وقفة عتاب لحماس والعرب والإخوان
المسلمين
كتب محمود خليل:
* المصريون
يختلفون عن الجميع عربا وعجما شرقا وغربا وشمالا وجنوبا هذا ما قرأته فى كتب
التاريخ وما سمعته من المعمرين المصريين وما شاهدته من أهلى وناسى من المصريين
أنهم ينتقدون أنفسهم ويجلدونها ويسخرون من أنفسهم ويقطعون ملابس بعضهم البعض
ولكنهم يرفضون رفضا تاما أن يسخر منهم ومن بلدهم ومن حاكمهم أحد غيرهم فساعتها
ينقلبون إلى أشد المحاربين ضد من يفكر فى مهاجمتهم أو اتهامهم.
* أن المصريين هم من حصل منهم ثلاثة على جائزة نوبل وهم أيضا من
فشلوا فى تنظيم المرور.. المصريون هم من أعار أفضل المدرسين لتعليم العرب ويبحثون
عن مخرج لأزمة التعليم.. هم من عمروا بلاد العرب أجمعين وحينما وقعت مصر فى أزمة
لم تجد سوى الجحود ونكران الجميل وقتل المصريين وسجنهم وتعذيبهم ونعتهم بأكلى
الفول والطعمية ولا يدرون أن هؤلاء الذين يتناولن الفول والطعمية هم من علموهم كيف
يمسكون القلم وكيف يعيشون داخل منازل ورصفت لهم الطرق وأنشأت لهم المدارس
والجامعات والمصانع والمستشفيات ووضعت لهم دساتير الحكم ونظم إدارة بلادهم ولم
يتآمروا يوما على بلد عملوا فيه ولكن رد الجميل كان بالإساءة للمصريين والسخرية
منهم والعبث ببناتهم ونسائهم ونعتهم بالفراعنة وهو وصف لا نتبرأ منه فهو ليس سبة
لنا ولكنه مصدر فخر.
* أن العرب يتناسون أن المولى عز وجل أوصى العرب خيرا بأهل مصر
(لفظة القبط لا تنسحب على مسيحيي مصر ولكنه وصف للمصريين أجمعين) وتناسوا أيضا أن
المولى عز وجل توعد بمن يريد شرا بمصر فسوف يقصمه المولى عز وجل فهل يقرأ العرب
كتابهم المقدس.. القرآن الكريم.. ليعلموا حجم ما يرتكبوه ضد مصر وأهلها؟. وقد لخص
وديع الصافى فى أحدى أغانيه التاريخ والعقيدة والسياسة حينما قال "أسمعوا
لمصر إذا قالت نعم فاتبعوها وإذا قالت لا فأنصتوا لها".. ولكن من يسمع ومن
يفهم؟.
*
لقد بكيت مرتين خلال الأسبوع الماضى الأولى بسبب الحملة الكريهة التى قادتها
فضائية الجزيرة والمنار على مصر واتهامها بالتآمر على القضية الفلسطينية وأن ليفنى
حصلت على أذن من الرئيس مبارك لضرب غزة!! لقد بكيت من المظاهرات التى خرجت فى
البلاد العربية والدول الأوروبية تهاجم مصر وتسبها وتمزق الأعلام المصرية وتحرقها
وأبكانى أكثر أن يكون الفلسطينيون أول هؤلاء الشاتمين والسابين لمصر!!
