هل تستجيب
الحكومات وتتعلم الدرس قبل فوات الآوان؟
انقلاب
أبيض فى تونس وتجربة التونسيين مرشحة للاستنساخ عربيا
كتب
محمود خليل:
فى
انقلاب أبيض استولى الجيش على السلطة فى تونس وأجبر زين الدين بن على رئيس تونس
على مغادرة البلاد إلى مالطا – حسب بعض المصادر – وتولى السلطة محمد الغنوشى رئيس
الوزراء, وسيطر الجيش على جميع منافذ تونس الجوية والبحرية والبرية وأغلق المجال
الجوى التونسى وأعلن حالة الطوارىء في كامل أنحاء الجمهورية..
كانت
مصادر تونسية أعلنت أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي غادر وأفراد من عائلته
البلاد في الساعة الخامسة بتوقيت تونس بناء علي اتفاق سلمي مع قيادات الجيش نص علي
أن يغادر الرئيس وأفراد عائلته البلاد سالما وأن لا يتم ملاحقته قضائيا فى
المستقبل على جرائمه فى حق تونس والتونسيين ومسئوليته عن انتشار الفساد والبطالة
فى البلاد.
من
جهته أعلن محمد الغنوشي، رئيس الوزراء في بيان له عبر التلفزيون، توليه المسئولية بالبلاد، بسبب
تعذر أداء الرئيس زين العابدين
بن علي لمهامه "بصفة مؤقتة"، متعهدا باحترام الدستور والقيام بالإصلاحات
التى نادى بها الشباب الغاضب, ودعا الغنوشي جميع فئات الشعب التونسي بالتحلي بالروح
الوطنية والوحدة لتمكين تونس من تخطي ما وصفه بـ "المرحلة
الصعبة".
كان
المتظاهرون طالبوا باستقالة بن على بسبب الفساد وظلت المظاهرات على مدى شهر كامل
تجتاح تونس مما أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والمئات من المصابين بسبب استخدام
الشرطة للرصاص الحى فى تفريق المظاهرات والتى أرجع البعض أن تعليمات مباشرة من بن
على – الذى كان يشغل وزير الداخلية قبل انقلابه على الرئيس السابق بورقيبه- صدرت
للشرطة بقتل المحتجين, وأقال رئيس أركان الجيش التونسى الذى رفض اطلاق النار على
المتظاهرين بل حمى المتظاهرين من الشرطة.
كان
المتظاهرون حاصروا عددا من قصور ومنازل عائلة وحاشية بن على – الذين يتهمون
بالفساد والإثراء على حساب الشعب - واجتاحوا بعضها، وسط أنباء عن هروب عدد كبير من
أفراد عائلة الرئيس خارج البلاد.
كان
أخر قرار اصدره بن على قبل "فراره" من تونس إقالة الحكومة وحل البرلمان
وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال 6 أشهر, وتكليف الغنوشي بتشكيل حكومة جديدة,
مؤكدا إنه لن يترشح مجددا للرئاسة بعد انتهاء
فترته الحالية في 2014 وتعد تلك المظاهرات هى أسوأ اضطرابات مدنية منذ توليه السلطة قبل
نحو 23 عاما فى انقلاب أبيض على الرئيس الراحل الحبيب
بورقيبه,
ورددوا عدد من الشعارات منها: "الاعتصام الاعتصام حتى يسقط النظام", "خبز وماء وبن علي
لا".
كانت
الاضطرابات اندلعت فى تونس منذ شهر تقريبا بسبب البطالة والفساد والرشوة وكلها
أمور تنتشر فى معظم الدول العربية أن لم تكن كلها, وقد شهدت الجزائر والأردن
مظاهرات مماثلة تندد بالبطالة والفساد والرشوة وارتفاع الأسعار للسلع الأساسية, فى
حين قامت الحكومة المغربية والحكومة الليبية بتخفيض أسعار عدد من أسعار السلع
الأساسية فيما يبدو أنه اتقاء واستباق لمحاولة المواطنيين الاحتجاج على النمط
التونسى.
وعلى
الرغم من أن بعض المسئولين والمحللين خرجوا علينا مؤكدين أن الحالة التونسية فردية
وغير مرشحة للتكرار فى الدول العربية ناسين أن الشعب التونسى عانى الأمرين من
انتشار الفساد والرشوة والبطالة واستغلال النفوذ وتكوين طبقة طفيلية استفادت من
النظام الحاكم وهى الأمور الموجودة بنفس الصورة فى معظم البلاد العربية, فكيف لا
يتصور هؤلاء أنه يمكن استنساخ التجربة الشعبية فى تونس فى باقى البلدان العربية
خاصة وان نفس ما جرى فى تونس جرى شبيه له فى مصر فيما يعرف بانتفاضة 18 و19 يناير
ولكن حكمة الرئيس السادات وقربه وانحيازه للشعب تمكن من اخماد هذه الاضطرابات.
ولهذا
نؤكد أن الشعوب العربية على استعداد لاستنساخ التجربة التونسية "الناجحة"
وإسقاط حكامهم مثلما حدث مع بن على مالم يتم الاستجابة لمتطلباتهم من القضاء على
الفساد ومحاكمة المفسدين والقضاء على البطالة وخفض أسعار السلع, فهل تستجيب
الحكومات وتتعلم الدرس قبل فوات الآوان؟.