حتى
تصبح "مصر.. بلا قمامة"؟
كتب محمود خليل:
أصبح
الاهتمام بالقضايا البيئية اهتماماً رئيسياً للدول ولا يمكن لأي دولة تريد تحقيق تقدم
في أي مجال إلا أن تأخذ البعد البيئي, حيث أصبحت كلمة البيئة تتلازم مع التنمية، فأي
تنمية لا بدّ أن تستند إلى أسس تتلاءم والوضع البيئي, ولكننا فى مصر ما زلنا نحبو
فى هذا المضمار بعد أن تركنا البيئة من حولنا تعانى ولا يلتفت أحد إلى أنينها
المستمر والموجع حتى وصلنا إلى مرحلة الانهيار البيئى التام وصار التلوث البيىء
بكافة أشكاله وأنواعه وعلى رأسه القمامة مشكلة قومية.
أصبح
واضحاً أيضا للجميع مدى الدمار الذي سببه ويسببه التلوث وعدم النظافة وتراكم
المخلفات "القمامة" فى الشوراع والميادين وحول المدارس والمستشفيات
وغيرها مما ينعكس أثره على الحياة والصحة والصورة الحضارية لنا ولبلدنا مما يستدعي
تبني خطة وطنية لزراعة الأشجار وتحويل مصر إلى بيئة خضراء, وزراعة هذه الأشجار تقع
على مسؤولية الجميع سواء مؤسسات حكومية ومجتمع مدنى وأفراد أو شركات وهيئات.
طالما
نتحدث عن النظافة فإننا نتحدث عن الصورة الحضارية التي تعكس الوجه الحضاري للمجتمع
ومدى تقدمه، والتقدم والتطور يحتاج إلى تربية وتعليم, والنظافة سلوك مكتسب نتعلمه
نتيجة للتربية التي ننشأ ونتربى عليها فى المنزل أولا ثم المدرسة ثانيا, فإذا تم
تطبيقها فإنها تبين مدى جمال وحضارة المظهر الطبيعي والبيئي للبلد، فالنظافة تعتبر
سلوك من السلوكيات التي يجب أن يتم التأكيد عليها للوصول إلى الرقي والتحضر.
إن
هذا السلوك يجب أن نزرعه في عقل أفراد المجتمع بكافة أعماره وفئاته, فعندما يكون
المجتمع نظيف يعني أننا نعيش في بيئة نظيفة، ويجب السعى إلى تعزيز هذا الاهتمام،
من خلال دور المؤسسات المختصة للتركيز على أهمية التربية البيئية في تطوير
السلوكيات البيئية ومن بينها النظافة التى لو اتبعها كل فرد من أفراد المجتمع بصفة
شخصية أو عامة فإنه يساهم في تحقيق النظافة.
إن
مسؤولية تعزيز سلوك النظافة لدى الطلاب تقع من خلال التركيز على نظافة الفصول
والمدرسة نفسها، فنظافتها هي من نظافة المجتمع, فهذه السلوكيات البسيطة تساهم في
جعل النظافة سلوكاً يومياً، والسلوك اليومي عادة متبعة يتم تطبيقها في البيت، والشارع،
والأماكن العامة وفي جميع مرافق الحياة.
إن
الوصول للنظافة الكاملة شيء صعب نوعاً ما ولكن بالمقابل عدم النظافة ينتج عنه
مشاكل صحية وبيئية خطيرة أحياناً لا يوجد لها حلول، لذا يجب أن يتم تنظيم برامج
للنظافة مثل إقامة حملات تطوعية للنظافة وهذا يتم بالتعاون مع البلديات والمؤسسات
المحلية الأخرى أو مع المدارس, هذه البرامج تعتبر من أهم البرامج الهادفة لخلق
مجتمع نظيف بالإضافة إلى كونها تعزز سلوك النظافة لدى جميع فئات المجتمع حيث أنها
تتطلب جهد من المؤسسات، الطلاب، ومن باقي أفراد المجتمع للوصول إلى هدف واحد وهو
النظافة، التى تعكس الصورة الجمالية للبلد.
إذن
فالنظافة ليست مصطلحا أو كلمة نرددها وإنما مفهوم كبير يترتب عليه أو يندرج منه
سلوكيات لها تأثير كبير على المجتمع والبيئة، فإذا ما تم التركيز عليها وتطبيقها
بشكل جدي ظهر مدى رقي المجتمع، أما إذا أهملت فإنه ينتج عنها مشاكل بيئية وصحية
كبيرة وتظهر عدم قابلية المجتمع للتطور والوصول للحضارة.
إذا
تبنينا مشروع "شجرة لكل طالب" ضمن التوعية البيئية للطلاب فسوف يكون له
انعكاس على الحفاظ على الطبيعة في المستقبل لتنمية السلوك منذ الطفولة على حب
الشجرة والتمتع بمنظر الأشجار والمساهمة في تلطيف الجو للحفاظ على المناخ النظيف
والحد من التلوث فى البيئة وتخفيض حرارة الجو بسب الانبعاثات الخطيرة من المصانع.
لذلك
نرى أنه من خلال تنظيم يوم مفتوح ضمن مشروع سنوي بعنوان" المدرسة.. نحو بيئة خضراء"، يمكننا
أن نحول مدارسنا والمناطق المحيطة بها إلى بيئة خضراء تقضى على التلوث وتنشر
الخضرة وثقافة الخضرة فى المدرسة وفى البيئة المحيطة بكل مدرسة, فإذا كانت كل
مدرسة تضم ما يقرب من ألفى طالب وطالبة فإن كل مدرسة يمكنها أن تزرع ألفى شجرة
داخل وخارج المدرسة, ولن يتأتى هذا المشروع إلا بتضامن ومشاركة عدة جهات مثل:
المحافظة
ممثلة فى الأحياء.
وزارة
التعليم بتخصيص يوم سنوى لزراعة الأشجار على مستوى مدارس الجمهورية كلها.
وزارة
الزراعة بتوفير شتلات تلك الأشجار.
مجالس
الآباء بالتعاون مع المدارس لحض التلاميذ على المشاركة فى ذلك اليوم بشراء أو
زراعة الأشجار داخل وخارج المدرسة.
يجب
أن يتضمن هذا اليوم السنوى أيضا محاضرات لمساعدة التلاميذ والطلاب في فهم وتطبيق
مفهوم الحفاظ على البيئة فى البيت والمدرسة والبيئة المحيطة بهم من التلوث المحيط
بهم.
يمكن
أيضا توجيه الطلاب والتلاميذ فى هذا اليوم إلى كيفية الاستفادة من المخلفات
البيئية فى صناعة أشياء مفيدة من تلك المخلفات مثل:
صناعة
حقائب من الأكياس النايلون أو علب اللبن.
استخدام
علب الكرتون فى صناعة أشكال فنية أو لوحات فنية.
استخدام
الزجاجات الزجاجية أو البلاسيكية أو علب "الكانز" فى صناعة تماثيل
وأشكال فنية.
أيضا
يمكن فى هذا اليوم السنوى تقديم عروض فنية ومسرحية وغنائية عن أهمية البيئة
الخضراء وكيفية الحفاظ عليها من التلوث المتعدد الأشكال والأخطار.
كما
يمكن أيضا الاستفادة من أفكار الطلاب والتلاميذ بحثهم على تقديم أفكارهم لكيفية
الحفاظ على البيئة من خلال مشاريع بحثية نظرية أو تطبيقية.
عمل
حلقات نقاشية بين الطلاب والمسئولين عن البيئة حول كيفية الحفاظ على البيئة من
خلال الأعمال والمشروعات الابتكارية للطلاب للحماية من التلوث, ودراسة إمكانية
تنفيذ تلك الابتكارات والمشروعات والأبحاث ووضع الصالح منها للتطبيق موضع التنفيذ.
يأتي
ذلك في الوقت الذى يجب أن تتجه فيه الجهات المسئولة فى الحكومة إلى اتخاذ خطوات
للحد من التلوث مثل:
إعادة
تدوير الورق.
تقليل
استخدام الكهرباء والحد من استخدام المنتجات البترولية.
التوسع
فى استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه.
تعويض
مستخدمى الأجهزة الكهربائية والتليفونات المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المعطلة بعد الحصول
عليها من المواطنين مقابل مبالغ مناسبة واستبدالها فى إنتاج أجهزة أخرى أو إعادة
تدويرها.
اطلاق
الجهات المحلية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى حملات لحماية البيئة تكون
مهمتها:
المحافظة
على الممتلكات العامة باعتبار ذلك علامة مواطنة مهمة.
تنظيم
أسبوع للنظافة فى كل حى كل شهر أو كل شهرين يشارك فيه كل أهالى الحى.
تنظيم
أسبوع كل فصل من فصول السنة لزراعة وتقليم الأشجار والعناية بالحدائق العامة.
تنظيم
حملة توعية فى المدارس ووسائل الإعلام بأهمية الغذاء وكيفية الحفاظ على الصحة من
خلال سلامة الغذاء الذى نتناوله ليكون غذاء غير ملوث بأى شكل من الأشكال.
تشكيل
مجموعات من الفنانين التشكيليين ومن طلاب الكليات الفنية وذوى المواهب الفنية
لتنظيف الجدران من الإعلانات الملوثة للعين وإعادة الرسم عليها سواء مناظر طبيعية
أو رسومات من حضارتنا أو دعوات وطنية.
تحديد
أيام محددة فى كل أسبوع تمر فيه سيارات مخصصة على كل حى وفى أماكن يعلن عنها تتلقى
مخلفات المواطنين من الأجهزة الكهربائية والالكترونية والأوراق والبلاستيك والزجاج
والأخشاب مقابل أسعار مناسبة مما يقضى على مشكلة التلوث ومخلفات البلكونات وأسطح
المنازل وكل تلك المخلفات يمكن بسهولة إعادة تدويرها وتحقق عائد مادى مجزى للشركات
التى سوف تقوم بتلك العملية ومن جهة أخرى فسوف تستوعب تلك الشركات حجم كبير من
العمالة مما يقضى على جزء من مشكلة البطالة التى تعانى منها مصر وتقلل كثيرا من
تراكم القمامة فى شوارعها.
فى
النهاية يمكن أن تنطلق تلك الحملات تحت شعار "صحة بيئتنا.. عنوان حضارتنا",
أو "من حقنا هواء نقى.. وبيئة نظيفة", أو "نظافة شوارعنا.. دليل
تحضرنا", أو "نحو بيئة سليمة.. من أجل حياة أفضل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق