نهضة التعليم تبدأ
بحل الأزمة الاقتصادية
كتب
محمود خليل:

لقد
بدأت حياتى الصحفية مبكرا جدا قبل أن التحق رسميا ببلاط صاحبة الجلالة إذ كنت
أراسل صحيفتى الأخبار والأهرام منذ سن الخامسة عشرة وكنت مازلت بعد أدرس بالمرحلة
الإعدادية وكنت قد تتلمذت على يد السيدة سهير حامد ندا مدرستى فى المرحلة
الابتدائية والتى كان لها عظيم الأثر فى مسيرة حياتى وكانت تتنبأ لى بمستقبل جيد
لذا احتضنتنى منذ كنت فى السنة الأولى وحتى نهاية المرحلة الابتدائية ووجهتنى إلى
أهمية القراءة والإطلاع بعد أن وجدت لدى طوح واستعداد فطرى لذلك, فنمت لدى تلك
الهواية الممتعة, ومن جانبى كنت أدخر التعريفة –نصف القرش لمن لم يعاصر تلك
العملة- التى كانت مصروفى اليومى حتى نهاية الأسبوع وأذهب إلى سوق الخميس بالمطرية
لأشترى بما ادخرت عدة قصص ومجلات مثل ميكى وسمير وتان تان, وبمرور الأيام تكونت
لدى مكتبة تنوعت طبقا لمراحل وسنى عمرى ومن خلالها ومن خلال جريدة الأخبار التى
كان والدى –رحمة الله عليه- يواظب على شرائها تكونت لدى حصيلة معرفية لا بأس بها
مكنتنى من مراسلة الأستاذة فاطمة صقر الصحفية بالأخبار وكانت تقدم باب "بين
الأصدقاء" كل يوم جمعة ونشرت لى أول رسالة فى عام 1975 تقريبا ثم توالت
قراءتى ونمت مكتبتى حيث أصبحت أواظب على زيارة سور الأزبكية القديم منذ المرحلة
الإعدادية لشراء الكتب والمجلات القديمة من حصيلة مصروفى الذى كان لا يتعدى الشلن
كل يوم وأيضا من حصيلة مدخراتى خلال عملى فى الفترة الصيفية فى هذه السن المبكرة
مما مكنى من أن اقتنى مجموعة كتب متنوعة من أشهر الكتب ولأشهر الكتاب, وحينما وصلت
المرحلة الجامعية بدأت أواظب على شراء الجرائد اليومية الثلاث رغم أن مصروفى وقتها
كان ربع جنيه فقط !!.. ثم بدأت أراسل بريد الأهرام والذى نشر لى عددا لا بأس به من
الرسائل التى خطوت بها أولى خطواتى فى بلاط صاحبة الجلالة وبعدها حددت طريقى فى
الحياة وهو أن أصبح صحفيا وقمت بمحاولات عدة للالتحاق بجريدة الأخبار ثم الأهرام
ولكن كانت الأبواب مغلقة أو لنقل أن الله سبحانه وتعالى كان يرسم لى طريقا آخر
فبعد الانتهاء من تأدية الخدمة العسكرية التحقت بجريدة الأحرار منذ منتصف عقد
الثمانينيات من القرن الماضى ورغم الصعوبات التى واجهتنى للانضمام إلى الأسرة
الصحفية فإننى تحملتها بصبر وجلد حتى تحقق لى الانضمام لنقابتنا العريقة
"نقابة الصحفيين" ذات التاريخ الطويل فى الدفاع عن الأمة ومصالحها ليس
الأمة المصرية فحسب ولكن الأمة العربية والإسلامية كذلك.

وبعد
هذا المشوار الطويل شعرت بمدى هوانى (مثلى كثيرون من صحفيين وأساتذة جامعة وأطباء
ومهندسين.. وغيرهم) وقد بددت ربع قرن من عمرى دون أن أحقق أملى فى حياة كريمة وأن
أوفر لأولادى المعيشة التى تليق بهم كبشر أولا وكأبناء صحفى ثانيا وأنا أرى اهتمام
الدولة بكافة مؤسساتها بالأقدام والأجساد أكثر من العقول رغم أن العقول هى التى
تصنع الأمة وبها تتقدم فلم تتقدم أمة يوما بلاعبى الكرة أو بالراقصات أو الممثلات
والمغنيات وانظروا إلى أمريكا وفرنسا وانجلترا وألمانيا وروسيا والصين وحتى إلى
إسرائيل.. هل تعطى هذه الدول رسميا وبكافة هيئاتها وسلطاتها هذا الاهتمام المبالغ
فيه الذى نعطيه فى مصر للاعبين والمغنيين والممثلات والراقصات ونهمل أصحاب الفكر
والقلم والبحث والعلم والدين؟!!..

فانتبهوا
يا أولى الأمر.. لأن اختزال الانتماء إلى مصر وإلى العلم المصرى فى الرياضة أو كرة
القدم على وجه التحديد أمر جد خطير على البلاد وعلى الأجيال القادمة ولن يحقق لنا
النهضة التى ننشدها.. ولذلك اقولها بكل حسرة أن مصر فى خطر إذا ظل الحال على ما هو
عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق