همسة فى أذن ذوى المناصب وأصحاب النفوذ من الوزراء
والمحافظين ورجال الأعمال
كتب محمود خليل:
يقول جل شأنه "وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " صدق الله العظيم
كان لى ميونج باك رئيس كويا تبرع بـ 30 مليون
دولار هى كل ثروته الشخصية للفقراء و المحتاجين كما تنازل عن مخصصاته الرئاسية منذ
6 سنوات لأطفال عمال النظافة وغيرهم من الفئات الأولى بالرعاية وكان ميونج قد سبق
وتبرع براتبه حينما كان عمدة لسول عاصمة كوريا براتبه كله لأطفال عمال الصرف الصحى
والمطافىء وكان ميونج قبل أن يصبح رئيسا لكوريا يشغل منصب المدير التنفيذى لشركة
هيونداى للانشاءات وقد تعهد وقتها بأن ينفق كل دخله العام على الأعمال الخيرية
ولقد أوفى بما وعد أما فى مصر فأن وعود المرشحين فى كافة المجالات والمستويات ما
أكثرها ولكن بعد الجلوس على الكرسى تتبخر كتبخر ماء البحار والشاطر من يستطيع
إجبار مرشح على تنفيذ وعوده الوردية!!.
وكان حمزة
البسيونى مدير السجن الحربي فى عهد جمال عبد الناصر قد مات ميتة بشعة إذ اصطدمت
سيارته بسيارة نقل تحمل أسياخا من الحديد اخترقت مناطق عديدة من جسده وظل ينزف عدة
ساعات حتى مات وهو على هذه الحالة دون أن ينجده أحد وبالطبع لو نجا حمزة البسيونى من
هذا التصادم وهو مازال فى منصبه لأمر رجاله بحرق السيارة بحديدها وشنق صاحبها
واعتقال عائلة وأقارب وجيران صاحب السيارة وسائقها ونالوا على يد زبانيته أشد صنوف
العذاب!!.
كما مات
محمد نجم داوود السكرتير الشخصى لعبد الحكيم عامر –وما أدراكم بالطبع من هو هذا
الرجل الذى كانت تهتز له الأيدى والكفوف بالتعظيم كلما غدا أو راح- منذ أسابيع
قليلة مضت فى شقته دون أن يكون له وريث ودون أن يشعر به أحد وتم توزيع ملابسه وأحذيته
على الفقراء وأما شقته بما تحتوى من تحف وسجاجيد فاخرة وصالونات تم نهبها من
القصور الملكية بعد قيام مايسمونها بـ "الثورة المباركة" فسيتم بيعها فى
مزاد علنى ووضع قيمتها فى حساب ببنك ناصر الاجتماعى للأنفاق على الفقراء وقروض
الزواج والإخلاء ونفقات المطلقات!!.
هذه نماذج ثلاثة تمثل رسالة إلى ذوى المناصب وأصحاب
النفوذ ومدمنى الاحتكار والتجار ذوى الضمائر الخربة ورجال الأعمال الذين فسدوا
وأفسدوا فى البلاد والعباد فهل هم منتبهون وإلى مصيرهم المحتوم مبصرون؟!
تأملنا ما فعله الرئيس الكورى وسألت نفسى كم
مسئول يمكن أن يتبرع بدخله كله أو جزء منه للفقراء والمحتاجين؟.. بل كم مسئول أدى الضرائب
المستحقة عليه وعلى دخله؟.. بل كم مسئول أخرج الزكاة أو زكاة المال أو عرف أن هناك
شعيرة فى الإسلام اسمها الصدقات؟!!
سألت نفسى أيضا كم مسئول لم يستغل منصبه فى أذى
عبيد الله وإجبارهم على تأدية أعمال لهم بدون أن يعطوا لهم أجورهم ورسولنا الكريم
ينبهنا إلى ضرورة أن يأخذ الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.. وهو الذى حذرنا أيضا من
استغلال النفوذ أو الوظائف العامة للتربح منها وتكوين ثروات طائلة من مناصبهم
العامة.
سألت نفسى عن التجار الذين يغشون المواطن
ويبيعونه سلعا فاسدة أو تالفة أو غير مطابقة للمواصفات؟.. وعن الذين يحتكرون السلع
الأساسية والاستراتيجية لخنق الأسواق وتعطيشها ثم يطرحون السلع بعد ذلك بأسعار
مغالى فيها جدا وليس أمام المواطن سوى الشراء لحاجته إليها بينما المنوط بهم
الرقابة يتسلمون مقرراتهم شهريا سواء عينيا أو نقدا وهم فى ذلك ينطبق عليهم المثل
القائل "حاميها.. حراميها".
سألت نفسى عن بعض ضباط الشرطة الذين يستغلون
مراكزهم فيعذبون المواطنين ويسومونهم سوء العذاب لمجرد أنهم دخلوا قسم الشرطة سواء
كانوا متهمين أو مشتبه فيهم فالمفروض أنهم أبرياء حتى تثبت أدانتهم وحتى بعد
الإدانة فلا يحق لأحد تعذيب سجين أو ضربه أو أهانته لمخالفة ذلك نصوص الشريعة
الإسلامية.
سألت نفسى عن الذين نهبوا أموال البنوك ومن سهل
لهم ذلك مقابل حفنة من الأموال وهى أموال عامة أى ملك للشعب كله أى أن كل فرد من
أفراد الشعب المصرى سوف يقتص من هؤلاء يوم الحساب وبمعنى أخر سيقيم كل فرد من
أفراد الشعب دعوى أمام رب العالمين لاسترداد حقه المنهوب منه يوم القيامة.. فمن
يتمنى لنفسه أن يقف متهما أمام ثمانين مليونا من البشر كل منهم يطلب من رب العزة
القصاص منه؟.. وسيقبل الله عز وجل الدعوى وسيحكم فيها فورا وبدون تأجيل وبدون
رشاوى -جل فى علاه- كما يحدث فى عالمنا الأرضى.
وسألت نفسى عن ذوى المناصب والمراكز والأعمال
والمهن (صناع- تجار- لاعبى كرة- فنانين- مطربين- عاملين بالأحياء- مقاولين- رجال
أعمال......) الذين أصابتهم الصرعة فراحوا يجمعون الأموال بأية طريقة وبأية وسيلة
سواء كانت حلالا أو حراما فتجدهم كالمجانين يبحثون عن أى طريق لجمع المال رغم أن
بعضهم جمع الملايين وبعضهم جمع المليارات والمفترض أنهم لن يعمروا حتى ينفقوا كل
تلك الأموال ولكنهم ينفقونها فى متع الحياة البالية كالزواج أو مصاحبة النساء أو
شراء المغنيات والممثلات والراقصات أو السفر هنا وهناك أو شراء كماليات لا ضرورة
لها على الإطلاق ورغم ذلك تجدهم دائما ملهوفين كالجائعين والمحرومين على جمع
المزيد وينهبون كل ما تصل إليهم أيديهم وحجتهم فى ذلك تأمين مستقبلهم ومستقبل
أولادهم؟! بينما ما جمعوه من أموال يكفى العائلة حتى أحفاد الأحفاد ولكنهم فقدوا
إيمانهم بالله سبحانه وتعالى رغم ما يتظاهرون به من صلاة وصوم وزكاة وتقوى وورع
وألا ما نسوا أن جميع ما جمعوه سوف يحاسبون عليه بالقرش والمليم بينما يتمتع به الورثة
فبينما هو يصلى نار جهنم فى القبر وفى الآخرة إذا بأولاده ينعمون بماله وينفقونه
ذات اليمين وذات اليسار غير عابئين بمن فى القبر.
قرأنا قصة فى الأثر تقول أن شخصا أتى أحد العلماء
يسأله حاجة وشاكيا الفقر فقال له العالم: أتبيع لى عينيك بمائة ألف دينار؟
قال الرجل: لا
قال العالم: أتبيع لى رأسك وعينيك بمائة ألف
دينار؟
قال الرجل: لا
قال العالم: أتبيع لى قدميك ويديك بمائة ألف
دينار؟
قال الرجل: لا
قال العالم: أتبيع لى لسانك وأذنك بمائة ألف
دينار؟
قال الرجل: لا
وهى بالطبع قصة تحض على العمل وفى ذات الوقت تحض على
القناعة.. فالمال ليس هو ما يحقق الأمن والأمان والستر ولكن نعم الله على الإنسان
والحفاظ عليها وشكره عليها هى التى تحقق الأمان والطمأنينة, وهو ما نراه فى قول
أحد العلماء: لو أنك فقدت مالك كله فلا تحزن لأنك لم تفقد شيئا وإذا فقدت صحتك فقد
فقدت بعض الأشياء فلا تحزن وإذا فقدت دينك فقد فقدت كل شيء فاحزن كثيرا.
ويروى أن رجلا مر برجل وقد بترت ساقيه وذراعيه فسأله:
أراك وقد بترت ساقيك وذراعيك ومع ذلك تحمد الله فعلام تحمده؟!
قال الرجل: أحمد الله على أنه أعطانى لسان أحمده
به ولم يبتر كما بترت ساقاى وذراعى فأحرم من نعمة حمده!!
فهل بعد ذكر الله وحمده على كل نعمائه فضل؟..
فاخرجوا زكاة أموالكم وتصدقوا وابتعدوا عن نهب المال العام والاحتكار والغش
والتجارة الحرام وشراء النساء واحمدوا الله واذكروه يزدكم من فضله وأمنه وأمانه
"ألا بذكر الله تطمئن القلوب".