الاثنين، أغسطس 25، 2008

الحل السحرى لمشكلة التحرش الجنسى

الحل السحرى لمشكلة التحرش الجنسى
                                
كتب محمود خليل:

الحل أيها السادة لمشكلة التحرش يكمن فى كلمتين اثنتين هما (الدين والأخلاق).. إن الإسلام دين لا يقر أي اتصال بين الرجال والنساء إلا من خلال الزواج الشرعي بشروطه الشرعية المعروفة وهو يحرم كل ضروب الفحشاء (ما ظهر منها وما بطن) ويطبق عقوبات رادعة على مم يرتكبها.. وقبل العقوبات يفتح الإسلام كل الأبواب لتيسير الزواج والإحصان كما يغلق كل أبواب الحرام ويضع من التدابير الوقائية ما يحُول بين المسلمين وبين الرذيلة ابتداء من النظرة إلى المرأة الأجنبية وحتى الخلوة بها ويحارب الشائعات المغرضة ورمي المحصنات وينظف المجتمع من كل ما يحض على الرذيلة أو يزينها أو يهون من ارتكابها ثم إنه يسمح بتعدد الزوجات ويبيح الطلاق وينهى عن "عَضْل" النساء, وعن "تبتُّل" الرجال.. هذه هي معالم العفة الجنسية في الإسلام وتنعكس هذه "العفة" أو "العفاف" على مظهر المسلم وملبسه رجلاً كان أو امرأة فالمرأة منهية عن التبرج ومأمورة بلباس الحشمة والوقار والستر والرجل مأمور بستر العورة..
وفي مواجهة "العفاف والستر" الذى يدعو إليه الإسلام رجعت أوروبا العلمانية الحديثة إلى التراث اليوناني والروماني الوثني فكانت دعوتها وممارساتها مضادة للعفاف الذي يفرضه الإسلام.. وكان اليونانيون ضد "الستر" حيث كان الرياضيون يشاركون في المسابقات المختلفة وهم عُراة تماماً وزعم أفلاطون أن "الأفضل هو تعرية الجسد" لأن العري لم يعد يثير السخرية عند اليونانيين.. وكان أفلاطون قد رسم نظاماً مثالياً لدولته الخيالية فى كتابه "الجمهورية" بجعل النساء فيها "مشاعاً" وعلى هذا التراث بُنيت علاقات الرجال والنساء فى أوروبا.. وللأسف يسير بعض المصريين المهووسين بتقليد أوروبا فى كل شيىء على نفس الطريق نابذين شريعة الإسلام.. ووجد المسلمون أنفسهم في مواجهة هذا التحدي الأخلاقى..
لقد كان المجتمع المصري ملتزماً بالإسلام وأخلاقياته وكان كل خروج عليها يكون جزاؤه الردع والعقاب وكان الحجاب على رؤوس النساء جميعاً حتى المسيحيات واليهوديات المصريات ولم تكن هناك امرأة سافرة إلا زوجات القناصل الأوروبيات ومع انتشار النساء السافرات من الفرنسيات في شوارع القاهرة (جاء مع نابليون 300 امرأة فرنسية) واستهتارهن الشديد وتبذُّلهن أخذت بعض النساء -غير المسلمات- في محاكاتهن وبعد حوالي 14 شهراً انقلبت الأوضاع انقلاباً شنيعاً (حسب وصف الجبرتى للأوضاع فى مصر حينئذ) ووقع تلك الليلة بالبحر (يقصد نهر النيل) وسواحله من الفواحش والتجاهر بالمعاصي والفسوق ما لا يكيف ولا يوصف وسلك بعض غوغاء العامة وأسافل العالم (يقصد أسافل الناس) ورعاعهم مسالك تسفل الخلاعة ورذالة الرقاعة بدون أن ينكر أحد على أحد من الحكام أو غيرهم بل كل إنسان يفعل ما تشتهيه نفسه وما يخطر على باله وإن لم يكن من أمثاله".. ويصف هذه الأوضاع أيضاً "نقولا الترك" المؤرخ اليوناني الذي شاهد الأحداث فيقول: "وخرجت النساء خروجاً شنيعاً مع الفرنساوية وبقيت مدينة مصر (يقصد مدينة القاهرة) مثل باريس في شرب الخمر والمسكرات والأشياء التي لا ترضي رب السماوات" ويصف رد فعل الشعب المصري المسلم فيقول: "إن المصريين كادوا أن يموتوا من الغيظ حين كانوا يرون تلك المناظر" وكان إحلال "الإباحية" محل "العفاف" - أحد البواعث الأساسية للثورة ضد الفرنسيين.. وكان الثوار هم أئمة المسلمين وطلاب الأزهر الذين قادوا الثورة ومعهم الطبقة الفقيرة وبعد ثلاث سنوات تم طرد المحتلين الفرنسيين وعاد الحكم العثماني من جديد وتولى "محمد علي" حكم البلاد باسم الدولة العثمانية وعاد التوقير لأخلاق العفاف والستر الإسلامية لكن جرثومة الإباحية والسفور كانت قد أصابت بعض العائلات والأفراد وأخذت تفعل فيهم فِعلها كالمرض الخبيث..
أرسل محمد على البعثات إلى أوروبا في مختلف مجالات العلوم وعاد المبعوثون وقد حملوا معهم توجهات ثقافية مجافية للثقافة الإسلامية وعبر (رفاعة الطهطاوي) عن هذه التوجهات فنفي أن يكون التبرج والاختلاط من دواعي الفساد فحين تحدث عن تحلُّل الفرنسيين من ضوابط العفاف والستر سمى التحلل "لخبطة"! فقال: "إن نوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن بل منشأ ذلك التربية الجيدة والخسيسة"!!..
فلما تقلد إسماعيل منصب الخديوية وكانت تربيته فرنسية حيث مكث في باريس فترة كطالب بعثة لكنه لم يحصِّل شيئاً من العلوم وأحب الفرنسيين جداً ففتح لهم البلاد على مصراعيها فجاءوا بكثرة وجلبوا معهم أخلاقياتهم التي لا تعترف بالعفاف والستر.. وكانت المدارس الأجنبية التى افتتحها إسماعيل تخرِّج أناساً فقدوا الولاء للدين والوطن "ونال كثير منهم الحماية الأجنبية بواسطة القناصل فصاروا في حكم الأجانب في انتمائهم للدول الأجنبية وميولهم إليها" بعد أن طرحوا أخلاق العفاف والستر وحاكوا الأجانب في السفور والتبرج والتحلل بل إن بعضهم ارتدّ عن الإسلام بحكم المنهج التنصيرى الذى تتبعه هذه المدارس مع طلابها المسلمين!!..
ومع احتلال بريطانيا لمصر فى عهد الخديوى توفيق سعت منذ وطئت أقدامها مصر لإحلال نماذج العلاقات الأوروبية بين الرجال والنساء محل "العفاف والستر" الموجود بمصر وقد أدركت أن هذا الإحلال يمثل شطراً مهماً جداً في المشروع الأوروبى للقضاء على هوية الشعوب المسلمة واستقلالها العقائدي والتشريعي والأخلاقي وكانت علاقات الرجال والنساء مدخلاً لذلك فلم يتوانوا عن استغلاله ووجد المسلمون أنفسهم في مواجهة هذا التحدي والعدو هو المسيطر على شئون بلادهم فبيده السلطة والمال ومعه الشهوات الحيوانية الفطرية وهو يزين للناس الهبوط والانفلات من ضوابط العفاف والستر.. وظل الصراع بين شد وجذب حتى بعد رحيل البريطانيين عن مصر عن طريق العلاقات بين الشعوب بشكلها المباشر (السياحة والبعثات الدراسية والمدارس الأجنبية) أو الاحتكاكات غير المباشرة عن طريق الفن ووسائل الإعلام..
لقد حاولت المسيحية والبوذية وغيرهما من المذاهب التي ترى السمو الروحي مستحيلاً بغير الاستعلاء على الرغبات وأخطرها رغبة الجسد بالجنس فكانت فكرة الرهبنة وفي الإسلام حاول بعض الصوفيين سلوك نفس الطريق ولكن عاد الجميع بخفي حنين لأن الفطرة انتصرت وهى الفطرة التى أسيء استغلالها من طرف الكثيرين فنشأت أوسع تجارة لابتزاز الرغبة واللعب على أوتارها ليدفع الزبائن ويصبح الجنس بضاعة وتجارة وصناعة لتحقيق منافع اقتصادية أو منافع استعمارية بينما دين الإسلام بكل ما يحمله من انفتاح ومرونة واستيعاب في تعامله مع مسألة الرغبة -لأنها من الدين ذاته- وكلاهما من الله "الرغبة الفطرية وأحكام الشرع" حيث وضع الحلول لكل مشاكل الجنس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إن أمريكا اليوم تدعو إلى العفة حيث ظهر في السنوات الأخيرة تيار واسع ينادي بالعودة إلى الدين وإلى أخلاقياته وكان "ريجان" قد دعا إلى السماح بأداء الصلاة في المدارس ثم جاء "بوش" فوضع الدين والأخلاق في برنامجه الانتخابي ويُعزَى فوز الجمهوريين في انتخابات الكونجرس الأخيرة إلى استجابتهم لذلك التيار الشعبي إذ إنهم وضعوا عناصر دينية وأخلاقية ضمن برامجهم الانتخابية وقد بيَّن استطلاع للرأي -أجراه معهد "جالوب"- أن أغلبية الأمريكيين توافق على أداء الصلاة في المدارس لمختلف الأديان -بما فيها الإسلام- وتكونت مؤسسات تدعو الأمريكيات إلى الحفاظ على عفتهن والترفُّع على الإباحية الشائعة.. أما نحن فى مصر فما زال البعض من المتأثرين بنماذج الاحتلال الفرنسى والبريطانى يدعون إلى الفساد الاخلاقى والفاحشة والإباحية ويحاربون الإسلام ويستنكرون العفة والستر لشبابنا وفتياتنا؟!..  

الحل أيها السادة لمشكلة التحرش يكمن فى كلمتين اثنتين "الدين والأخلاق".. أيها السادة عودوا إلى الله.. اصطلحوا مع الله.. توبوا إلى الله.. استغفروا الله حتى يقينا شرور أنفسنا والآخرين فلا ملجأ من الله ألا إليه.. ففروا إليه.. عودوا إلى الدين.. كفى فسادا.. كفى رشاوى.. وفروا فرص العمل للشباب.. وفروا الشقق والمساكن للشباب حتى يستطيع أن يعف نفسه.. أمنعوا مهازل الفيديو كليب الداعية إلى الجنس.. ألزموا الممثلات والمغنيات بالاحتشام.. ادعوا الأسر إلى تخفيف أعباء الزواج.. أغلقوا منافذ الجنس والتحرش وساعتها لن تجدوا متحرش واحد.. 

السبت، أغسطس 09، 2008

نهضة التعليم تبدأ بحل الأزمة الاقتصادية

نهضة التعليم تبدأ بحل الأزمة الاقتصادية

كتب محمود خليل:
بدأت وزارة التربية والتعليم حوارا لتطوير التعليم لخلق مواطن مصرى جديد من خلال تطوير نظام التعليم المصرى وكيفية الاهتمام بهوايات التلميذ منذ المرحلة المبكرة من حياته وينسى القائمون على تلك العملية دور المدرس الذى كان قديما يهتم بالتلاميذ ويوجه النابهين منهم إلى الطريق الصحيح لحياتهم فالمدرس وقتها كان البوصلة التى كنا نهتدى بها فى رسم طريق حياتنا العلمية والعملية ومامن عالم أو كاتب أو طبيب أو شاعر ألا وكان مدرس المرحلة الابتدائية بصفة خاصة له بصمة فى حياته ثم يتلو ذلك مدرسى باقى المراحل حتى المرحلة الجامعية ولذلك نقول للسادة المشرفين على عملية التعليم أن المدرس هو الأساس فى هذه العملية وبدونه لن تنجح عملية التطوير والنهضة التى ننشدها ولكن ذلك لن يتأتى ألا بحل الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها أفراد المجتمع كله ومن بينهم المدرسين الذين اتجهوا إلى الدروس الخصوصية لتلبية حاجاتهم الاقتصادية وبالتالى لم يعد لديهم تلك الرغبة فى توجيه تلاميذهم إلى الطريق السليم وتنمية مواهبهم لخدمة الوطن خاصة وأن المدرسين ومنذ الثمانينيات وحتى اليوم يحتاجون إلى إعادة تأهيل ليكون لدينا مدرس كفء وبالمواصفات المطلوبة لخلق جيل صالح يتولى زمام الأمور فى المستقبل, ولذلك نرى أن حل الأزمة الاقتصادية هو البداية.
لقد بدأت حياتى الصحفية مبكرا جدا قبل أن التحق رسميا ببلاط صاحبة الجلالة إذ كنت أراسل صحيفتى الأخبار والأهرام منذ سن الخامسة عشرة وكنت مازلت بعد أدرس بالمرحلة الإعدادية وكنت قد تتلمذت على يد السيدة سهير حامد ندا مدرستى فى المرحلة الابتدائية والتى كان لها عظيم الأثر فى مسيرة حياتى وكانت تتنبأ لى بمستقبل جيد لذا احتضنتنى منذ كنت فى السنة الأولى وحتى نهاية المرحلة الابتدائية ووجهتنى إلى أهمية القراءة والإطلاع بعد أن وجدت لدى طوح واستعداد فطرى لذلك, فنمت لدى تلك الهواية الممتعة, ومن جانبى كنت أدخر التعريفة –نصف القرش لمن لم يعاصر تلك العملة- التى كانت مصروفى اليومى حتى نهاية الأسبوع وأذهب إلى سوق الخميس بالمطرية لأشترى بما ادخرت عدة قصص ومجلات مثل ميكى وسمير وتان تان, وبمرور الأيام تكونت لدى مكتبة تنوعت طبقا لمراحل وسنى عمرى ومن خلالها ومن خلال جريدة الأخبار التى كان والدى –رحمة الله عليه- يواظب على شرائها تكونت لدى حصيلة معرفية لا بأس بها مكنتنى من مراسلة الأستاذة فاطمة صقر الصحفية بالأخبار وكانت تقدم باب "بين الأصدقاء" كل يوم جمعة ونشرت لى أول رسالة فى عام 1975 تقريبا ثم توالت قراءتى ونمت مكتبتى حيث أصبحت أواظب على زيارة سور الأزبكية القديم منذ المرحلة الإعدادية لشراء الكتب والمجلات القديمة من حصيلة مصروفى الذى كان لا يتعدى الشلن كل يوم وأيضا من حصيلة مدخراتى خلال عملى فى الفترة الصيفية فى هذه السن المبكرة مما مكنى من أن اقتنى مجموعة كتب متنوعة من أشهر الكتب ولأشهر الكتاب, وحينما وصلت المرحلة الجامعية بدأت أواظب على شراء الجرائد اليومية الثلاث رغم أن مصروفى وقتها كان ربع جنيه فقط !!.. ثم بدأت أراسل بريد الأهرام والذى نشر لى عددا لا بأس به من الرسائل التى خطوت بها أولى خطواتى فى بلاط صاحبة الجلالة وبعدها حددت طريقى فى الحياة وهو أن أصبح صحفيا وقمت بمحاولات عدة للالتحاق بجريدة الأخبار ثم الأهرام ولكن كانت الأبواب مغلقة أو لنقل أن الله سبحانه وتعالى كان يرسم لى طريقا آخر فبعد الانتهاء من تأدية الخدمة العسكرية التحقت بجريدة الأحرار منذ منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضى ورغم الصعوبات التى واجهتنى للانضمام إلى الأسرة الصحفية فإننى تحملتها بصبر وجلد حتى تحقق لى الانضمام لنقابتنا العريقة "نقابة الصحفيين" ذات التاريخ الطويل فى الدفاع عن الأمة ومصالحها ليس الأمة المصرية فحسب ولكن الأمة العربية والإسلامية كذلك.
ولقد وضعت شعارا لحياتى الصحفية لم أحد عنه وهو "بحثا عن الحقيقة.. وتصحيحا للمفاهيم الخاطئة" لأننى –تأثرا بمن تتلمذت على يديهم من خلال كتبهم ومقالاتهم- أعتبر أن الصحافة رسالة تجاه الوطن والمواطن والدين ولا غرو فى ذلك فلقد تربيت على ذلك منذ صغرى سواء على يد والدى أو على يد مدرستى –رحمهما الله- أو على يد أساتذتى فى قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس ومنهم الدكتور رأفت عبد الحميد –رحمة الله عليه- أو من خلال تلمذتى على يد كل من قرأت لهم سواء كتبا أو مقالات نشروها بالصحف أو حتى من خلال برامج الإذاعة التى كنت حريصا على متابعتها منذ الصغر مثل برنامج زيارة لمكتبة فلان للإذاعية نادية صالح أو برنامج شاهد على العصر للإذاعى عمر بطيشه و برامج أخرى كانت تستضيف الرواد والأساتذة فى مختلف فروع الأدب والفن والعلم والمعرفة فتكونت لدى -بجانب دراستى للتاريخ- حصيلة متنوعة من المعرفة أهلتنى لأكتب فى كافة الأبواب الصحفية حيث كتبت فى الرياضة والجريمة والقضايا والفن والطب والاجتماع والاقتصاد والزراعة وغيرها.
وبعد هذا المشوار الطويل شعرت بمدى هوانى (مثلى كثيرون من صحفيين وأساتذة جامعة وأطباء ومهندسين.. وغيرهم) وقد بددت ربع قرن من عمرى دون أن أحقق أملى فى حياة كريمة وأن أوفر لأولادى المعيشة التى تليق بهم كبشر أولا وكأبناء صحفى ثانيا وأنا أرى اهتمام الدولة بكافة مؤسساتها بالأقدام والأجساد أكثر من العقول رغم أن العقول هى التى تصنع الأمة وبها تتقدم فلم تتقدم أمة يوما بلاعبى الكرة أو بالراقصات أو الممثلات والمغنيات وانظروا إلى أمريكا وفرنسا وانجلترا وألمانيا وروسيا والصين وحتى إلى إسرائيل.. هل تعطى هذه الدول رسميا وبكافة هيئاتها وسلطاتها هذا الاهتمام المبالغ فيه الذى نعطيه فى مصر للاعبين والمغنيين والممثلات والراقصات ونهمل أصحاب الفكر والقلم والبحث والعلم والدين؟!!..
لذلك قررت أن أبادر بإعلان اعتزالى للصحافة والاتجاه إلى الملاعب الخضراء لعلى أحصل على عدة ملايين قبل أن يتقدم بى العمر أكثر منذ ذلك فلقد بلغت منتصف الأربعينيات وحتى الآن أقيم فى شقة إيجار ومهدد بالطرد منها لأن صاحبها رفع الإيجار ثلاثة أضعاف ولما كنت من ذوى الدخل المحدود ولا أستطيع دفع ألف وخمسمائة جنيه إيجارا فى الشهر لم يعد أمامى سوى ارتداء "شورت وفانلة وكوتشى" وألعب "كام ماتش" حتى أحصل على أحدى البطولات لتفتح لى أبواب جميع المسئولين فى الدولة وأحصل على عدة ملايين من الجنيهات من الحكومة ومن رجال الأعمال ويتدخل الكبير والصغير لحل جميع مشكلاتى ودون الحاجة لتقديم مظالم أو عقد مؤتمرات أو الاعتصام أو الإضراب للحصول على عدة جنيهات زيادة فى المرتب!!

فانتبهوا يا أولى الأمر.. لأن اختزال الانتماء إلى مصر وإلى العلم المصرى فى الرياضة أو كرة القدم على وجه التحديد أمر جد خطير على البلاد وعلى الأجيال القادمة ولن يحقق لنا النهضة التى ننشدها.. ولذلك اقولها بكل حسرة أن مصر فى خطر إذا ظل الحال على ما هو عليه. 

نهضة التعليم تبدأ بحل الأزمة الاقتصادية

نهضة التعليم تبدأ بحل الأزمة الاقتصادية


كتب محمود خليل:
بدأت وزارة التربية والتعليم حوارا لتطوير التعليم لخلق مواطن مصرى جديد من خلال تطوير نظام التعليم المصرى وكيفية الاهتمام بهوايات التلميذ منذ المرحلة المبكرة من حياته وينسى القائمون على تلك العملية دور المدرس الذى كان قديما يهتم بالتلاميذ ويوجه النابهين منهم إلى الطريق الصحيح لحياتهم فالمدرس وقتها هو البوصلة التى كنا نهتدى بها فى رسم طريق حياتنا العملية ومامن عالم أو كاتب أو طبيب أو شاعر ألا وكان مدرس المرحلة الابتدائية بصفة خاصة له بصمة فى حياته ثم يتلو ذلك مدرسى باقى المراحل حتى المرحلة الجامعية ولذلك نقول للسادة المشرفين على عملية التعليم أن المدرس هو الأساس فى هذه العملية وبدونه لن تنجح عملية التطوير والنهضة التى ننشدها ولكن ذلك لن يتأتى ألا بحل الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها أفراد المجتمع كله ومنهم المدرسون الذين اتجهوا إلى الدروس الخصوصية لتلبية حاجاتهم الاقتصادية وبالتالى ليس لديهم تلك الحساسية لتوجيه تلاميذهم إلى الطريق السليم لمواهبهم لخدمة الوطن خاصة وأن المدرسين ومنذ الثمانينيات وحتى اليوم يحتاجون إلى إعادة تأهيل ليكون لدينا مدرس كفء وبالمواصفات المطلوبة لخلق جيل صالح يتولى زمام الأمور فى المستقبل, ولذلك نرى أن حل الأزمة الاقتصادية هو البداية والدليل ماحدث معنا شخصيا فرغم أن المصروف أيام الدراسة كان بسيطا جدا فأننا كنا نشترى كثيرا من الكتب والمجلات والجرائد لأن الأسعار وقتها كانت معقولة وتمكنا من الشراء, حيث كانت القوة الشرائية للجنيه كبيرة بعكس تلك الأيام التى نعيشها حاليا بجانب دور أساتذتنا فى توجيهنا إلى الطريق التى رأوا أننا سوف نبدع فيه ولا ننسى دور وسائل الأعلام أيضا والتى كانت تقدم نماذج ناجحة تؤثر فى شخصية الطفل والطالب والمواطن بصفة عامة.     
لقد بدأت حياتى الصحفية مبكرا جدا قبل أن التحق رسميا ببلاط صاحبة الجلالة إذ كنت أراسل صحيفتى الأخبار والأهرام منذ سن الخامسة عشرة وكنت مازلت بعد أدرس بالمرحلة الإعدادية وكنت قد تتلمذت على يد السيدة/ سهير حامد ندا مدرستى فى المرحلة الابتدائية والتى كان لها عظيم الأثر فى مسيرة حياتى وكانت تتنبأ لى بمستقبل جيد لذا احتضنتى منذ كنت فى السنة الأولى وحتى نهاية المرحلة الابتدائية ووجهتنى إلى أهمية القراءة والإطلاع بعد أن وجدت لدى طوح واستعداد فطرى لذلك فنمت لدى تلك الهواية الممتعة, ومن جانبى كنت أدخر التعريفة –نصف القرش لمن لم يعاصر تلك العملة- التى كانت مصروفى اليومى حتى نهاية الأسبوع وأذهب إلى سوق الخميس بالمطرية لأشترى بما ادخرت عدة قصص ومجلات مثل ميكى وسمير وتان تان, وبمرور الأيام تكونت لدى مكتبة تنوعت طبقا لمراحل وسنى عمرى ومن خلالها ومن خلال جريدة الأخبار التى كان والدى –رحمة الله عليه- يواظب على شرائها تكونت لدى حصيلة معرفية لا بأس بها مكنتنى من مراسلة الأستاذة/ فاطمة صقر الصحفية بالأخبار وكانت تقدم باب "بين الأصدقاء" كل يوم جمعة ونشرت لى أول رسالة فى عام 1975 تقريبا ثم توالت قراءتى ونمت مكتبتى حيث كنت أواظب على زيارة سوق الخميس و سور الأزبكية القديم منذ المرحلة الإعدادية لشراء الكتب والمجلات القديمة من حصيلة مصروفى الذى كان لا يتعدى الشلن كل يوم وأيضا من حصيلة مدخراتى خلال عملى فى الفترة الصيفية فى هذه السن المبكرة مما مكنى من أن اقتنى مجموعة كتب متنوعة من أشهر الكتب ولأشهر الكتاب وقتها, وحينما وصلت المرحلة الجامعية بدأت أواظب على شراء الجرائد اليومية الثلاث رغم أن مصروفى وقتها كان ربع جنيه فقط !!.. ثم بدأت أراسل بريد الأهرام والذى نشر لى عددا لا بأس به من الرسائل التى خطوت بها أولى خطواتى فى بلاط صاحبة الجلالة وبعدها حددت طريقى فى الحياة وهو أن أصبح صحفيا وقمت بمحاولات عدة للالتحاق بجريدة الأخبار ثم الأهرام ولكن كانت الأبواب مغلقة أو لنقل أن الله سبحانه وتعالى كان يرسم لى طريقا آخر فبعد الانتهاء من تأدية الخدمة العسكرية التحقت بجريدة الأحرار فى منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضى ورغم الصعوبات التى واجهتنى للانضمام إلى الأسرة الصحفية فإننى تحملتها بصبر وجلد حتى تحقق لى الانضمام لنقابتنا العريقة "نقابة الصحفيين" ذات التاريخ الطويل فى الدفاع عن الأمة ومصالحها ليس الأمة المصرية فحسب ولكن الأمة العربية والإسلامية كذلك.
ولقد وضعت شعارا لحياتى الصحفية لم أحد عنه وهو "بحثا عن الحقيقة.. وتصحيحا للمفاهيم الخاطئة" لأننى –تأثرا بمن تتلمذت على يديهم من خلال كتبهم ومقالاتهم- أعتبر أن الصحافة رسالة تجاه الوطن والمواطن والدين ولا غرو فى ذلك فلقد تربيت على ذلك منذ صغرى سواء على يد والدى أو على يد مدرستى –رحمهما الله- أو على يد أساتذتى فى قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس ومنهم الدكتور رأفت عبد الحميد –رحمة الله عليه- أو من خلال تلمذتى على يد كل من قرأت لهم سواء كتبا أو مقالات نشروها بالصحف أو حتى من خلال برامج الإذاعة التى كنت حريصا على متابعتها منذ الصغر مثل برنامج زيارة لمكتبة فلان للإذاعية نادية صالح أو برنامج شاهد على العصر للإذاعى عمر بطيشه وبرامج أخرى كانت تستضيف الرواد والأساتذة فى مختلف فروع الأدب والفن والعلم والمعرفة فتكونت لدى -بجانب دراستى للتاريخ- حصيلة متنوعة من المعرفة أهلتنى لأكتب فى كافة الأبواب الصحفية حيث كتبت فى الرياضة والجريمة والقضايا والفن والطب والاجتماع والاقتصاد والزراعة وغيرها.
ومنذ وطأت قدماى بلاط صاحبة الجلالة وحتى اليوم مر ما يقرب من ربع قرن أو يزيد قليلا مرت على أحداث وأحداث كدت أحبط أو أصاب باليأس أو أفقد حياتى أو منصبى أو إيمانى ببلدى ولكن ما مر من قبل شيء والعامين الأخيرين شيء آخر فكم الفساد والمحسوبية والرشوة والاحتكار وزيادة الأسعار فاق الحد والوصف ولم يعد هناك أحدا يتحمله حتى أكاد أفقد ثقتى ببلدى التى أعطيتها الكثير وقد أعطاها غيرى أيضا الكثير وهى أعطت الجميع أيضا الكثير وبلا حدود ودون ضن أو من ولكن أن تصبح الحياة فى مصر بهذا الشكل من السوء وعدم القدرة على مواجهة متطلبات الحياة فلا أظن أن أحدا يتحمل ما يتحمله هذا الشعب المصرى الأصيل الذى فاقت قدرته على تحمل الأعباء الاقتصادية الحدود ويجب عمل تمثال لهذا المصرى الصبور فى أكبر الميادين؟!!.. ولا ندرى ماذا يريدون منه أكثر من ذلك؟.. لقد أمرضوه ومرمطوه وطحنوه وأكلوا عليه وشربوا وأهانوه؟!!.. ورغم ذلك مازال متحملا بصبر وجلد ورغم كل ذلك يطالبوه بأن يدفع لهم ثمن تحمله ورفاهيتهم وتمتعهم بخيرات البلاد.. لماذا لا ندرى؟
إننى فرد من أفراد هذا الشعب المطحون الذى تحمل عبء هزيمة يونيو وعانى من ارتفاع الأسعار وتوابع الخصخصة التى بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضى تحت مسمى الإصلاح الاقتصادى ولكن ما تم يؤكد أن الإصلاح كان يعنى أفرادا بعينهم وليس مجموع الشعب المصرى والدليل تلك المهانة التى طالت أكثر من تسعين بالمائة من الشعب المصرى فى سبيل الحصول على رغيف عيش أو احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج ومسكن فبعد بيع معظم شركات القطاع العام تحكم فى مصير الشعب عدد محدود من الأفراد يتحكمون فى كل شيء وللأسف لا ندرى أن كانت الحكومة معهم أم مع الشعب؟.. ولكن يبدو أنها تدعمهم والدليل أنها تقف عاجزة أو ليس لديها رغبة فى اتخاذ قرار ضد المحتكرين من أصحاب المصانع والتجار الذين يرفعون أسعار كل شيء بلا مبرر!!.. والدليل أيضا رفعها لأسعار أراضى الدولة وتصريح العديد من المسئولين أن "اللى ببلاش أنتهى عصره"!!..
ونحن نوافق على ذلك ولكن أعطوا الشعب حقوقه فلا يوجد اليوم شخص يستطيع المعيشة بـ 300 جنيه أو حتى 600 جنيه بعد أن أشعلت الحكومة والتجار والمحتكرون النار فى الأسعار؟!!..
لقد شعرت بمدى هوانى -مثلى كثيرون من صحفيين وأساتذة جامعة وأطباء ومهندسين.. وغيرهم- وقد بددت ربع قرن من عمرى دون أن أحقق أملى فى حياة كريمة وأن أوفر لأولادى المعيشة التى تليق بهم كبشر أولا وكأبناء صحفى ثانيا وأنا أرى اهتمام الدولة بكافة مؤسساتها بالأقدام والأجساد أكثر من العقول رغم أن العقول هى التى تصنع الأمة وبها تتقدم فلم تتقدم أمة يوما بلاعبى الكرة أو بالراقصات أو الممثلات وانظروا إلى أمريكا وفرنسا وانجلترا وألمانيا وروسيا والصين وحتى إلى إسرائيل.. هل تعطى هذه الدول رسميا وبكافة هيئاتها وسلطاتها هذا الاهتمام المبالغ فيه الذى نعطيه فى مصر للاعبين والمغنيين والممثلات والراقصات ونهمل أصحاب الفكر والقلم والبحث والعلم والدين؟!!..
بالطبع لا.. ولذلك قررت أن أبادر بإعلان اعتزالى للصحافة والاتجاه إلى الملاعب الخضراء لعلى أحصل على عدة ملايين قبل أن يتقدم بى العمر أكثر منذ ذلك فلقد بلغت منتصف الأربعينيات وحتى الآن أقيم فى شقة إيجار ومهدد بالطرد منها لأن صاحبها رفع الإيجار ثلاثة أضعاف ولما كنت من ذوى الدخل المحدود ولا أستطيع دفع ألف وخمسمائة جنيه إيجارا فى الشهر لم يعد أمامى سوى ارتداء "شورت وفانلة وكوتشى" وألعب "كام ماتش" حتى أحصل على أحدى البطولات لتفتح لى أبواب جميع المسئولين فى الدولة وأحصل على عدة ملايين من الجنيهات من الحكومة ومن رجال الأعمال ويتدخل الكبير والصغير لحل جميع مشكلاتى ودون الحاجة لتقديم مظالم أو عقد مؤتمرات أو الاعتصام أو الإضراب للحصول على عدة جنيهات زيادة فى المرتب!!

فانتبهوا يا أولى الأمر.. لأن اختزال الانتماء إلى مصر وإلى العلم المصرى فى الرياضة أو كرة القدم على وجه التحديد أمر جد خطير على البلاد وعلى الأجيال القادمة ولن يحقق لنا النهضة التى ننشدها.. ولذلك اقولها بكل حسرة أن مصر فى خطر إذا ظل الحال على ماهو عليه.