لماذا لم تطلق إيران وحزب الله الصواريخ ضد
إسرائيل؟
كتب محمود
خليل:
انسحبت
إيران من دعم حماس من خلال ما جاء على لسان على لاريجانى رئيس مجلس الشورى الإسلامي
الإيرانى الذى زار دمشق مؤخرا والتقى القيادات السورية والفلسطينية وأكد لهم عدم
قدرة إيران وعدم رغبتها فى تقديم أى دعم لحماس فى حربها ضد القوات الصهيونية فى
غزة مشيرا إلى أن الوضع الدولى لا يسمح لإيران فى هذا الوقت بتقديم أى دعم لحماس
ورفض فكرة قيام حزب الله المدعوم من إيران فى جنوب لبنان بفتح جبهة جديدة مع
الصهاينة لتخفيف الضغط العسكرى عن الفلسطينيين فى غزة!
من جانبه
قال اللواء محمد علي جعفري القائد العام للحرس الثوري الإيراني إن الأسلحة اليدوية
التي يمتلكها أهالي غزة كافية لمواجهة العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل, ونقلت
وكالة أنباء "مهر" الإيرانية شبه الرسمية عن جعفري قوله إن الأسلحة اليدوية
الصنع لدى حماس والأسلحة البدائية التي يمتلكها أهالي غزة كافية للدفاع عن هذه المدينة
أمام جرائم الكيان الصهيوني, وردا على سؤال عما إذا كان لدى القوات الإيرانية خطة لدعم
أهالي غزة، قال جعفري إن "نموذج قتال ومقاومة أهالي غزة لا يحتاج إلى دعم عسكري
من قبل الدول الإسلامية وإن الوضع الجغرافي لهذه المنطقة يوفر للأهالي قابلية الدفاع
عنها في مواجهة العدوان الصهيوني".
وأضاف
"من المؤسف أن بعض الدول العربية المسلمة في الظاهر، ورغم اعتداء أعداء الإسلام
على جزء من المجتمع الإسلامي، التزمت الصمت فيما قامت بعض هذه الدول بالتواطؤ مع العدو
في هذا المجال, أن وصمة عار الصمت أمام جرائم إسرائيل ضد أهالي قطاع غزة، ستبقى على
جبين بعض قادة الدول العربية".
يذكر أن
تلك التعليقات هى نفسها التى ذكرها المسئول الإيرانى عام 2006 وقت الحرب اللبنانية
بين إسرائيل وحزب الله ناسيا أن الجغرافيا فى جنوب لبنان تختلف عن غزة التى تتميز
بأنها سهل منبسط عار من الجبال والغابات كالتى يتمتع بها الجنوب اللبنانى.
ويذكر
أيضا أن إيران وسوريا وحزب الله شجعوا حماس على الانفصال عن السلطة الشرعية فى رام
الله وكذا خرق ثم إنهاء الهدنة مع إسرائيل والدخول فى مواجهة -غير متكافئة- مع
الصهاينة وقدمت إيران وعدا لحماس بأنها سوف تقدم دعما عسكريا هائلا لها إذا اندلعت
المواجهات كما أن حزب الله وسوريا سوف يفتحان جبهاتهما لخوض غمار الحرب ضد
إسرائيل.
وقد سببت
تلك التصريحات صدمة كبيرة لقادة حماس فى الداخل والخارج خاصة وأن قدرتهم على
مواجهة القوات الصهيونية محدودة كما أنهم خسروا دعم مصر التى هاجموها بشدة فى
الفترة الماضية واتهموها بالوقوف مع الكيان الصهيونى فى خندق واحد ولذلك سارعت
حماس بإيفاد وفدا إلى مصر لتقديم الاعتذار عن التصريحات غير المسئولة والبحث فى
وقف القتال والبدء فى المصالحة مع السلطة الشرعية والعودة إلى طاولة المفاوضات
لبدء هدنة جديدة.
وهكذا
يتضح أن إيران استخدمت حماس كمخلب قط لتنفيذ مؤامرة ما ضد مصر وشل يدها عن القضية
الفلسطينية لتكون فى يد إيران ليمكن من خلالها مساومة أمريكا مقابل مفاعلها النووى
مثلما تستخدم الورقة العراقية لذات الأمر.
ولأن
حماس ما زالت تعانى من المراهقة السياسية -وقعت فى الفخ الإيرانى وفرحت بعدة
ملايين من الدولارات التى حصل عليها قادتها- فأنها سارت مغمضة العينين خلف أحمدى
نجاد الذى كان يشعل الجماهير فى إيران وخارجها بالخطب الحماسية التى تؤكد استعداد
إيران بإلقاء إسرائيل ومن وراء إسرائيل فى البحر مذكرا إيانا بخطب
"المرحوم" الذى قال هذا التصريح بنصه وكانت هزيمة 67 والغريب أن
"الزعيم" الإيرانى اختفى ولم يعلق على ما يحدث فى غزو ولم نسمع منه
تصريحا واحدا ينتقد فيه "الصديقة" إسرائيل ويطالبها بالكف عن ذبح
الفلسطينيين كما أن الصواريخ التى توعدها بها يبدو أنها اختفت فى ظروف غامضة أو أن
أمريكا منعته من إطلاقها على إسرائيل أو أنها اصيبت بالشلل, فإذا لم يطلقها نجاد
فى ذلك الوقت فمتى يطلقها؟
أما
سوريا التى تسير كالأعمى –هى الأخرى- خلف إيران وتنفذ لها أجندتها ومخططاتها فى
المنطقة العربية لتمهيد الطريق لها لتكون قائدة الأمة الإسلامية فأنها لم تنفذ
وعودها لحماس أيضا وأبت أن تطلق ولو صاروخ واحد ذرا للعيون تجاه إسرائيل لأن الأسد
بالطبع يخشى أن تضيع دمشق مثلما ضاعت الجولان وفشل هو ووالده ومنذ ما يقرب من
الأربعين عاما فى استردادها حتى اليوم رغم التصريحات النارية والشرسة التى يطلقها
يوميا تجاه إسرائيل.
أما قطر
وأميرها الذى انقلب على أبيه بمساعدة إسرائيل وأمريكا فليس غريبا أن ينضم للجوقة
التى تهاجم مصر فمن يهون عليه والده ويخونه وينقلب عليه من السهل عليه أن يخون
عروبته والقضية الفلسطينية خاصة وأنه يعيش فى حماية بين 36 ألف جندى بقاعدة
"العديد" الأمريكية فى قطر والتى تنطلق منها الصواريخ والطائرات الحربية
لضرب العراق وأفغانستان ومنها تم تزويد إسرائيل بالقنابل والصواريخ المحرمة دوليا
والتى تضرب بها غزة حاليا ومع ذلك يتهم مصر أنها لا تساعد الفلسطينيين!!
كما أن
المدعو حسن نصر الله -الذى يذكرنا هو الآخر بـ"المرحوم" فى الستينيات من
القرن الماضى- أختفى هو الآخر فى ظروف غامضة بعد أن أشعل الشارع العربى تجاه مصر
وقادتها ومطالبته الجيش بالانقلاب ضد قيادته ناسيا أن مصر تخطت مرحلة المراهقة
السياسية منذ زمن بعيد والغريب أنه صدغ أدمغتنا هو الأخر بضرب إسرائيل وتلقينها
درسا لن تنساه مدعيا أنه وحده الذى انتصر على إسرائيل ناسيا أن انتصار مصر فى حرب
73 ورغم انتقاده مصر بسبب معاهدة السلام نجده يوقع مع "العدو الصهيونى"
اتفاق هدنة بعد أن كبد لبنان أكثر من ألف وخمسمائة قتيل وأكثر من خمسة آلاف مصاب
بخلاف تدمير البنية التحتية للبلاد ومع ذلك فأنه لم يحقق النصر على الصهاينة ولم
يحرر مزارع شبعا الحائرة بين لبنان وسوريا فكل منهما يلقى بها فى وجه الأخر خشية
أن يحارب إسرائيل أو يطالبها بردها!!.. ورغم ثوريته فأنه لم يطلق هو الأخر مجرد
صاروخ واحد دعما لأخوته الفلسطينيين رغم أن تل أبيب على مرمى حجر من جنوب لبنان.
لقد
انكشف حسن نصر الله بعد أن أطلقت ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان تجاه الأراضى
الفلسطينية المحتلة (شمال إسرائيل) وسارع بعدها بدقائق نافيا أن تكون مليشياته هى
التى اطلقت الصواريخ مؤكدا أنه ملتزم بالهدنة!.. كما خرجت القيادات اللبنانية بكل
توجهاتها تعلن أنها لن تدخل فى مواجهة عسكرية مع إسرائيل رافضة خوض غمار حرب تفرض
عليها دون استعداد ودون مصلحة!..
حينما
سمعت تلك التصريحات تعجبت وضربت كفا بكف لأن تلك هى رؤية مصر الملتزمة بها وهى
أنها وقعت اتفاق سلام مع الكيان الصهيونى وأنها لن تخرقه مثلما يرفض حسن نصر الله
خرق اتفاقه معها وترفض أن تدخل حربا لم تتهيأ لها ولم تستعد لها وهى التصريحات
ذاتها التى أدلت بها القيادات اللبنانية!.. فلماذا إذن الحرب الشعواء على مصر
ولماذا يحاولون توريطها فى حرب لم تستعد لها؟.. ولماذا يهاجمون مصر طالما أنهم
يخشون إسرائيل ويخافون من خوض غمار الحرب ضدها؟
لقد خفتت
جميع الأصوات المعادية لمصر وتخلى جميع "القادة" عن الفلسطينيين سوى مصر
فمصر الكبيرة –رغما عن الجميع- هى التى ستحل القضية الفلسطينية رغما عن أنف
المزايدين ويكفى أن العرب فوضوها أثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب للعمل على
تنفيذ رؤيتها لحل الصراع بين فتح وحماس من جهة وبين الفلسطينيين والصهاينة من جهة
أخرى كما إن إسرائيل طالبت مصر أن تكون حاضرة فى أى اتفاق بينها وبين الفلسطينيين
وأيضا المجتمع الدولى كله شهد لمصر أنها الوحيدة التى فى يدها الحل ولهذا نردد مرة
أخرى أنه لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون مصر.
نرجو أن
تكون المؤامرة قد اتضحت جوانبها والهدف منها وهو الضغط على مصر لتوريطها فى حرب
على نمط ما جرى عام 76 لعلمهم أن حربا كهذه ستؤدى بمصر إلى كارثة ستظل تعانى من
أثارها ما يقرب من القرن حتى يمكنها أن تستعيد عافيتها وقدرتها على ممارسة دورها
فى المنطقة العربية بينما تكون إيران وإسرائيل وأمريكا قد حققت أهدافها وقسمت
المنطقة بمساعدة التابعين من الدول العربية مثل سوريا وقطر ومنظمات مثل حماس وحزب
الله وتكون القضية الفلسطينية قد انتهت وتم تدمير المسجد الأقصى وتوحيد القدس
لتصبح عاصمة للكيان الصهيونى ولكن السؤال الذى حيرنى كثيرا ما هى الفائدة التى
ستعود على إيران وقطر وسوريا وحماس وحزب الله من تدمير مصر؟..
لماذا لا
نسمع إجابة من شلة المعارضين المصريين الذين انجرفوا وراء تلك الحملة وهاجموا
النظام فى مصر أكبر مما هاجمته بعض الأنظمة العربية وإيران, ولم يفرقوا بين
المعارضة فى الداخل وبين المصالح العليا لمصر ونحن ننصحهم بالتعلم من المعارضة
الصهيونية وكيف يديرون مصالحهم الخارجية وكيف يتوحدون ساعة الأزمات, كما ندعو
الشباب للتأمل فى الأنظمة التى تقول ما لاتفعل وتفعل ما لا تقول حتى يعلموا أن
صانع القرار المصرى رؤيته أعم وأشمل لأن جميع الحقائق أمامه وتحت يده وبناء عليها
يتخذ قراره ونحن على ثقة أن المعارضين كانوا سيتخذون نفس الموقف إذا كانوا مكان
صانع القرار ألا إذا كان من بينهم من يفكر بعقلية ناصر وصدام فساعتها كانت ستحل
الكارثة!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق