قبل أن ينزلق الجيش المصري فى المستنقع الليبى
كتب محمود خليل:
من لا يتعلم من التاريخ لا يستحق أن يعيش...
يقول التاريخ أن الجيش المصري حينما يخرج عن نطاق المنطقة تتحالف ضده الدول
الأوروبية حتى لا تتوسع مناطق نفوذه خاصة أن وجود الجيش المصري فى أية منطقة من
العالم تعنى فرض سيطرته عليها, وتعنى قوة كبيرة له لن تستطيع الدول الكبرى على
محاربته إن وطأت اقدامه فى أية بقعة من العالم.
لن نتحدث عن تاريج الجيش المصريى فى العصور القديمة وقد فرض سيطرته على
أجزاء من ليبيا وحوض النيل بالكامل وأجزاء من غرب الجزيرة العربية "السعودية
حاليا, والشام, بينما كانت الامبراطورية المصرى على مر العصور الوسطى "الدول
الإسلامية" تضم غرب السعودية بما فيها الحجاز ومكة والمدينة, ودول حوض النيل
أيضا.
نصل إلى الدولة
الحديثة حينما تمكن محمد على من بناء جيش مصر الحديث وواصل فرض سيطرته على امبراطورية
مصر القديمة التى تضم كل دول حوض النيل, ووصل حتى مكة والمدينة والشام, وحينما طلب
السلطان العثمانى من محمد علي مواجهة اليونانيين المطالبين بالاستقلال عن الدولة
العثمانية، أرسل الجيش المصري والبحرية المصرية في حرب دامت 7 سنوات من1821إلى 1828م
إلى اليونان وتمكن من اخماد ثورة اليونانيين وضم أجزاء منها إلى الأملاك المصرية,
وكان رد الفعل الأوروبى على ذلك تدبير حادثة مع الجيش التركى تدخل على اثرها الجيش
المصري فى الحرب فتكاتلت الجيوش الأوربية ضد الجيش المصري وتم تدمير معظم الأسطول
البحرى المصري, وفقدان الآلاف من الجنود
والضباط المصريين, لم يهدا محمد على بل هدد الخلافة العثمانية وحاصر الأستانة
نفسها, فتكاتفت الدول الأوربية ضده ومنعته من ذلك رغم ان الدولة العثمانية كانت
تحتل أراضى أوروبية!!, وتم إجبار محمد على سحب قواته إلى الشام التى كانت تحت
السيطرة المصرية وتشكل الجناح الشرقى أو الأيمن للامبراطورية المصرية.
أما فى عهد عبد
الناصر, فقد تم استدراجه إلى حرب اليمن التى استنزف خلالها وعلى مدى 7 سنوات
احتياطى الذهب المصرى الذى تركه الملك فاروق وكانت مصر من أقوى دول العالم
اقتصاديا, حتى أن الجنيه المصري كان يساوى جنيها ذهبيا استرلينيا, وفقدت مصر أكثر
من مائة الف شهيد على أرض اليمن فى مغامرة غير محسوبة من عبد الناصر, وبعدها تم
ضربه فى 5 يونيو واحتلال سيناء, ويتم تدمير الجيش المصرى.
أما فى عهد
الرئيس السادات الذى أعاد بناء القوات المصرية وتمكن من عبور قناة السويس وهزيمة
الصهاينة وإستعادة سيناء التى أضاعها عبد الناصر فقد رفض خروج اية قوات مصرية لأية
منطقة فى العالم, وفتح باب تدريب القوات العربية والصديقة على أرض مصر من خلال المعاهد
والكليات العسكرية المصرية التى تعد من أرقى المعاهد العسكرية عالميا.
سار على هذا
النهج الرئيس مبارك الذى رفض رفضا باتا دخول مصر فى أية معارك حاول العرب خاصة
الفلسطينيين جر مصر إليها مع الصهاينة, وكانت له قولته المشهورة اللى عايز يحارب
يجى وسوف نعطيه قطعة أرض فى سيناء ولكن الجيش المصري لن يجر إلى معركة غير مستعد
لها وليست معركته موضحا أن شن حربا يجب أن تكون مدروسة ويتم الاستعداد لها جيدا
وتأهيل الاقتصاد لها.
أما الحالة
الوحيدة التى خرج الجيش المصري فيها خارج أرضه فكانت ضمن الوات العالمية التى قامت
بتحرير الكويت وبناء على طلب صدام حسين الذى طلب أن تكون القوات المصرية فى
المقدمة وهى التى رفضت رفع السلاح فى وجه العراقيين الذين استسلموا إلى القوات
المصرية ومن الكويت عادوا سالمين إلى العراق.
هكذا حافظ مبارك
على قدرات مصر العسكرية وجيشها قويا ليحافظ ويدافع عن أرض مصر, لأن جيش مصر ليس
جيشا مرتزقة, ورفض رفضا تاما محاولات أمريكا المتتالية الزج بجيش مصر فى حروبها
ومنها العراق وأفغانستان والسودان, وهى أحد أسباب الحرب ضده من قبل أمريكا.
إذا تابعنا
الوضع الحالى فإن البعض يطالب بتدخل مصري فى ليبيا, والسودان والخليج, فى حين أن
تلك المطالبات سوف تفتت جيش مصر فى عدة جبهات وتعيد إلى الذاكرة حرب اليمن, بل
أنها ستكون تميدا لاحتلال أمريكى لمصر طبقا لخطة برنارد لويس التى تقول أن أمريكا
يجب أن تجر مصر إلى حرب يتم من خلالها التدخل العسكرى على الأرض المصرية وفرض
الحماية الأمريكية عليها.
لقد دق عمرو
موسي حينما كان أمينا عاما للجامعة العربية أو مسمار فى هذه الخطة حينما وافق على
تواجد القوات الأمريكية والأوروبية على أرض ليبيا والتخلص من القذافى, وتم لها ما
أراد وتم التخلص من القذافى, ولكن بقيت القوات الأمريكية والأوروبية على الأرض
الليبيبة تشكل تهديدا لمصر من الجهة الغربية غذ تقوم بدعم الارهابيين على حدود مصر
الغربية وتدربهم للتدخل فى شئون مصر ومهاجمة الحدود والجيش المصرى, وحينما تمكن
الجيش المصري من ضرب معسكرات تلك العناصر الارهابية داخل ليبيا, كان لابد من البحث
عن وسيلة أخرى لجر الجيش المصري فى معركة خارج أرضه.
كانت أنسب السبل
هو الانقلاب والقائد هو اللواء خفتر الذى اختار أمريكا ليهاجم من أراضيها معمر
القذافى, وبعد ما يسمى ثورة 17 فبراير عاد إلى بنغازى ليحارب الجيش الليبى حتى تم
تدميره وقتل القذافى.
يعود اليوم خفتر
ليطالب الجيش المصري بالتدخل فى ليبيا وهى خطوة إن تمت ستكون بداية سقوط مصر
وانهيار الجيش المصري, إذ المقصود هو توريط الجيش المصري فى المستنقع الليبى حيث
سيتم الاستعانة بالقوات الأمريكية من جانب ما يسمى بأنصار الشريعة ليكون الجيش
المصري المصري فى مواجهة مع أمريكا على الأرض الليبية, مما يستلزم الدفع بمزيد من
القوات لمواجهة قوات أمريكا, ومنعا لهزيمة الجيش المصري.
إذا كان الجيش
المصري تورط فى ليبيا فإن الجبهة الشرقية سيتم فتحها من جانب الصهاينة
والفلسطينيين لتضيع سيناء مرة أخرى, ولا ننسي أن القوات المصرية التى سافرت إلى
المارات والبحرين لم تعد لأنها نواة لقاعدة مصرية هناك, وبالتالى ستكون بين شقى
لارحى, فايران من جانب لا تريد تواجد مصريا فى الخليج العربى, وأمريكا لا تريد
منافسا لها فى الخليج ولا ترغب فى وجود قواعد مصرية هناك, ولا ننسي التصريح الذى
صدر بأنه فى حالة تعرض دولة خليجية للهجوم فإن الجيش المصري سيكون هناك
"مسافة السكة"!!..
المطلوب أن نعى
دروس التاريخ, ولا ننساق خلف المؤامرات التى تحاك لمصر وجيشها, فأى خروج للقوات
المصرية خارج حدودها يعنى لف الحبال ليس حول الجيش فقط بل حول مصر كلها, ولهذا
نحذر ونكرر التحذير, حذار من خروج أى جندى مصري إلى أية بقعة خارج حدود مصر لأن
جيش مصر ليس جيش مرتزقة, ومن يطلب المساعدة فلتكن مساعدات لوجيستية.
لقد أنشات مؤخرا
قوات للتدخل السريع, فلتكن تلك القوات هى من تتدخل لغرض معين ولأداء مهمة معينة
فقط ووفقا لاحتياجات مصر وشروطها بحيث لا تؤثر على الجيش المصري فى الداخل.
إذا كانت الدول
العربية تريد دفاعات الجيش المصري فلتكن ضمن اتفاقية الدفاع العربى المشترك ووفق
آليات وشروط معينة وألا يكون العبئ كله على الجيش المصري, وألا يمس اشتراك الجيش
المصري فى معارك خارج أرض مصر القوة الأساسية للجيش المصري فى الداخل لن فراغ
الداخل المصري من تواجد الجيش المصري سوف يكون مطمعا للارهابيين والاستعماريين
لتنفيذ خطتهم بالقضاء على جيش مصر واحتلالها.
ليتنا نقرأ
التاريخ, ونستفيد من دروسه وعبره قبل الإقدام على أية مغامرة وقبل التصريح بحديث
قد يؤخذ على مصر ويكون سببا فى هلاك جيشها وأمنها.
ليتنا نعلم أن
العدو لا ينسي ثأره, فالجيش المصري حقق أعظم انتصار فى العصر الحديث على الكيان
الصهيونى, كما أفشل خطة ومؤامرة أمريكا ضد مصر فى 30 يونيو 2013 وتمكن من حماية
مصر من الدخول فى حرب أهلية, ولأن يهدا بال للأعداء إلى بتدمير الجيش لا قدر
الله.. فهل ننتبه؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق