الأربعاء، مايو 05، 2010

الأتوبيسات "الحمراء" تثير غضب ركاب القاهرة الكبرى

من الأحمر ثم الأبيض.. فالأخضر ثم الأحمر.. يا قلبى لا تحزن!!
الأتوبيسات "الحمراء" تثير غضب ركاب القاهرة الكبرى
ارتفاع تعريفة النقل فى أتوبيسات النقل العام بنسبة مائة بالمائة
المحصلون يصفون تصريحات المحافظ ورئيس الهيئة بـ"الكاذبة"

كتب محمود خليل:
أعلنت محافظة القاهرة عن تسيير 200 أتوبيس جديد "حمراء اللون" على خطوط هيئة النقل العام بها والتى تخدم القاهرة الكبرى, بعد تهالك عدد كبير من الأتوبيسات, وشكوى الركاب المتكررة من تأخرهم عن أعمالهم بسبب ندرة أتوبيسات الهيئة, وتكدسها بالركاب, ثم حركة المرور التى تسير "بالتصوير البطىء", وتحكم سائقى الميكروباصات فى الركاب حيث يتم "تقطيع" المسافة إلى عدة مسافات تصل على بعض الخطوط مثل مدينة نصر والهرم والسلام وحلوان وإمبابة وشبرا الخيمة إلى عدة مسافات تصل أحيانا إلى أربع مسافات, يحصل السائق على أجرة كاملة عن كل مسافة فإذا كانت المسافة تساوى 100 قرش, يدفع الراكب 300 قرش مقابل أن يصل إلى عمله, ناهيك عن التأخر بسبب انتظار الميكروباص التالى والذى غالبا ما يكون هو ذاته الميكروباص الأول الذى كان يستقله ولكن سائق الميكروباص يعلن أن هذه المحطة هى نهاية الخط وبعد نزول الركاب ينادى على المسافة التالية وهكذا حتى يصل إلى نهاية الرحلة المحددة له!!.
على سبيل المثال فإن خط الحى العاشر بمدينة نصر يتم تقسيمه عدة مرات فمن العاشر حتى السابع ومن السابع إلى العباسية ومن العباسية إلى غمرة ومن غمرة إلى رمسيس, وقيمة الأجرة كاملة هى 150 قرش وبعد التقطيع ترتفع إلى ثلاثة جنيهات!!
وخط السلام يتم تقسمه كذلك فمن السلام إلى موقف العاشر ومن العاشر إلى الجراج أو الألف مسكن ومن الألف مسكن إلى العباسية ومن العباسية إلى غمرة ومن غمرة إلى رمسيس, وقيمة الأجرة 125 قرش وبعد التقطيع ترتفع إلى 375 قرش!!
وأما خط إمبابة فيتم تقسيمه أيضا إلى عدة مسافات فمن الجيزة إلى كوبرى الخشب ومن الكوبرى إلى بولاق وناهيا ومن ناهيا إلى أرض اللواء ومن أرض اللواء إلى الكيت كات ومن الكيت الكات إلى إمبابة, وقيمة الأجرة 75 قرش وبعد التقطيع تصبح جنيهين اثنين!!
وأما خط الهرم أو فيصل فمن رمسيس إلى الجيزة ومن الجيزة إلى الطالبية ومن الطالبية إلى ويمبى ومن ويمبى إلى المريوطية ومن المريوطية إلى الهرم, وقيمة الأجرة جنيه ترتفع إلى 300 جنيهات بعد التقطيع!
وهكذا باقى الخطوط على مستوى القاهرة الكبرى ودون أن يجد السائقون من يردعهم أو يقول لهم "عيب" فقد صاروا حكومة خاصة, إرادتها فوق إرادة حكومة نظيف, التى صارت فأرا فى مواجهة هذا الأسد الذى يسمى ميكروباصا!!.. ولا يدرى السائقون أن هذا المكسب كله حرام, وأنهم يأكلون وذويهم حرام, وما نبت من حرام فى حرام.
كان الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة أجرى حوارا مع تامر أمين ومنى الشرقاوى فى برنامج "مصر النهاردة" أكد فيه أن الأتوبيسات "الحمراء" سوف تكون بذات تعريفة ركوب الأتوبيسات "الخضراء" أى 50 قرش أو 75 قرش أو 100 قرش, مراعاة – حسب قوله – للبعد الاجتماعى للمواطن القاهرى وبسبب الغلاء الذى يعانى منه, كما أكد صلاح فرج رئيس الهيئة فى ذات البرنامج على أن التذاكر باقية كما هى ولن تزيد تعريفتها.
حينما استمعنا وباقى المواطنين لهذه التصريحات ظننا أن الحكومة "قلبها رق" على المواطنين وتساءلنا عن تلك "الحنية" البالغة التى تعامل بها المواطنين, وهل هذه "رشوة" بسبب "هوجة" الانتخابات المقبلة, وبالتالى فإن حزب الحكومة يريد "تبييض" وجهه ووجه حكومته, أم إن هناك سر أخر لا نعلمه؟.
لم تكد تمر ساعات الليل حتى انكشف "الملعوب" فكل تصريحات المحافظ ورئيس الهيئة تصريحات "كاذبة" حسب أقوال محصلى الهيئة فقد تم تحديد التعريفة بجنيه كامل قبل تشغيل هذه الأتوبيسات وقبل أن يخرج المحافظ ورئيس الهيئة على الشعب من خلال التليفزيون للإعلان عن أن قيمة التذكرة ثابتة ولن ترتفع!!..
إذن فعلى من يضحك المحافظ ولمصلحة من "يكذب", ألا يعلم أن الكذب حرام؟!.. لذا يجب أن يقدم المحافظ ورئيس الهيئة للمحاكمة العاجلة والعلنية على هذه "التصريحات الكاذبة" التى تفوها بها على الملأ وفى برنامج تليفزيونى يحظى بنسبة مشاهدة و"مصداقية" عالية, لأن جميع الأتوبيسات "الحمراء" تم توحيد تعريفتها بجنيه كامل, مما رفع قيمة التذكرة بواقع مائة بالمائة فى بعض الخطوط وخمسون بالمائة فى باقى الخطوط!!
أما المفاجأة التى تعدها المحافظة بالاشتراك مع الهيئة فهى توحيد تعريفة جميع الخطوط لتصبح فئة جنية واحد, ورفع قيمة تذكرة المينى باص إلى جنيهين اثنين!!, أما الخطة فتعتمد على تجديد الأتوبيسات الخضراء ودهانها باللون الأحمر, ثم تسييرها فى الشارع وعلى الراكب أن يخضع لهذا "التحايل" ولعبة "الثلاث ورقات" التى تمارسها المحافظة والهيئة ضده منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضى, والتى اعتاد عليها منذ أن كانت الأتوبيسات حمراء ثم أصبحت أبيض فى أحمر ثم أبيض بخطين حمر ثم خضراء بخطين برتقالى ثم حمراء مرة أخرى!!
لقد قامت الهيئة فى كل هذه "التحولات اللونية" برفع قيمة تذكرة الأتوبيسات إلى الضعف فمن قرش إلى خمسة قروش ثم عشرة قروش ثم 25 قرش ثم 50 قرش ثم جنيه, ومبرر الرفع كان اللون أو المسمى, فمن الخطوط العادية إلى الطوالى إلى المميزة, إلى هذه السيارة تعمل بالغاز الطبيعى, ومازلنا فى انتظار مسمى جديد يتفتق عنه ذهن "كذابو" الحكومة.
يقول المسئول عن هيئة النقل العام ومحافظ القاهرة أن الحكومة تدعم الهيئة بعدة ملايين من الجنيهات سنويا وصل الرقم إلى 200 مليون جنيه, والغريب أن الهيئة لو تم تشغيل جميع خطوطها بكفاءة وبتذكرة قيمتها 25 قرش فسوف تحقق أرباحا هائلة ولن تحتاج إلى دعم على الإطلاق؟! كيف؟.
تمتلك الهيئة أسطولا من الأتوبيسات يبلغ حوالى 3000 أوتبيس يحقق الأتوبيس الواحد على الخط الواحد إيرادا يبلغ أكثر من 600 جنيه فى اليوم أى أن حصيلة جميع الأتوبيسات فى اليوم يبلغ حوالى مليونى جنيه, أى أن الحصيلة الشهرية تتعدى 60 مليون جنيه, وسنويا تبلغ الحصيلة حوالى المليار جنيه, بخلاف حصيلة مترو مصر الجديدة ومدينة نصر والمطرية وألماظة والألف مسكن, وبخلاف حصيلة أتوبيسات المينى باص والأتوبيسات المكيفة والأتوبيس النهرى, أى أن إجمالى الحصيلة تتعدى المليارى جنيه فى العام, فكيف بالله عليكم تحقق الهيئة خسائر كما يدعى المسئولون؟!.
