انهيار حلم الوحدة العربية والجيش العربي الموحد
الدور الأمريكى فى الوقف الفجائي لـ "عاصفة الحزم"
أمريكا تحاصر مصر وتمنعها من قيادة الدول العربية
اجتماع أوباما وقادة الخليج يحدد طبيعة العلاقة مع مصر
روسيا لن تسمح بانتصار السعودية على الحوثيين
على مصر التواجد المستمر فى باب المندب رغم الضغوط
الأمريكية للانسحاب
هل هناك اتفاقات -تحت الترابيزة- تمت مع أمريكا دون علم مصر؟
كتب محمود خليل:
قوات التدخل السريع المصرية |
بعد فشل الخطة الأمريكية لتفكيك وتفتيت الدول العربية على يد الشعب والجيش
المصري فى 30 يونيو 2013 , وتعمل أمريكا على إفشال مصر ومحاصرتها منعا لتأثير ما
قامت به على باقى الدول التى كانت فى مرمى التفتيت الأمريكى, ومنها ليبيا واليمن
وسوريا والعراق, فشكلت ما يعرف بـ "الدولة الإسلامية فى العراق" والتى
أصبح إسمها "الدولة الإسلامية فى العراق والشام", والتى ضمت عناصر
عراقية ممن تعرضوا لغسيل مخ, وإيذاء بدنى ونفسي شديد فى سجن أبو غريب وغيرها,
ومنها عناصر أفغانية وشيشانية, ثم تم ضم عناصر ايرانية شيعية وعربية إليها فيما
بعد وخضعت لتدريبات فى إسرائيل سواء بالسفر إليها, أو على يد مدربين أمريكان
وإسرائيلين خاصة من عناصر المخابرات, والمتعربين, وباحثين فى التاريخ العربي
والإسلامى, وقاموا بعملية برمجة لغوية وعصبية لهم, حتى ظهرت بالشكل الذى نراه من
حيث الدموية فى التعامل مع السكان المحليين, والفهم الخاطىء للدين الإسلامى,
وبالتالى كان أحد الأهداف هو تشويه الدين الإسلامى, ومثلما صنعت أمريكا والموساد
تنظم القاعدة الذى اختفى فجأة من الساحة, ليحل محله تنظيم "داعش", انتظارا
للوقت المناسب للانقضاض على المنطقة العربية مثلما تم استغلال "القاعدة"
لاحتلال وتدمير أفغانستان.
أوباما وسالمان |
تم نقل عناصر من داعش إلى سيناء وليبيا لمناوشة الجيش المصري, واستنزاف
الاقتصاد المصري, وبالتالى إغراق مصر فى فوضى عسكرية واقتصادية, غير أن الجيش
المصري تماسك وتمكن من حصر التنظيم وعملياته فى الشيخ زويد ورفح والعريش, بعد
قيامه ببعض الأعمال فى الوادى, كما تمكن من توجيه عدة ضربات إلى التنظيم داخل
ليبيا وأسر العديد من أعضائه, ومنهم من ينتمى إلى جنسيات عربية وأسيوية وأوروبية
وأمريكية, وتم عمل ما يشبه منطقة محظورة داخل أرض ليبيا تمتد لعشرين كيلو متر,
وبالتالى تم تأمين الحدود الغربية.
استغلت أمريكا نصريح "مسافة السكة", لجر الجيش المصري إلى مواجهة
فى الجنوب حيث باب المندب المهم استراتيجيا لمصر خاصة بعد حفر التفريعة الجديدة
للقناة مما يعنى تعافى الاقتصاد المصري, فتم الدفع بالعناصر الحوثية المدعومة
ايرانيا للضغط على السعودية واجبار مصر على التدخل لحماية السعودية وتم الدفع
بعناصر مصرية إلى البحرين والأمارات والسعودية تحت راية التدريبات المشتركة,
وتدريب القوات العربية فى تلك الدول, وبطريقة دراماتيكية بدأ الحوثيون بدعم من
العقيد على عبد الله صالح, التقدم نحو باب المندب, وتهديد الملاحة فيه, أى خنق مصر
من الجنوب, وهو ما استلزم تحرك سريع للبحرية المصرية والسيطرة بطريقة مفاجئة على
المضيق, وطرد السفن الايرانية, مع بدء عملية "عاصفة الحزم", المفاجئة
قبل اجتماع القمة العربية, ولعدم فرض الحوثيين للأمر الواقع على الاجتماع بسيطرتهم
على باب المندب.
صالح |
حققت ضربات "عاصفة الحزم", مع حصار البحرية المصرية لليمن,
المطلوب وألحقت ضربات موجعة وهزائم بالحوثيين مما استدعى تحركا أمريكيا بدأ بتوقيع
اتفاقية المبادىء مع ايران بصورة غير متوقعة, حيث تم الاتفاق على تحرك القطع
البحرية المريكية إلى مضيق باب المندب والمياة الأقليمية اليمنية فى نفس الوقت
التى أعلنت ايران فيه تحرك بحريتها إلى اليمن ومضيق باب المندب!.
أعلنت السعودية تطوير "عاصفة الحزم", وتنفيذ الخطة
الثانية للدفع بعناصر برية لإعادة الرئيس هادى إلى سلطته, ثم كان الإعلان الفجائى لعملية
عاصفة الحزم برمتها, مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السعودية خاصة ودول الخليج
عامة تلقت تهديدات أمريكية بوقف العملية وإلا تدخلت بنفسها حماية للحوثيين ولمصالح
ايران فى اليمن.
أما أسباب التهديدات الأمريكية فحتى لا تعطى للعمل العربي
المشترك فى تلك العملية نجاحا يغري باستكمال تكوين الجيش العربي المشترك, الذى كان
من المفترض تشكيله خلال شهر, بما يعنى خروج المنطقة من تحت المظلة الأمريكية والروسية
والأوروبية وكافة التكتلات العالمية الأخرى, ومنعا لدور مصري يحمى المنطقة العربية
من التدخلات الأجنبية, لذلك كان الضغط الأمريكى على السعودية والخليج للعودة إلى الحظيرة
الأمريكية مقابل الحفاظ على العروش الخليجية التى تهددها ايران بإيعاز من أمريكا,
والتى أعلنت مؤخرا استعدادها لضرب السعودية ما لم توقف ضرباتها للحوثيين, وهى لم
تكن لتستطيع ا‘لان عن ذلك دون ضوء أخضر من أمريكا, وكرد على تصريح السيسي بأن أمن
الخليج من أمن مصر.
الحوثيون |
كان أوباما دعا قادة السعودية ودول الخليج للاجتماع به
فى كامب ديفيد, ولكنها تباطأت أو تبرمت وبعضها رفض الدعوة بصورة غير مباشرة, فكان
لابد من الضغط عليها وتهديدها بصورة مباشرة, للانصياع إلى الطلبات الأمريكية, ومنع مصر من
وضع أقدامها فى الخليج.
إذن فإن المواجهة حاليا مواجهة بل معركة تكسير عظام بين
الإرادة المصرية التى تحدت أمريكا وتخلصت من الحكم الإخوانجى الماسونى, وأفشلت خطة
أمريكا فى تفتيت الجيش المصرى, والقضاء عليه, وأيضا وقوفها بشكل صلب ضد المؤامرة
الأمريكية لتفتيت الدول العربية, ومحاولة جمع الدول العربية تحت مظلة واحدة, ظهر أثرها
فى عاصفة الحزم, والاتفاق على تشكيل الجيش العربي الموحد, والقيام بعاصفة الحزم
دون علم أو موافقة أمريكا والغرب, وتقديم حزمة المساعدات لمصر, ومساعدة ليبيا
لإعادة الدولة إليها, ومساعدة العراق فى القضاء على أرهابيي "داعش",
ومحاولة حل المشكلة السورية سلميا, وذلك يعنى خروج أمريكا من المنطقة بصورة مهينة
وفشل مخططاتها للسيطرة عليها لصالح إسرائيل.
الشاهد إذن أن عاصفة الحزم لن
تتكرر مرة أخرى, وحلم تكوين الجيش العربي الموحد أو القوات العربية للتدخل السريع لن
يتحقق, لأن أمريكا لن تسمح لمصر أن تقود المنطقة العربية أو تحقق الاستقرار والتنمية,
حتى لو وصل الأمر إلى مناوشتها عسكريا, لأن وحدة العرب وقيادة مصر للمنطقة خطر خطر
خطر على أمريكا والدول الأوروبية وتركيا وايران وإسرائيل, فلمن ستنتصر السعودية ودول
الخليج؟, وهل تخضع لضغوط أمريكا لتقبل حماية أنظمتها وعروشها مع تخليها عن مصر, أم
تتمكن من مواجهة تلك الضغوط بعلاقاتها مع مصر التى تتمكن من بما تمتلكه من رؤية
كاملة لحماية المنطقة العربية من التدخلات والتهديدات الأجنبية, لكنها تحتاج إلى
تكاتف باقى الدول العربية لصنع مظلة أمنية عربية للمنطقة العربية.
إذا تحدثنا عن روسيا ودورها فى المنطقة وأزمة اليمن, فروسيا تبحث عن
مصلحتها, ولذا باعت منظومة الصورايخ إلى ايران, رغم علاقات روسيا مع مصر وعلمها
بالخلافات المصرية الروسية, ورغم العلاقات الخاصة بين بوتين والسيسي, ولأن روسيا
تتعامل بـ "وجهين", وتخاف على علاقاتها مع الغرب, وتتعامل بحذر مع مصر
والعرب, ولن تنسي طرد السادات للخبراء السوفيت فى السبعينيات من القرن الماضى, ولا
ننسي علاقات روسيا المتميزة مع إسرائيل, وخلافاتها مع السعودية وقطر اللذين
يعاديان الأسد الذي تؤديه روسيا, وبالتالى تؤيد الحوثيين لأنهم شوكة فى جنوب
السعودية, ولهذا فهى لا ترغب فى نجاح السعودية فى حربها ضد الحوثيين, وسوف تساعد
ايران إذا هاجمت السعودية لأن مصالحها مع ايران التى ترتبط معها بعلاقات نووية إذ
هى من تبنى وتدير المفاعلات النووية الإيرانية, وهى المنفذ الجنوبى لروسيا على
المياة الدافئة.
نعتقد أن أمريكا سوف تمارس ضغوطا على مصر لسحب أسطولها, وهو ما سوف ترفضه
مصر, وسيكون الحل السياسي هو ما سوف تنتهى به الأزمة فى اليمن وباب المندب, دون
انتصار طرف على طرف, لكن ستبقى بعض البنود الشائكة التى يمكنها تفجير الوضع فى أى
وقت يشاءون, وعلى مصر أن يكون لها قواعد أو تسهيلات فى جيبوتى واريتريا حماية
لمصالحها, أو إقامة قاعدة بحرية فى الجزيرة التى تتوسط باب المندب, والسيطرة عليها
بأى شكل من الأشكال, اتفاقا أو بوضع اليد.
إن حكم مصر ومواجهة القوى العالمية والأقليمية والتهديدات
الأمنية والعسكرية يتطلب ذكاء, مهارة, حنكة, خبث, وخداع, ومعرفة تامة بالتاريخ
المصري والعربي, والصرعات على مصر والمنطة, وليس فتحة صدر أو صوت عال, وأتمنى الاستفادة
من تجربة عبد الناصر وفتحة الصدر وما أوصلتنا إليه, وتجربة مبارك الذى كان يلدغ كالحية
-حسب وصف إسرائيل- ولا أحد "يمسك" عليه شىء, والذي كان يحارب أمريكا وإسرائيل
من تحت الترابيزة, ولا أدل على ذلك من
"تجنيد" الوزير الصهيونى "أليعازر", ليكون عين مصر فى إسرائيل.
وأخيرا..
أتمنى ألا تكون هناك اتفاقات -تحت الترابيزة- مع أمريكا دون
علم مصر, وهو ما سوف تفصح عنه الأيام القادمة وخاصة بعد اجتماعات كامب ديفيد.
باب المندب مهم جدا للملاحة فى قناة السويس |
باب المندب من الفضاء |
مطلوب من القوات البحرية المصرية التواجد على تلك الجزر فى منتصف باب المندب |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق