إلا انها تبقى
مجرد تفاصيل أمام الانهيار الدراماتيكي للعروبة في سوريا في زمن بشار الأسد، فهل
أثرت سيكولوجيته تلك، كالإحساس بالدونية رغم طول القامة، على طريقة تحالفاته؟
الجواب وفورا وبلا تردد: نعم وحقاً. ومن يلاحظ فإن بشار يستخدم في خطاباته مفردات
تنتمي الى عصر العبودية الروماني، كمفردة "العبْد" التي أهان بها رئيس
الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة. وكذلك الشعار الذي مرره الى الإعلام بمقولة
"سوريا ألله حاميها" وهي تتناقض مع أدبيات مؤسسة الدولة البعثية العلمانية
العروبية حيث من المنطقي أن يكون سوريا الشعب حاميها أو سوريا العرب حماتها. أما
أن يكون الله تعالى فجأة في أدبيات النظام الشاب غير المتمرن فتلك غريبة عجيبة إلا
أنها لها استخدامات تشبه استخدام التعريف غير القومي للهوية في الوعي الإسلامي،
فإذا كان الله حاميا لسوريا فهل هذا تسهيل "لألوهيات منتصرة وتنتصر في لبنان
وبلاد فارس"؟ الجواب وبالقطع: نعم وحقا..
مع توليه للسلطة أكمل بشار مشوار الأب بالتحالف
مع إيران لكن ليس على قاعدة الندية أو التكافؤ، بل عبر بيع مؤسسة الدولة لشوارب
حرس الثورة. ولصعوبة إمرار مثل هذا التشييع لمؤسسات الدولة السورية قام الكادر
المخابراتي والإعلامي في دمشق وطهران بالخطوات التالية تسهيلا لإمرار تشييع
المؤسسات:
* التركيز
على ربط المقاومة بالشيعة زيادة في جاذبية الحزب وأثره في تشييع أنصاره من
العلويين في الدرجة الأولى والسنة في الدرجة الثانية.
* تكبير
صورة أمريكا في المنطقة كعدو قائم للعرب وذلك لإضعاف دول الخليج العربي وتشويه
صورتها أمام الرأي العام، لطالما كانت دول الخليج حليفة للولايات المتحدة. وفي ذلك
خدمة واضحة لإيران التي تتسلل من بوابة شيعة البحرين وشيعة الكويت لتقويض أمن
الخليج العربي. والأغرب أن دولة قطر السنية الوهابية تتحالف مع حرس الثورة الآن
أكثر من تحالفها مع مفتي الديار السعودية أو الأزهر المصري.
* إنشاء مراكز إعلام في سوريا تمولها السلطة كماهر
الأسد وبهجت سليمان وآصف شوكت لتشويه صورة الرجل العربي عبر دوريات تصر على ربط
الحيوانات بالعرب. وهنا لا يمكن لأي لبيب أن يفوته أن احتقار العربي لن يكون لخدمة
مصالح أهل الأسكيمو أو حضارة الإنكا في القارة اللاتينية. احتقار العرب وبهذا
الشكل العلني هو لوضع البيْض الأموي كله في السلة الإيرانية.
* الإكثار من زيارة رجال دين شيعة من ايران الى
المناطق العلوية وضخ الأموال في القرى وبناء المشاريع ودعم الاستثمارات الخاصة من
خلال شراكة بين رجال مال ايرانيين وضباط كبار من الطائفة العلوية كاللواء السابق
وقائد القوات الخاصة علي حيدر الذي بلغت استثماراته هو وابنه ياسر مليارات
الدولارات في مؤسسات تجارة وزراعة ضخمة يعمل فيها الضباط العلويون المسرحون من
الجيش كمدراء أما العساكر الصغار فيعملون في الأراضي أو وظائف صغيرة.
*تصريح الرئيس السوري بضرورة التركيز على اللغة
العربية في وسائل الإعلام وتعليمها للناشئة وذلك لذر الرماد في العيون بعدما اشتكى
الكثير من سنّة دمشق وحلب من تعليم الفارسية في السيدة زينب وفي قرى
"منّغ" الحلبية ومدينة الزهراء في ضواحيها. وهنا لابد من عودة الى إمارة
قطر أيضا حيث أسست صحفاً افتتح فيها ولأول مرة في تاريخ الإعلام العربي أقسام خاصة
بالثقافة الإيرانية. ولعلم أهلنا في قطر الشقيقة فإن الاستشراق الغربي يدون في
أدبياته بأنه بعيد سقوط بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي فإن الإسلام استمر وما
يزال لدى الفرس في إيران، ولهذا لا يعتبر الاستشراق بأن دولة الإسلام سقطت في
بغداد القرن الثالث عشر باعتبار ايران وريثة لهذه الدولة... وأن الإسلام، كدولة، منذّاك،
فارسيٌّ. فهلم يعلم بذلك من يجب أن يعلموا؟!
*زيادة قبول الابتعاث الى ايران وتحديدا من
الطائفة العلوية للتأثير فيهم وتشييعهم حيث بلغ عدد العلويين المبتعثين الى
الجامعات الإيرانية أكثر من4000 طالب علمٍ. وعُرِف في هذا السياق أن مشائخ
العلويين الآن وتحديدا من ينتمون الى عشيرة "الميلاتية" قد أعلنوا أن
بشار شيَّع الطائفة العلوية وانهم لو خيروا بين التشييع والتسنن لاختاروا التسنن
لأن أول أعمال الإبادة التي مورست ضد شيعة علي تمت على يد دعاة التشيع وأبطاله من
أبي جعفر المنصور حتى آخر السلسلة. وانه ما النفع من تشييع الطائفة العلوية إذا
كان الفارق بين عبادة علي علوياً وتقديسه شيعيا هو كالفرق بين التوائم. فالطرفان
في النهاية يريان مقدرة تفوق البشر عند علي ورغم ذلك هناك دماء سالت بينهما لم تسل
في خصومات أخرى. كما من شأن تشييع الطائفة تحولها عدوا وخصما دينيا وقوميا
للسوريين وأن في هذا تضييعا لكل المكاسب التي تحققت أيام الأسد الاب وتهديدا لأمن
العلويين الشخصي والثقافي العربي. لذلك فإن الاتصالات بين علي دوبا، الرئيس السابق
للاستخبارت السورية، وهو من العشيرة الميلاتية، وبين بشار الأسد انقطعت منذ نحو
أربعة سنين وعلم أن الأسد وضع دوبا قيد الإقامة الجبرية ومنع أبناء العشيرة
والطائفة من الالتقاء به. ما يشي بأن انقساما حادا حصل في الطائفة وأن احتجاجات
معينة ستطال الرئيس الشاب لو تجرأ وزار أي قرية علوية.
قتال السنَّة لولاية الفقيه
هذه هي أهم الخطوات التي ابتدعتها مؤسستا الأمن
في طهران ودمشق. وإن كانت طهران استفادت من كل هذه التطورات الى الحد الأقصى فإن
الخاسر المباشر هم العلويون الذين ضاقت خياراتهم ما بين قبول قسري للتشيع وقبول
ضمني له ما يعني تحول الطائفة عدوا لمسلمي سوريا الآخرين. وما يهدد أمن الطائفة
بالكامل في حال صارت جزءا لا يتجزأ من حرس الثروة الإيراني أو تتبع كحزب الله
لولايته. هنا لن يتقبل المسلم السني السوري ولاية الخامنئي على أي جزء من تراب
سوريا وسيعتبر أن العلويين بسبب بشار الأسد الذي ثبت تشيعه بالكامل وعُمِّد شيعيا في
عام2001، قد تحولوا الى طابور خامس لتقويض الدولة.
يتفق الرأي السني على نقطة عالية القيمة في هذا
المجال، وهي أن علوية العلويين وحتى عبوديتهم للإمام علي فهي لا تهدد بحال من
الأحوال أمن الديار الإسلامية، فمن جهة فإن الله يهدي من يشاء، ومن جهة أخرى يظل
العلويون أقلية صغيرة غير جاذبة لأن من قوانينها الداخلية الصارمة هي منع تعليم
أبناء الطوائف الأخرى للديانة العلوية. وبالتالي سيظل هذا التدين الأسطوري ما قبل
اسلامي في حدوده العائلية الطائفية الضيقة خصوصا لو علمنا بأن هناك كثيرا من
العلويين لا يحق لهم هم أن يتعلموا الديانة العلوية فما بالك بالسني أو المسيحي.
لذلك لا يرى السني السوري من ضير لا في عبادة علي أو سواه، إنما الخطر الذي يتهدد
أمن الدولة السورية هي إن كانت طائفة كالعلويين ستأتمر بأمر المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية عبر الولاية له بالأمر. ويقول أكثر من مصدر ديني في جامع النور بدمشق
وفي هذا المجال بأن العلويين إذا تحولوا الى ولاية الفقيه فهم بذلك يعلنون الحرب
على الدولة وعلى الإسلام والعروبة ونحن سنرد بالإيجاب على هذا الإعلان،
فعباداتكم الله أولى بها ولن نكون أكثر حكمة منه في معالجة أمر كهذا، إنما ديننا يأمرنا
بمقاتلة من يزاحمنا في ديارنا أو يخرجنا منها.
انشقاق علويّ علويّ
مصادر من داخل الطائفة العلوية أكدت ان الانشقاق
حصل وتم ولم يبق إلا الإعلان عنه، وأن عشيرة الميلاتية والحدادية والمحارزة دخلوا
في تحالف مضاد للكلابنة (منهم آل الأسد) والخياطية، الأخيرون الذين يتسيدون التوجه
التشيعي في الطائفة بزعامة آل الأسد. وهذا هو سر الاضطرابات التي تحصل في تنقلات
ضباط الجيش السوري حيث سحبت من الميلاتية امتيازات السيطرة على المخابرات وأبدلت
بطواقم علوية تدربت في ايران وهم من الخياطية والكلابنه. وهو السبب وراء تسريح
أقوى ضباط مخابرات من العلويين الميلاتية حيث انضموا الى زعيمهم رئيس المخابرات
الأسبق علي دوبا الذي رفض بشكل قاطع استقبال موفد من الخامنئي في الفترة الأخير
وتسرب أنه قال للموفد: نحن العلويين قاتلنا بأظافرنا وأسناننا لنأخذ اعتراف
الإسلام بنا وأنتم تريدون الآن وضعنا على المشانق لقد مات حافظ الأسد وصلّى عليه
السنة وأنتم تريدون ألا يصلي على الرئيس الحالي إلا الشيعة. هذه مجزرة وخيانة أقسم
بإيماني أنني سأحاربها حتى لو حساب حياتي الشخصية. ولهذا أعربت أطراف عن قناعتها
بأن الإشارة المتكررة في الإعلام السوري الى أن ابن علي دوبا موجود في السجون بسبب
اتهامه بسرقة السيارات هي من انتاج جهاز الضخ الإيراني وقصد منه سحب الشرعية عن
أبيه كونه يواجه تشييع الطائفة.
ماهو موقف الطائفة
تشيّع بشار الأسد رسميا وتقبيله ليد مرشد الثورة
إعلانا بالولاء (لم يعلم بعد إذا ما كان آل الأخرس وهم أهل السيدة الأولى ما إذا
كانوا قد تشيعوا هم أيضا مع العلم بأن آل الأخرس من العائلات السنية الشهيرة في
مدينة حمص السورية)، في الواقع هو بداية النهاية له كنظام، ولم يعد مطلوبا من
أبناء طائفته الكريمة إلا أن يحددوا موقفهم من تشيعه بعد أن حكم باسمهم وغدر بهم.
فما هو الموقف العلوي الآن بعدما اختصرنا موقف سنة دمشق من تشيع رأس السلطة بشار
واحتمالات تحول العلويين الى ولاية الفقيه وما يهدد أمن سوريا في صميمها الإسلامي
والقومي, فهل يريد العلويون ولاية الفقيه أم الدولة
السورية؟ وهل انهار تراث حافظ الأسد الى درجة أن خط السير ما بين جبال العلويين
وطهران صار يحتاج لشرطة مرور دولية لتنظمه من شدة الازدحام؟.
أسئلة أسألها لنفسي، ولكم، ولله وللتاريخ.