الحقيقة أن هذه الحصيلة حتى تصل إلى خزينة الدولة تظل تتناقص حتى لا يصل إلى الخزينة إلا الفتات بعد خصم العمولات والمكافآت وشراء قطع غيار بدون حاجة إليها, والتى تظل فى المخازن حتى يتم تكهينها, ثم بيعها فى مزادات أو تسريبها خارج الجراجات تماما مثلما يحدث فى الأحياء فبعض الأحياء تجد الأرصفة فيها جديدة ولكن سنويا يتم هدمها وبناء أرصفة جديدة والسبب أن رئيس الحى يخشى أن تقل حصته من الميزانية أن حقق فائضا فيقوم بانفاق جميع ميزانيته على أعمال لا يحتاج إليها الحى, وفى نهاية العام المالى يقدم الميزانية وقد انفقها كلها وبدون وجه حق, ولذا يخرج غالبية رؤساء الأحياء ومهندسى الإدارة الهندسية وغيرها من موظفى الأحياء وقد "عملوا خميرة" لا بأس بها ليس بالضرورة عن طريق الاختلاسات ولكن يكفى العمولات التى يحصلون عليها من مكاتب وشركات الهندسة التى تقوم بأعمال الرصف وغيره.
وذات الأمر يحدث بهيئة النقل العام فإن الدعم يتم انفاقه سنويا فى بنود لا تجدى, كما أن العديد من الأتوبيسات الخضراء التى لم يمر علي تشغيلها أكثر من سبع سنوات تم تكهينها لأسباب واهية مثل عدم وجود سيور للموتور!!, فهل يصدق أحد ذلك؟.. أتوبيس ثمنه ربع مليون جنيه أو يزيد يتم تعطيله أو تكهينه لعدم وجود "سير" ثمنه لا يتعدى بضعة جنيهات؟!.. فهل هذه إدارة رشيدة؟.. وهل هكذا تدار مصالح الدولة والشعب؟..   
وإذا كان محافظ مثل "وزير" وهو فى الأساس أستاذ قانون ولا يراعى "المصداقية" فى تصريحاته, ومثله كثيرون فى الحكومات المصرية المتعاقبة ومنهم من هو دارس للقانون ومنهم من كان المواطنون يحملون لهم "مصداقية" ويرفضون تصديق أن هذا الوزير أو ذاك يمكن أن "يضحك" عليهم ويخدعهم بتصريحات "كاذبة", فمن نصدق بعد ذلك؟, وكيف تتحدث الحكومة عن الشفافية وتريد من الجماهير أن تثق فيها؟
للأسف سوف تظل حالة فقدان الثقة قائمة بين الشعب والحكومة طالما تكذب عليه ولا تراعى مصالح الطبقات المتوسطة وتحت المتوسطة والفقيرة والأكثر فقرا, وهى التى تكون الغالبية العظمى من الشعب, وتهتم فقط بالطبقة العليا وفوق العليا.
وللأسف أيضا فإن هذه الثقة المفقودة سوف تولد يوما بعد يوم شحنا وتشكل كل يوم ضغطا على هذه الطبقات "المحتاجة" ثم يأتى  اليوم الذى تنفجر فيه كل تلك شحنات الغضب فى وجه الجميع, وساعتها سوف يدفع الجميع الثمن, حكاما ومحكومين, طبقات عليا ودنيا, وقبل هؤلاء الوطن – مصر - فهل تعود الحكومة إلى رشدها وتنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان؟...
وقبل النهاية نتساءل أين أعضاء المجلس الشعبى المحلى بالقاهرة من تلك المهازل؟.. وأين الجهاز المركزى للمحاسبات؟.. وأين أعضاء لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب؟.. لماذا لا يفتح أحد منهم هذا الملف الخطير؟.. لماذا لا يقوم أحد من هؤلاء يزيارات مفاجئة لجراجات هيئة النقل العام لرؤية الأهمال بل والفساد على الطبيعة؟..

وفى النهاية لا أملك إلا أن أقول مع جميع أفراد الشعب – المغلوب على أمره – حسبنا الله ونعم الوكيل.        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق