هل يكون مصير حكوماتنا جهنم و بئس المصير؟
كتب محمود
خليل:
الذى
جعلنا نطرح هذا التساؤل هو موقف حكومتنا السنية من المشكلات والأزمات التى وضعت
فيها الشعب والبلاد والمقصود ليس الحكومة الحالية بالتحديد بالطبع ولكن الحكومات
المتعاقبة منذ عرفنا هذا النظام الحكومى ونعتقد أنه لن يستثنى سوى القليل جدا من
الحكومات أو الوزراء الذين وضعوا مصالح البلاد والعباد أمام أعينهم وكرسوا كل
جهدهم وعلمهم ووقتهم لمصلحة الشعب!!
لقد
رأينا المهزلة المسماة بطابور العيش حتى أصبحوا يعايروننا فى الخارج بهذا الطابور
وأطلقوا علينا الشعب الجعان بعد أن كانوا يطلقون علينا شعب الفول حتى الكيان
الصهيونى نشر صور طوابير العيش شماتة فى مصر وحكومتها قبل أن يكون شماتة فى
المصريين!
والعجيب أن أحدا من الوزراء لم يهتز له شعرة
لهذه الطوابير التى راح ضحيتها عددا من المواطنين فى سبيل الحصول على عدة أرغفة من
الخبز لإطعام أطفاله سواء بسبب الاختناق من الزحام أو فى مشاجرات أو مرضى ولم
يتحملوا طول الانتظار وهؤلاء نحسبهم فى عداد الشهداء إن شاء الله تعالى ولكن هل
يمكن للشعب أن يحاسب هؤلاء الوزراء الذين لم يعد يهمهم أمر هذا الشعب الذى لم يعد
يجد رغيف الخبز الذى يسد به جوعه وجوع أطفاله ولم يعد يجد مسكنا يؤويه مع عائلته
ولم يعد يجد مالا ليستر به أولاده بالزواج ولم يعد يجد مالا ليعالج به أمراضه من
سكرى وضغط وكلى وكبد وسرطانات متنوعة تسببت بها حكوماته المتعاقبة بسبب سياساتها
العشوائية الغير علمية وبسبب تولى وزراء ليسوا على الكفاءة المطلوبة لتولى أمور
البلاد والدليل أن أحدا لم يهتز له رمش بسبب سقوط الضحايا فى طوابير العيش إلا بعد
أن نشرت الصحف الأجنبية أنباء هذه الأزمة وهؤلاء الضحايا فاهتم رئيس البلاد ووجه
نظر الحكومة إلى ضرورة حل هذه الأزمة؟!!
وهذا
الذى حدث يؤكد أنه ليس لدينا وزراء (بحق وحقيق) فهم مجموعة من الموظفين الذين
يؤدون وظيفتهم وفى نهاية الشهر تصلهم مرتباتهم فى أظرف دون الوقوف فى طابور أمام
الخزينة كما تصلهم احتياجاتهم من كل شىء على منازلهم ولا يجدون صعوبة فى الحصول
على شقة لزواج أولادهم فأفخر الشاليهات والفيلات لهم وبالتقسيط المريح جدا والعلاج
على حساب الشعب بابه مفتوح ودون حد أعلى للمصاريف بينما المواطن الفقير لا يجد
دواء سعره لا يتعدى الجنيهات الثلاث بل ويتهمونه بالتبذير وسوء استخدام التأمين
الصحى!!..
وإذا سرت
فى الشارع فسوف تسمع أقذع التعليقات على وزراء حكومة مصر السنية وكم يجتهد المواطن
–كل مواطن- فى رفع أكفهم بالدعاء على الحكومة والوزراء بسبب الحالة الاقتصادية
المزرية التى وصلوا إليها من غلاء وفساد وكساد وعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات
أسرهم الضرورية حتى أن السرقات انتشرت –أحدث سرقة انضمت إلى القائمة كانت سرقة
ارغفة الخبز- كما وصلت عمليات النصب إلى ارقام قياسية وكذلك عمليات القتل بدافع
السرقة وبيع المواطن لأولاده ولأجزاء من جسده بخلاف الرشاوى والاختلاسات والاغتصاب
الجنسى والتحرش الجسدى والجنسى.. فهل يكون مصير حكومة أو وزراء بهذا الشكل
الجنة؟.. نعتقد أن الأجابة تعرفونها وهم كذلك -أن كانوا يعتقدون فى الجنة والنار-
يعرفون مصيرهم؟!!
البعض من
المسئولين يقولون أن الزيادة السكانية هى سبب الأزمة ولكن الحقيقة والواقع يؤكدان
أن العيب فى السياسات الحكومية -وليس فى الزيادة السكانية- التى نسيت أو تناست شىء
اسمه التخطيط العلمى والسياسات المستقبلية واعتمدت على طريقة العلاج الوقتى دون اللجوء
للجراحة مثلما حدث بالنسبة لمشكلة
المرور واللجوء إلى مترو الأنفاق كما نسيت الحكومة
أو تناست الفرق بين الكثافة السكانية والزيادة السكانية فالذى تعانى منه مصر هو
الكثافة السكانية فى الوادى والمدن وهو ماخلق الأزمات التى نعانى منها حاليا وكان
يجب على حكوماتنا المتعاقبة أن تدرس كيف اكتفت سوريا والسعودية والصين وأوكرانيا
وايران كوريا والهند وغيرها من القمح بل ويصدرونه إلى الخارج وكيف أن الصين والهند
وأمريكا وروسيا واليابان رغم زيادة عدد السكان فأنهم لا يعانون من أزمات فى الصحة
أو الملبس أو المأكل.. الخ والسبب أنهم استطاعوا توزيع نسب السكان على البلاد
بينما نحن فى مصر لم نخرج من الشريط الضيق إلا فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات
الذى أنشأ العديد من المدن الجديدة ولم نضف بعدها إلا الشاليهات والفلل التى لا
يستخدمها سوى واحد بالمائة من أفراد الشعب إلا شهرين أو ثلاثة أشهر طوال السنة
وتغلق باقى أيام السنة أما توفير المساكن للشباب أو بناء مدن له كما فعل الرئيس
السادات فى عهده فلم تفعله الحكومات التى أتت بعده ولذلك ارتفعت أسعار العقارات
بشكل غير مسبوق حاليا.
الغريب
أنه بدلا من الخروج من الشريط الضيق للوادى وتوزيع الأراضى على الشباب لبنائها مع
حظر البناء داخل كردون الأرض الزراعية أو المدن القائمة بالفعل وجدنا الوزارات
المتعاقبة تهدم الفيلات القديمة وتبنى مكانها وتسمح بالبناء على الأراضى الزراعية
وتنفق الملايين على استصلاح الأراضى الصحراوية بشكل يؤكد سوء التخطيط وعدم وجود
سياسة مستقبلية على أسس سليمة للحفاظ على مقدرات هذا الشعب بل أن
سيناء بعد أن
استعدناها انتظرنا زرعها بالبشر لتكون حصنا حصينا من الجهة الشرقية وتكون عامل
مساعد يضاف إلى الاقتصاد الوطنى إذا بنا نحولها أيضا إلى ترسانة أمنية ونبنيها
بالشاليهات والمنتجعات السياحية دون الاستفادة بها فى الزراعة أو الصناعة أو
السكن؟!!.. فالسياحة تدر دخلا ولكنه يذهب لمن؟.. أنه يذهب إلى جيوب القلة
المستفيدة ولا يعود إلى جيوب الشعب وإذا حدث عدوان فمن سيدافع عنها فالسائحون سوف
يهربون والعمالة سيتم تهجيرها لأنها لا تقيم فيها وسوف تصبح الأراضى مشاعا أمام
الغزاة؟!!..
أننا
أمام كارثة بكل المقاييس فكل وزير يخلف آخر يبدأ من جديد وليس لدى الحكومات
المتعاقبة استراتيجية طويلة الأمد فى أى شىء فهى تستخدم أسلوب المسكنات ولذلك عدنا
إلى عصر الولاة العثمانيين الذين كان كل همهم هو الحصول على أكبر فائدة أثناء
حكمهم لمصر والتى كانت لا تمتد أكثر من ثلاث سنوات يتم استبدالهم بعدها دون النظر
إلى مصلحة البلاد وهكذا حال الوزراء فى مصر وكل مسئول بها ولكن هذا له حديث آخر.