أنواعها متعددة وسعرها يبدأ من 50 إلى 600 جنيه:
رواج كبير لـ "صواعق الدفاع عن النفس" بين المصريين
الأنواع الصغرى وعبوات الرش الأكثر انتشارا بين الفتيات والأبعد تأثيرا بين رجال الأعمال
طبيب نفسى: زيادة 50 بالمائة فى المترددين على العيادة بعد أحداث يناير 2011
طبيب مخ وأعصاب: استخدامها يسبب توقف لنشاط المخ وتؤثر على عضلة القلب
مصدر أمنى: استخدامها بشكل خاطىء يوقع من يستخدمها تحت طائلة القانون
القاهرة محمود خليل:
بعد أشهر معدودات من أحداث يناير 2011 فى مصر, وما شهدته من انفلات أمنى شديد, شهدت شوارع القاهرة انتشارا لبائعى الصواعق التى تستخدم للدفاع عن النفس, وصار طبيعيا أن يحمل القاهرى أو القاهرية صاعقا فى حقيبته أو يده ليستخدمه عند الحاجة فقد يتعرض لعملية سطو أو تهديد من قبل البلطجية الذين استغلوا الحالة الأمنية الضعيفة عقب اضطرابات يناير ليمارسوا نشاطهم الإجرامى.
رصدت "السياسة" هذه الظاهرة, وأجرت حوارا مع الباعة والمشترين, وعدد من الخبراء لبيان أسباب انتشار هذه الصواعق, وخطورتها وأهميتها فى ذات الوقت لمستخدميها ضد البلطجية واللصوص, ومدى تأثيرها على جسد من تستخدم ضده.
التقينا فى البداية مع "حمادة" أحد باعة هذه الصواعق, وهو شاب فى بداية العشرينيات من عمره, وسألناه عن تلك الأسلحة ومن يشتريها وأسعارها ومن أين يأتى بها فقال:
هذه الصواعق باتت مهمة جدا فى الوقت الحالى للدفاع عن النفس, بعد الانفلات الأمنى الذى شهدته مصر, منذ يناير 2011, وقد وجدت رواجا بين المصريين خاصة الفتيات والسيدات, فمعظم المشترين من النساء سواء بأنفسهن أو عن طريق أزواجهن أو والديهن, فمعظم الموظفات والطالبات حاليا يحملن صاعقا للدفاع عن أنفسهن فى مواجهة البلطجية أو المتحرشين.
يضيف: الأسعار كانت منذ ستة أشهر مرتفعة جدا فكان سعر الصاعق يصل إلى 300 جنيه, أما اليوم فإن الصاعق يبدأ سعره من 80 جنيه ويصل إلى 300 جنيه, طبقا للنوع ومدى تأثيره, مشيرا إلى أن الصاعق الصغير يعمل بالشحن الكهربائى ويجب أن يلمس جسد أو ملابس البلطجى, أما الصاعق الكبير فيمكن أن يصيب البلطجى أو المهاجم من على بعد متر كامل.
عن تأثير الصاعق يقول: تأثير الصاعق على المهاجم يصل إلى ربع ساعة من الإغماء, لأنه يصدر كهرباء بقوة 3000 فولت, مضيفا أن هناك أنواع أخرى من وسائل الدفاع عن النفس ومنها "الرشاش", وسعره 65 جنيه وهو عبارة عن زجاجة بها سائل يقوم المستخدم برشها على وجه البلطجى أو المهاجم, فيصاب بالإغماء لمدة ربع ساعة أيضا, والعبوة الواحدة تكفى أكثر من 5 مرات.
لفت نظرنا تليفون محمول كان موضوعا على الاستاند ضمن الصواعق فسألناه هل تبيع تليفونات أيضا؟
ضحك وأمسك بالتليفون وفتحه فإذا به صاعق ولكن على شكل تليفون محمول مضيفا أنه صمم على هذا الشكل حتى لا يلفت نظر أحد, وهو صاعق جيد لأنه سوف يخدع المهاجم أو البلطجى وساعتئذ يفاجىء بأنه صاعق وقبل أن ينتبه يكون قد اغمى عليه, بعد أن يكون الشخص قد ضربه به.
نفى "حمادة" أن يكون الصاعق محظور أمنيا, لإنه لا يحتاج إلى ترخيص أو تصريح أمنى, مشيرا إلى إنه يحصل على تلك الصواعق من تجار فى شارع عبد العزيز والذين يحصلون عليها بالتالى من مستوردين يجلبونها من الصين, فكل الصواعق صناعة صينية, رغم أن بعضها يحمل علما أمريكيا؟!.
التقينا عددا من المشترين حيث أشارت نسرين (طالبة بكلية العلوم – جامعة عين شمس): جئت لاشترى صاعقا لحماية نفسى من المتحرشين فى الشارع, وكذلك حماية لى من أى هجوم من جانب البلطجية.
سألناها: ولكن كيف يحدث ذلك والمهاجم لن يعطيك فرصة لتخرجى الصاعق من حقيبتك؟
قالت: اشتريت صاعقا صغيرا وأمسكه فى يدى دائما وأنا أسير فى الشارع, بعد لفه بمنديل حتى لا الفت النظر إليه.
تتدخل زميلتها رضوى وتضيف: مجرد وجود الصاعق مع الفتاة يحقق لها نوعا ما من الشعور بالأمان, فقد اشتريت صاعقا وأضعه بجانبى فى باب السيارة, حتى إذا تعرض لى بلطجيا فيمكننى استخدامه بسهولة حيث "أمثل" إننى افتح الباب ثم أضرب به البلطجى.
أما حسين عبد المنعم (موظف) فيقول: جئت لأشترى صاعقين الأول لزوجتى والأخر لابنتى, وقد اخترت صاعقين صغيرين ليكونا مناسبين لهما, حتى يستطيعا استخدامهما.
يرى عبد المجيد الصعيدى (تاجر) أن الصاعق من أفضل الاختراعات التى تم استيرادها خاصة فى تلك الفترة, وقد اشتريت صاعقين الأول صغير واستخدمه فى الأوقات العادية, أما الكبير فاستخدمه أثناء الفجر حيث أخرج إلى السوق, وكذا فى المساء أثناء عودتى من السوق, لأننى اقطن إحدى قرى محافظة القليوبية وأخرج يوميا فى الفجر لبيع الخضر والفاكهة, وأعود فى المساء ولأن الشارع لم يعد أمنا وانتشرت عصابات الخطف والسرقة فقد استعنت بالصاعق الكبير الذى يصيب عن بعد تجنبا لأى خطر, خاصة وأن حمل السلاح قد يكون له آثارا قانونية, كما أن ترخيصه يحتاج إلى وقت كبير.
يؤكد صلاح محمود (موظف بمؤسسة صحفية حكومية) إنه اشترى اثنين وقد تلفا بعد فترة من استخدامهما, وقام بإصلاحهما ولكنهما تلفا مرة أخرى فتركهما, مشيرا إلى أن الله تعالى هو الحافظ داعيا المولى عز وجل أن يعود الأمن والأمان مرة أخرى إلى ربوع مصر.
تركنا ميدان العتبة واتصلنا بشخص يدعى سعيد الفرماوى الذى نشر إعلانا عن بيع الصواعق وطلبنا منه بيانا لما لديه من أنواع الصواعق فأكد لنا أن كل الصواعق التى يبيعها منتج أمريكى أصلى وليس صينيا مقلدا يتلف بعد فترة, مشيرا إلى وجود صواعق متعددة أخطرها ذلك الصاعق الذى يصيب المهاجم أو البلطجى من بعد ثلاثة أمتار ويصل ثمنه إلى 800 جنيه, ويصل تأثيره إلى مسافة خمسة أمتار, حيث يشعر المهاجم بسريان الكهرباء فى جسده من تلك المسافة, بل ويستطيع اختراق الملابس حتى 3 سم.
يضيف: هناك أنواع أخرى من مواد الدفاع عن النفس منها "لسيون" حارق للعيون له رائحة قوية وممتد المفعول ويجد اقبالا كبيرا من الفتيات والسيدات إذ إنه يستخدم عن طريق الضغط على العبوة مثل الولاعة أو عبوة البرفام, حيث يخرج منه سائل من مادة "الكبسيسين" مندفعا ويصيب المهاجم بالإغماء من على بعد ثلاثة أمتار, ويبدأ سعر العبوة من 25 جنيه, ومعها زجاجة ثمنها 40 جنية لإعادة التعبئة وتكفى لإعادة تعبئة عبوة الرش 4 مرات, وهناك أنواع أخرى أكبر ويبلغ سعر العبوة 100 ملى 80 جنيه, والعبوة 300 ملى مائة جنيه, كما يوجد عبوة على شكل قلم حتى لا يتم اكتشافه ويسهل حمله خاصة لرجال الأعمال والسيدات ويصل سعره إلى 50 جنيه, كما يوجد صاعق يصيب المهاجم من على بعد عشرة أمتار والجديد إنه مزود بالليزر لتحديد الهدف, ويصل سعره إلى 600 جنيه.
المثير فى الأمر أن بائعى العتبة يبيعون الأنواع الصينى المقلدة بأسعار أغلى من المنتج الأصلى بنسبة تقترب من 40 بالمائة, ولذا يجب على المشترى أن "يفاصل" فى السعر قبل الدفع فقد يصل سعر الصاعق المعروض بمائة جنيه على سبيل المثال إلى 60 جنيه, وهذا ما شهدناه أثناء محاورتنا للبائع الذى يستغل مهارته فى إقناع المشترى بالسعر الذى يطلبه, وحينما يجد المشترى غير مقتنع به يظل يخفض فى السعر حتى يصل إلى السعر الحقيقى له!!.
يرى الدكتور حسام إبراهيم معاطى أستاذ المخ والأعصاب بجامعة بنها أن الصواعق المنتشرة حاليا فى شوارع القاهرة غير معلومة المصدر وبالتالى فالمعلومات المكتوبة عليها غير كاملة ولا نستطيع قياس تأثيرها على جسد الإنسان بدون تلك البيانات لأنه يوجد قدرة للجسم على تحمل التيار الكهربائى والمفترض أن تلك الأجهزة تكون لها قوى مختلفة مقصود بها إحداث صدمة واضطراب مؤقت للمهاجم يسمح للشخص بالابتعاد عن مصدر التهديد, وفى الظروف العادية نجد أن الأجهزة القادمة من شركات معترف بها مدون عليها الميجا هيرتز وهى تسبب صدمة تبعد المهاجم وبعضها يتسبب فى فقدان للوعى من ثانية إلى 3 ثوانى ويقينا غذا استخدمت بغرض الإيذاء وتم توصيلها بجسد الإنسان فقد تحدث مضار شديدة أهمها إنها تؤثر على نشاط المخ وعلى عضلة القلب.
وحول المعلومات التى يرددها الباعة يضيف: إن المعتاد هو من 800 إلى ألف ميجا هيرتز, وهى تنتج فى شركات أمريكية وأوروبية وهى التى نستطيع أن نحكم عليها, أما أجهزة الشارع فهى غير مكتوب عليها صنع فى الصين وبالتالى فهى أجهزة غير مضمونة وتشحن بالكهرباء وحتى تعطى القوة المطلوبة فتكون غالية السعر, بخلاف ما يباع على الأرصفة, ولذا إذا كان لابد من الاستخدام فيفضل استخدام الأجهزة الأصلية.
عن الأجهزة الإسبراى يشير إلى انها تستخدم لتهييج العين فيضطر المهاجم لغلق عينيه بما يسمح للشخص من الهرب أو الابتعاد عن مكان الهجوم وإذا كانت تلك الأجهزة غير أصلية فقد ينتج عنها عمى أو ضرر للإنسان, لأن الأجهزة المقلدة قد تكون فيها مواد حارقة.
حول تأثير تلك الصواعق على الحالة النفسية للمواطنين يشير الدكتور خالد رجب عبد الحكيم دراسات عليا ماجستير أمراض المخ والأعصاب والطب النفسى, إلى زيادة كبيرة فى أعداد المرضى النفسيين بعد أحداث يناير 2011 والتى بلغت أكثر من 50 بالمائة –حسب زوار عيادته- غالبيتهم ممن كانوا فى ميدان التحرير أثناء أضطرابات يناير 2011 وحضروا إلى العيادة وهم يعانون من حالة شديدة من الخوف والهلع, مشيرا إلى أن استخدام العديد من المواطنين للصواعق, أو ما يسمى بوسائل الدفاع عن النفس طبيعى جدا فى تلك المرحلة التى تعيشها مصر بسبب حالة الانفلات الأمنى التى تشهدها حاليا, وكذا حالة الخوف والهلع والترقب الذى يعيشه المواطن المصرى, والذى لا يدرى وهو يسير فى الشارع أو كان موجودا فى منزله أو مقر عمله, هل سوف يتعرض للسرقة أو القتل, مشيرا إلى أن الفتيات والسيدات أصبن أكثر من غيرهن بتلك الحالة من الخوف, ولذا يحرصن على حمل تلك الأسلحة الدفاعية, وهو أمر له مايبرره بسبب ما يشاهدنه فى وسائل الإعلام أو على أرض الواقع من مظاهرات وحوادث تخريب وتدمير وحرق, وما يسمعن عنه من حوادث قتل وسرقات.
وفى النهاية يرى تحسين إسماعيل المحامى بالنقض أن القانون المصرى لا يسمح بحمل أى أسلحة شخصية للدفاع عن النفس مثل أمريكا ودول أخرى إلا بترخيص مثل حمل الأسلحة النارية –المسدسات- ولذا فغير مسموح باستيراد تلك الأسلحة –ومنها الصواعق والإسبراى- ويتم مصادرتها فى المطار والموانىء لذا فهناك قانون خاص صدر بعد انتشار مطاوى "القرن غزال", وهو ما ينطبق حاليا على جميع الأسلحة البيضاء مثل المطاورى والسنج والسكاكين والسيوف وغيرها, مثلما ينطبق على الأسلحة النارية وما شابهها مثل الصواعق الكهربائية, مشيرا إلى أن كل تلك الصواعق دخلت البلاد بشكل غير قانونى, ولذا فهى تشكل تهديدا للمواطنين ولكن نظرا للحالة الأمنية للبلاد حاليا, فقد يتم التغاضى عن حمل تلك الصواعق وباقى أسلحة الدفاع عن النفس مثل الإسبراى, ولكن مع عودة الاستقرار الأمنى للبلاد فسوف يقع مستخدم تلك الأسلحة للعقاب خاصة إن هناك من يستخدمها فى السطو أو السرقة وهناك من يستخدمها أثناء التهريج مع زملائه أو أقرانه ولذا فإذا استخدمت بأسلوب خاطىء وأدت مثلا إلى وفاة أو إصابة بعاهة مستديمة فإن من يستخدمها سيقع تحت طائلة القانون,
يؤكد تحسين أن وزارة الداخلية أصدرت مؤخرا كثيرا من تراخيص حمل السلاح للمواطنين الذين تقدموا للوزارة للترخيص لهم بحمل السلاح مشيرا إلى أن اصدار التراخيص تصدر وفقا للإجراءات التى وضعتها الوزارة وأهمها أن لا يقل سن المتقدم عن 21 عاما وأن لايكون من المشتبه فيهم أو من مرضى الأمراض النفسية أو العصبية أو المحكوم عليهم أو المنفذين لعقوبات حبس سابقة، اللياقة الصحية لحمل السلاح, مؤكدا أن كثيرا من المواطنين بعد أحداث يناير 2011 والانفلات الأمنى فضلت حمل السلاح دفاعا عن النفس خاصة التجار وذوى الأملاك, وأصحاب الوظائف المهمة مثل القضاة وأعضاء النيابة على سبيل المثال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق