الأحد، سبتمبر 13، 2009

لماذا لا توجه حماس رصاصاتها صوب الإسرائيليين؟

لماذا لا توجه حماس رصاصاتها صوب الإسرائيليين؟

كتب محمود خليل:
يظل السؤال الحائر دائما, فى عقول الكثير من المصريين, والعرب, لماذا لا تحاول حماس تحرير فلسطين والقصي, ولماذا لا تقوم بمحاولة جادة بالحرب على إسرئايل, وتكتفى بـ "جر شكل" الصهاينة, حتى يقوم الجيش الإسرائيل بدك غزة على رؤوس سكانها, فى حين يهرب الحنساويون إلى الخنادق أو إلى إسرائيل او قطر أو جنوب لبنان أو سوريا.
وقد كتب روبرت فيسك, هذا المقال فضح فيه حماس وقياداتها وأجاب على هذا السؤال اللغز.
وهذا نص المقال:
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كنت أجلس في مكاتب تلفزيون 'المنار' التابع لحزب الله في بيروت، أشاهد صور جنازة أحد أفراد الميليشيات في غزة، التلفزيون أظهر لنا أعدادا غفيرة من حماس وفتح يودعون آخر 'شهيد' لهم بإطلاق آلاف الرصاصات في الهواء، لاحظت بجانبي أحد أعضاء حزب الله، كنت أعرف أنه شارك في عدة هجومات ضد إسرائيليين فيما كان يعرف بالمنطقة المحتلة في جنوب لبنان، كان يهز رأسه بأسى!
سألته عن رأيه؟
أجاب: 'حماس تحاول مواجهة إسرائيل' وهنا نظر إلى السقف وواصل 'إنهم يهدرون الذخيرة يطلقونها في السماء يجب عليهم إطلاقها على الإسرائيليين'.
ما كان يقصده بالطبع هو أن حماس تفتقد الانضباط، الانضباط الحديدي الأمني الغير مهادن من النوع الذي استطاع 'حزب الله' سبكه في لبنان وهو الانضباط الذي أدى بالإسرائيليين للإعتراف به في جنوب لبنان في 2006، البنادق أسلحة وليست أدوات لعب تستخدم في الجنائز.
ولكن غزة ليست جنوب لبنان، وقد يكون من صالح الطرفين تذكر ذلك.
حماس ليست حزب الله، والقدس ليست بيروت، والإسرائيليون لن يستطيعوا الانتقام والثأر لهزيمتهم في لبنان في سنة 2006 بالهجوم على حماس في غزة أو فقط لمجرد تمكين السيدة ليفني من الفوز في الانتخابات.
ليس الأمر في أن حزب الله حقق ذلك 'النصر الإلهي' الذي يدعيه منذ سنتين.
كنت أتجول بالسيارة بجنوب لبنان عبر الطرق المدمرة في الوقت الذي حطم فيه الإسرائيليون البنية التحتية للبلاد وقتلوا أكثر من ألف لبناني – تقريبا كلهم من اللبنانيين- وحطمت العشرات من القرى، لم أشعر أن هذا 'نصرا' لحزب الله، دينيا أو غير ذلك، ولكن الإسرائيليين لم يكسبوا الحرب كذلك، لقد تمكن حزب الله من نشر ألاف الصواريخ ذات المدى الطويل، ونالوا من سفينة حربية إسرائيلية وأشعلوا النيران فيها وكادت أن تغرق.
 'حماس' ليس عندها ما يماثل ذلك من ترسانات. ولكن ليست لديها الانضباط الذاتي للقتال كجيش، حزب الله في لبنان استطاع أن يطهر إقليمه من الجواسيس، حماس مثلها مثل كل المنظمات الفلسطينية موبوءة بالجواسيس، بعضهم يعمل لحساب السلطة الفلسطينية، وآخرين لحساب إسرائيل، التي تمكنت من اغتيال قادة حماس الواحد بعد الآخر بفضل الجواسيس فيما يسمى بعمليات 'القتل المستهدف' وفق صياغتهم المهذبة. لم يكن الإسرائيليون بقادرين على ذلك بدون 'المساعدة الداخلية' كما قد تقول الشرطة.
منذ أكثر من عشر سنوات تم اغتيال أمين عام حزب الله في حينه، السيد عباس الموسوي بالقرب من جمشيت بواسطة صاروخ أطلق من هليكوبتر إسرائيلية ولكن الحركة لم تتعرض لخسارة قائد واحد منها بعدها.
خلال حرب 2006 خسر حزب الله حوالي 200 من رجاله، حماس خسرت هذا العدد في اليوم الأول فقط من الغارات الجوية على غزة، هذا لا يثمن عاليا كفاءة الاحتياطات العسكرية التي اتخذتها حماس.
إسرائيل، الجاهزة دوما للتبشير، وبعجالة، بالسحق الوشيك 'للإرهاب' لم تنتصر أبدا في أي حرب دارت رحاها في مدينة. سواء كانت بيروت أو غزة، وذلك منذ انتصارها في القدس بسنة 1967.
ومن المهم لنا تذكر أن الجيش الإسرائيلي المشهور بأغانيه وأساطيره عن 'طهارة أسلحته' ووحداته 'النخبوية' أصبح الآن جيشا من الدرجة الثالثة خلال السنوات الأخيرة الماضية.
الجيش الإسرائيلي لم ينتصر أبدا في أي حرب بالشرق الأوسط منذ تلك التي دارت في سنة 1973، غزوها للبنان في سنة 1982 انتهى بكارثة، أخرجت ياسر عرفات من بيروت ولكن سمحت لحلفائها الأصلاف من الكتائب اللبنانية بالدخول إلى مخيمي صبرا وشاتيلا حيث ارتكبوا المجازر الجماعية، ولم يفوزوا في سنة 1991 عندما قصفوا لبنان ولا في سنة 1996 عندما قصفوه مجددا حيث قاموا بمذبحة في قانا بقتل اللاجئين فيها، ولم يكن أداء الجيش الإسرائيلي في سنة 2006 سوى أداء هواة حروب.
لو لم تكن جيوش العرب أكثر رداءة من الإسرائيليين، لكانت دولة إسرائيل فعلا تحت تهديد حقيقي من جيرانها.
العامل المشترك في حروب الشرق الأوسط هو مقدرة المتحاربين على المعاناة من 'إيهام الذات الجماعي'، فوعود إسرائيل 'باستئصال الإرهاب من جذوره' سواء كان ذلك 'الإرهاب' منظمة التحرير أو حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو الإيراني أو أي نوع آخر، كانت دائما وعودا زائفة على أرض الواقع.
وعيد وزير الدفاع الإسرائيلي، أيهود باراك لغزة 'بالحرب إلى نهايتها المريرة' وعيد زائف، تماما مثل وعود منظمة التحرير وحماس وحزب الله 'بتحرير' القدس، مجرد محلول غسيل عيون!
ولكن الإسرائيليين لديهم ميل خطير يدفعهم لتصديق مزاعمهم ودعاياتهم، لقد استدعوا ستة آلاف من جنود الاحتياط وأجلسوهم عند أسوار غزة، هذا شيء، أما دفعهم إلى مستنقعات غزة فشيء آخر تماما.
في سنة 2006، ادعت إسرائيل بأنها تدفع بثلاثين ألف جندي إلى لبنان، ولكن في الواقع لم تدفع إلا بثلاثة آلاف وفي لحظة عبورهم حدود لبنان وقف لهم حزب الله بالمرصاد، في بعض الحالات هرع الجنود الإسرائيليون هاربين داخل حدودهم.
هذه حقائق.
احتمالات الحرب تظل مع ذلك غير قابلة للتوقع بسهولة، إذا ما استمرت إسرائيل بدون توقف في قصفها الجوي ذو المليار الدولار على غزة، ونحن جميعا نعرف من يسدد الفواتير!
سيكون هنالك في مرحلة ما، مجزرة، مدرسة أو مستشفى أو عيادة توليد أو 'قانا' أخرى، وعند هذه النقطة، سترد على أسماعنا القصة إياها: بأن حماس دمرت المستشفى أو المدرسة أو عيادة التوليد وبأن الصحفيين الكارهين لليهود هم من يكتبون التقارير عن 'مجزرة'، وبأن إسرائيل تحت التهديد... الخ.
قد يرد على أيضا أسماعنا المقارنة بإحدى غارات السلاح الملكي البريطاني في الحرب العالمية الثانية، مقارنة
سخيفة بالطبع، استعملها كل من مناحم بيجين وبنيامين نتانياهو خلال ربع القرن الماضي لتبرير مقتل المدنيين، بما يعني لقد فعلتموها أنتم... لماذا تلومونا إذن؟..
وحماس، التي تجد الشجاعة للإقرار بقتل فتاتين فلسطينيتين بأحد صواريخها، سوف تقوم بجني الأرباح من الحزن عن طريق الإعلام بجرائم الحرب و'الإبادة الجماعية'.
عند هذه النقطة، سيأتي "حمار" الأمم المتحدة المعاق والمحتقر، يتهادى كأعرج لإنقاذ الجيش الإسرائيلي ومعه حماس من هذه الحرب الصغيرة القذرة.
بالطبع، قد تقوم عقول أكثر رشدا بإنهاء الكارثة.. ولكني أشك في ذلك!

العنوان الأصلى للمقال:

إيهام الذات لدى الطرفين 

لماذا لا توجه حماس رصاصاتها صوب الإسرائيليين؟

لماذا لا توجه حماس رصاصاتها صوب الإسرائيليين؟

كتب محمود خليل:
يظل السؤال الحائر دائما, فى عقول الكثير من المصريين, والعرب, لماذا لا تحاول حماس تحرير فلسطين والقصي, ولماذا لا تقوم بمحاولة جادة بالحرب على إسرئايل, وتكتفى بـ "جر شكل" الصهاينة, حتى يقوم الجيش الإسرائيل بدك غزة على رؤوس سكانها, فى حين يهرب الحنساويون إلى الخنادق أو إلى إسرائيل او قطر أو جنوب لبنان أو سوريا.
وقد كتب روبرت فيسك, هذا المقال فضح فيه حماس وقياداتها وأجاب على هذا السؤال اللغز.
وهذا نص المقال:
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كنت أجلس في مكاتب تلفزيون 'المنار' التابع لحزب الله في بيروت، أشاهد صور جنازة أحد أفراد الميليشيات في غزة، التلفزيون أظهر لنا أعدادا غفيرة من حماس وفتح يودعون آخر 'شهيد' لهم بإطلاق آلاف الرصاصات في الهواء، لاحظت بجانبي أحد أعضاء حزب الله، كنت أعرف أنه شارك في عدة هجومات ضد إسرائيليين فيما كان يعرف بالمنطقة المحتلة في جنوب لبنان، كان يهز رأسه بأسى!
سألته عن رأيه؟
أجاب: 'حماس تحاول مواجهة إسرائيل' وهنا نظر إلى السقف وواصل 'إنهم يهدرون الذخيرة يطلقونها في السماء يجب عليهم إطلاقها على الإسرائيليين'.
ما كان يقصده بالطبع هو أن حماس تفتقد الانضباط، الانضباط الحديدي الأمني الغير مهادن من النوع الذي استطاع 'حزب الله' سبكه في لبنان وهو الانضباط الذي أدى بالإسرائيليين للإعتراف به في جنوب لبنان في 2006، البنادق أسلحة وليست أدوات لعب تستخدم في الجنائز.
ولكن غزة ليست جنوب لبنان، وقد يكون من صالح الطرفين تذكر ذلك.
حماس ليست حزب الله، والقدس ليست بيروت، والإسرائيليون لن يستطيعوا الانتقام والثأر لهزيمتهم في لبنان في سنة 2006 بالهجوم على حماس في غزة أو فقط لمجرد تمكين السيدة ليفني من الفوز في الانتخابات.
ليس الأمر في أن حزب الله حقق ذلك 'النصر الإلهي' الذي يدعيه منذ سنتين.
كنت أتجول بالسيارة بجنوب لبنان عبر الطرق المدمرة في الوقت الذي حطم فيه الإسرائيليون البنية التحتية للبلاد وقتلوا أكثر من ألف لبناني – تقريبا كلهم من اللبنانيين- وحطمت العشرات من القرى، لم أشعر أن هذا 'نصرا' لحزب الله، دينيا أو غير ذلك، ولكن الإسرائيليين لم يكسبوا الحرب كذلك، لقد تمكن حزب الله من نشر ألاف الصواريخ ذات المدى الطويل، ونالوا من سفينة حربية إسرائيلية وأشعلوا النيران فيها وكادت أن تغرق.
 'حماس' ليس عندها ما يماثل ذلك من ترسانات. ولكن ليست لديها الانضباط الذاتي للقتال كجيش، حزب الله في لبنان استطاع أن يطهر إقليمه من الجواسيس، حماس مثلها مثل كل المنظمات الفلسطينية موبوءة بالجواسيس، بعضهم يعمل لحساب السلطة الفلسطينية، وآخرين لحساب إسرائيل، التي تمكنت من اغتيال قادة حماس الواحد بعد الآخر بفضل الجواسيس فيما يسمى بعمليات 'القتل المستهدف' وفق صياغتهم المهذبة. لم يكن الإسرائيليون بقادرين على ذلك بدون 'المساعدة الداخلية' كما قد تقول الشرطة.
منذ أكثر من عشر سنوات تم اغتيال أمين عام حزب الله في حينه، السيد عباس الموسوي بالقرب من جمشيت بواسطة صاروخ أطلق من هليكوبتر إسرائيلية ولكن الحركة لم تتعرض لخسارة قائد واحد منها بعدها.
خلال حرب 2006 خسر حزب الله حوالي 200 من رجاله، حماس خسرت هذا العدد في اليوم الأول فقط من الغارات الجوية على غزة، هذا لا يثمن عاليا كفاءة الاحتياطات العسكرية التي اتخذتها حماس.
إسرائيل، الجاهزة دوما للتبشير، وبعجالة، بالسحق الوشيك 'للإرهاب' لم تنتصر أبدا في أي حرب دارت رحاها في مدينة. سواء كانت بيروت أو غزة، وذلك منذ انتصارها في القدس بسنة 1967.
ومن المهم لنا تذكر أن الجيش الإسرائيلي المشهور بأغانيه وأساطيره عن 'طهارة أسلحته' ووحداته 'النخبوية' أصبح الآن جيشا من الدرجة الثالثة خلال السنوات الأخيرة الماضية.
الجيش الإسرائيلي لم ينتصر أبدا في أي حرب بالشرق الأوسط منذ تلك التي دارت في سنة 1973، غزوها للبنان في سنة 1982 انتهى بكارثة، أخرجت ياسر عرفات من بيروت ولكن سمحت لحلفائها الأصلاف من الكتائب اللبنانية بالدخول إلى مخيمي صبرا وشاتيلا حيث ارتكبوا المجازر الجماعية، ولم يفوزوا في سنة 1991 عندما قصفوا لبنان ولا في سنة 1996 عندما قصفوه مجددا حيث قاموا بمذبحة في قانا بقتل اللاجئين فيها، ولم يكن أداء الجيش الإسرائيلي في سنة 2006 سوى أداء هواة حروب.
لو لم تكن جيوش العرب أكثر رداءة من الإسرائيليين، لكانت دولة إسرائيل فعلا تحت تهديد حقيقي من جيرانها.
العامل المشترك في حروب الشرق الأوسط هو مقدرة المتحاربين على المعاناة من 'إيهام الذات الجماعي'، فوعود إسرائيل 'باستئصال الإرهاب من جذوره' سواء كان ذلك 'الإرهاب' منظمة التحرير أو حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو الإيراني أو أي نوع آخر، كانت دائما وعودا زائفة على أرض الواقع.
وعيد وزير الدفاع الإسرائيلي، أيهود باراك لغزة 'بالحرب إلى نهايتها المريرة' وعيد زائف، تماما مثل وعود منظمة التحرير وحماس وحزب الله 'بتحرير' القدس، مجرد محلول غسيل عيون!
ولكن الإسرائيليين لديهم ميل خطير يدفعهم لتصديق مزاعمهم ودعاياتهم، لقد استدعوا ستة آلاف من جنود الاحتياط وأجلسوهم عند أسوار غزة، هذا شيء، أما دفعهم إلى مستنقعات غزة فشيء آخر تماما.
في سنة 2006، ادعت إسرائيل بأنها تدفع بثلاثين ألف جندي إلى لبنان، ولكن في الواقع لم تدفع إلا بثلاثة آلاف وفي لحظة عبورهم حدود لبنان وقف لهم حزب الله بالمرصاد، في بعض الحالات هرع الجنود الإسرائيليون هاربين داخل حدودهم.
هذه حقائق.
احتمالات الحرب تظل مع ذلك غير قابلة للتوقع بسهولة، إذا ما استمرت إسرائيل بدون توقف في قصفها الجوي ذو المليار الدولار على غزة، ونحن جميعا نعرف من يسدد الفواتير!
سيكون هنالك في مرحلة ما، مجزرة، مدرسة أو مستشفى أو عيادة توليد أو 'قانا' أخرى، وعند هذه النقطة، سترد على أسماعنا القصة إياها: بأن حماس دمرت المستشفى أو المدرسة أو عيادة التوليد وبأن الصحفيين الكارهين لليهود هم من يكتبون التقارير عن 'مجزرة'، وبأن إسرائيل تحت التهديد... الخ.
قد يرد على أيضا أسماعنا المقارنة بإحدى غارات السلاح الملكي البريطاني في الحرب العالمية الثانية، مقارنة سخيفة بالطبع، استعملها كل من مناحم بيجين وبنيامين نتانياهو خلال ربع القرن الماضي لتبرير مقتل المدنيين، بما يعني لقد فعلتموها أنتم... لماذا تلومونا إذن؟..
وحماس، التي تجد الشجاعة للإقرار بقتل فتاتين فلسطينيتين بأحد صواريخها، سوف تقوم بجني الأرباح من الحزن عن طريق الإعلام بجرائم الحرب و'الإبادة الجماعية'.
عند هذه النقطة، سيأتي "حمار" الأمم المتحدة المعاق والمحتقر، يتهادى كأعرج لإنقاذ الجيش الإسرائيلي ومعه حماس من هذه الحرب الصغيرة القذرة.
بالطبع، قد تقوم عقول أكثر رشدا بإنهاء الكارثة.. ولكني أشك في ذلك!

العنوان الأصلى للمقال:

إيهام الذات لدى الطرفين