*
أما الثانية فكانت حينما تابعت جنازة الشهيد ياسر فريج وبكاء وحسرة زوجته وأمه
وأهله أجمعين والخمسين ألف الذى شيعوه إلى السماء شهيدا وللحور العين عريسا وكلما
أعيد ذلك المشهد أبكى وأتذكر قول والدى رحمة الله عليه حينما ذهبت إلى سيناء لأقضى
بعض شهور تجنيدى هناك "خلى بالك من الفلسطينيين" وكان والدى قد أدى قضى
جزء كبير من فترة تجنيده قبل 1952 فى سيناء ولم استوعب مقولته ألا بعد حادثة
الشهيد ياسر فريج الذى تلقى رصاصات الغدر من جانب الفلسطينيين لمنعه إياهم من
اقتحام حدود بلده والحفاظ على أمنها وأمن ذويه من المصريين.. لقد أدمت زوجته
قلوبنا فهل شاهدها أحد من الحنجوريين؟.. وما هو تعليقهم على ما قالته؟.. وعلى
رفضها الحديث إلى محمد دحلان.. للأسف فتلك صارت مشاعر جميع المصريين تجاه
الفلسطينيين فهل هذا هو ما تريده حماس وسوريا وقطر؟
*
لقد تبرع والدى مثل جميع المصريين براتبه أكثر من مرة للقضية الفلسطينية
وللفلسطينيين كما تبرعت أنا وكل جيلى كما تبرعت ابنتى آلاء وشقيقها زياد بمصروفهما
البسيط دعما للفلسطينيين مثلهما مثل باقى طلاب مصر ورغم الأزمة الاقتصادية التى
نعانى منها ألا أن واجبنا القومى لم يغب يوما عن فكرنا ولكن حماس نسيت معاناة
المصريين بسبب القضية الفلسطينية وردت على المساعدات برصاصات غادرة وحملة إعلامية
كاذبة للنيل من مصر وبرغم سعادتى حينما فازت فى الانتخابات منيت نفسى أن تكون صورة
مشرفة للحكم الإسلامى الواعى النزيه ولكننى كنت واهما وسقطت حماس مثلما سقطت قبلها
التجربة الإيرانية وتجربة طالبان.. وهو ما دعانى أيضا أن أرفض تولى الأخوان
المسلمين لمقاليد الأمور فى مصر خاصة بعد موقف مرشدهم العام وانسياقه خلف الحملة
المغرضة ضد مصر ويتضح من هذا الموقف أن أمورهم ليست بأيديهم وأن هناك تعليمات
وأوامر خارجية هى التى ترسم لهم تحركاتهم مما يجعلنى أرفض مشروعهم السياسى كله بعد
أن كنت أميل للتعاطف معهم وأن يعطوا الفرصة لعل تجربتهم تكون أكثر رشدا من التجارب
العربية والإسلامية السابقة ولكننى كنت واهما.
*
لم أشأ أن أعلق على أحداث معبر رفح الأولى حينما اقتحم أكثر من نصف مليون فلسطينى
بوابة رفح وساحوا فى سيناء لولا جهود الأمن المصرى الذى سيطر على الوضع وضبط بعض
الفلسطينيين وقد دخلوا مصر بسيارات مفخخة وأسلحة وذخائر ووصل بعضهم إلى بنى سويف
والإسكندرية والفيوم!!.. وقد تسبب من عبر من الفلسطينيين فى أزمة اقتصادية كبيرة
أثرت ليس على رفح والعريش فقط ولكن وصل التأثير إلى القاهرة وكذا ضخ الفلسطينيون
أكثر من 20 مليون دولار مزور فى السوق المصرية!!.. بخلاف قيام بعضهم بالاعتداء على
مواطنى ومواطنات رفح والعريش بعد أن اعتدوا على الضباط والجنود المصريين على
الحدود وعلى المعبر!!..
*
اليوم كان لابد من كشف المؤامرة التى تتعرض لها مصر من جانب إسرائيل مدعومة بحماس
وإيران وحزب الله اللبنانى وسوريا وبدعم أمريكى أوروبى لتحويل سيناء إلى وطن بديل
للفلسطينيين!!.. وتساءلت إذا كان الفلسطينيون سيرحلون من فلسطين ويتركونها
لإسرائيل فمن سيحرر الأقصى والقدس وباقى أراضى فلسطين؟.. هل سيحررها المصريون؟..
السوريون؟.. الإيرانيون؟.. أم حزب الله؟
*
كل دول العالم التى تعرضت للاحتلال حررها أهلها وأبناءها إلا الفلسطينيون يريدون
من الأخرين أن يحاربوا بدلا عنهم ويحرروا أراضيهم ثم يسلمونها لهم بعد ذلك!!.. هل
هذا منطق؟.. وبمناسبة الهجوم الفلسطينى والعربى على مصر نتساءل هل المصريون هم من
أجبروا الفلسطينيين على بيع أراضيهم لليهود منذ نهاية القرن قبل الماضى؟ هل
المصريون الذين دخلوا الحرب عام 48 دون استعداد وتحت الضغوط العربية ورفض الجيوش
العربية التنسيق المشترك ثم الاتصال السرى بينهم وبين الصهاينة مما نتج عنه مواجهة
الجيش المصرى وحده للعصابات الصهيونية فكانت الهزيمة من نصيب العرب وفقدان مصر
لآلاف الشهداء ومن ثم كانت حركة 52 التى جرت على مصر الكثير من الأهوال حيث تولى
أمر مصر حفنة من الضباط صغار السن عديمى الخبرة السياسية ومن ثم أمكن استفزازهم فى
عام 67 وبدون استعداد دخلت مصر الحرب مع الصهاينة وكانت الهزيمة المريرة التى
مازلنا نعانى منها داخل مصر حتى اليوم وفرح العرب بهزيمة مصر وشمتوا فى الجيش
المصرى حتى كان نصر الله عام 73 على يد الزعيم أنور السادات وعاد النصر بالأموال
الطائلة على الدول العربية وحينما بدأت مصر عمليات فك الاشتباك عام 74 بدأت
الحملات العدائية العربية ضد مصر كتلك التى تعرضت لها عقب قبول مصر لمبادرة روجرز
عام 70 واستمرت حتى عقد اتفاقية كامب ديفيد عام 79 وقد شاركت وملايين المصريين فى
استقبال الزعيم السادات بعد عودته من أمريكا عقب توقيع المعاهدة ثم شكل العرب ما
أسموه "جبهة الصمود والتصدى وسحبوا سفراءهم من القاهرة وجمدوا عضوية مصر فى
جامعة الدول العربية ونقلوا مقرها إلى تونس وساوموها بثلاثة مليارات دولار لمعالجة
أزمتها الاقتصادية مقابل التخلى عن المعاهدة ولكن السادات الرئيس المصرى رفض بإباء
وشيم أن يحارب معارك العرب حتى أخر جندى مصرى ووضع لبنة مصر أولا.
*
سار الرئيس مبارك على نفس النهج ورفض كافة المحاولات لجر مصر إلى الحرب ابتداء من
قتل الجنود المصريين على الحدود وحتى الانتفاضة المتكررة للفلسطينيين لأنه يعلم
تمام العلم حجم المؤامرة العربية والإقليمية والصهيونية والعالمية ضد مصر وحينما
حاول العرب جر مصر إلى الحرب بسبب غزو العراق رفض بشدة وتعرضت مصر لنفس ما تتعرض
له حاليا من جانب العرب لتمرير المؤامرة ولكن مبارك كان حاسما منذ سنوات حينما قال
أن ما حدث عام 67 لن يتكرر ومصر لن تضحى بأبنائها وأن الأمن القومى المصرى فوق كل
اعتبار وأن الجيش المصرى لحماية مصر والمصريين وأن من يريد الحرب فليذهب للحرب
وسوف نؤيده ومن يريد أن يفتح حدوده لمهاجمة الصهاينة فليفعل وهناك حدود سعودية
وأردنية وسورية ولبنانية مع الكيان الصهيونى وهناك الحدود البحرية فلماذا التركيز
على الحدود المصرية فقط؟.
*
تصريحات مبارك عبرت عما يجول بخاطر المصريين ورفضهم خوض حروب عبثية بينما العرب كل
فى بلده يعمرها وينميها بينما تتحمل مصر تدمير مرافقها واقتصادها وحياة أبنائها
وما يؤلمنى حقا أن سوريا لم تتعلم ولا تريد أن تتعلم من التاريخ ولا ترغب فى فهم
الواقع العالمى والمتغيرات الدولية وتحاول جر مصر إلى الخراب مثلما فعلت عام 67 و
73 حينما ورطت مصر فى حادثة الثغرة نتيجة تطوير مصر لهجومها تخفيفا عنها بعد أن
أعادت إسرائيل احتلال ما استردته سوريا فى الحرب ووصلت إلى أبواب دمشق.
* نتساءل أيضا عن أسباب عدم تحرير السوريين
للجولان حتى اليوم ومنذ 40 عاما ولماذا لم تطالب تركيا بإقليم الإسكندرونة الذى
يقع تحت السيطرة التركية منذ الحرب العالمية الثانية وبمناسبة تركيا هل نسى رئيس
سوريا حينما جاء إلى الرئيس مبارك مستنجدا ومستصرخا للوساطة مع تركيا حينما حشدت
جيشها على الحدود السورية لضربها وقطعت عنها المياه؟.. * ونسأل السوريين لماذا لم
تفتحوا حدودكم لضرب إسرائيل؟. ولماذا رفضتم الدفاع عن الفلسطينيين حينما احتلت
إسرائيل لبنان وقامت بمجازر ضدهم وكان لديكم الفرصة لضربهم واسترداد الجولان ولكن
جنودكم كانوا يتجاورون مع الصهاينة ويتناولون معهم أكواب الشاى والبسكويت بل خفتم
من التصدى للصهاينة بعد أن ضربوا مواقعكم داخل لبنان وداخل سوريا نفسها؟
*
ونسأل أيضا هل نسى العراقيون أن مصر هى التى أنقذت بغداد من السقوط فى أيدى
الإيرانيين أثناء حرب الخليج الأولى؟.. وهل نسى المغاربة والجزائريين أن مصر هى
التى نزعت فتيل الأزمة بين بلديهما وكان قد استعدا لحرب لا يعلم مداها سوى المولى
عز وجل؟.. وهل نسى الجزائريون أن العدوان الثلاثى على مصر عام 56 كان بسبب دعم مصر
للمجاهدين فى الجزائر؟.. وهل نسى الليبيون المغامرة الفاشلة فى تشاد وهزيمة جيشهم
هناك وتحرك التشاديون نحو ليبيا لاحتلالها ولم ينقذهم سوى مبارك؟.. هل نسى
الكويتيون أنه لولا مصر لظل الاحتلال العراقى جاثما على أراضيهم ولدخل جميع الدول
الخليجية بما فيها السعودية؟.. هل نسى السودانيون المساعدات المصرية المتتالية
للوقوف فى وجه حركات الانفصال والعمل على توحيد البلاد؟.. هل نسى اليمنيون أن
المصريين هم الذين حرروهم من حكم الإمام وأن الجيش المصرى فقد خيرة ضباطه وجنوده
على أراضيه وكانوا يذبحون على أيدى القبائل اليمنية وضاع الاحتياطى المصرى من
الذهب بسبب تلك الحرب؟.. هل نسى اللبنانيون أن مصر هى صمام الأمان لهم وهم من شدوا
أزرهم أثناء الاحتلال السورى والإسرائيلى وأثناء الحرب الأهلية؟.. هل نسى العرب
أجمعين من المحيط إلى الخليج أن مساندة مصر لهم سياسيا وعسكريا واقتصاديا كانت
السبب المباشر فى استقلال بلادهم؟..
*
أما حزب الله وأمينه العام الذى هاجم مصر وطالب جيشها وشعبها بالخروج ليذبحوا على
حدود غزة نسأله عن المساعدات التى قدمته مصر له أثناء حربه العبثية مع إسرائيل
والتى كلفت لبنان تدمير بنيته الأساسية وقتل أكثر من ألفى لبنانى دون جريرة وماذا
كانت النتيجة مازالت مزارع شبعا محتلة ولم يتحقق النصر المزعوم بل خضت مفاوضات
عديدة وعقدت اتفاقيات هدنة مع الصهاينة الذين تطلب من المصريين أن يلغوا معاهدة
السلام معهم؟..
*
ويتساءل المصريون وأنا معهم بالطبع لماذا لم تخرج من مليشياتك رصاصة واحدة دعما
لحماس وللفلسطينيين الذى استعديتهم على مصر؟.. ولماذا تدعو لقمة عربية قلت سابقا
عنها أنها قمم تافهة لا تقدم ولا تؤخر!!.. هل تريدها قمة لمحاكمة مصر أم لتعلم
المصريين فنون السياسة والحرب؟. ولكن يبدو أن معلوماتك التاريخية ضعيفة جدا ولا
تعلم أنه كان لمصر حكومة قبل أن يعرف العالم معنى حكومة وكان لمصر أول جيش نظامى
منذ فجر التاريخ قبل أن يعرف العالم معنى وفن الحروب وعرفت مصر معنى الأمن القومى
لمصر قبل أن يتعرف العالم على مفهوم الأمن.
*
أثناء لقائهما في طهران
إبان الحرب العالمية الثانية قال تشرشل لستالين: "إن الحقيقة ثمينة إلى درجة
أنه لا بد من حمايتها
غالباً بحرس من الأكاذيب" وهو ما نسميه حاليا
بمصطلح التضليل الإعلامى والسياسى ولكن لهذا التضليل علم إستراتيجى له أسس ومقومات
وحتى هذا التضليل فشل فيه العرب فى حربهم الإعلامية ضد مصر إذ أن
التناقض والتضارب فيما يشاع عن مصر حينما يخضعها العاقل لقراءة نقدية متجردة عن
الأهواء سيجدها هراء وعبارة عن أكاذيب غير مبنية على أساس من الواقع.
*
هل نسى الفلسطينيون ما قدمته مصر طوال ستة عقود من مساعدات وأرواح؟.. هل نسيتم
ماذا فعل السادات ومبارك ومن قبلهما عبد الناصر من أجلكم ولاخراجكم من بيروت مرتين
وكنتم على وشك الإبادة بأيدى السوريين واللبنانين والصهاينة ومن قبل أيلول الأسود
عام 70 بالأردن؟
* لقد كنت أمنى نفسى أن يخرج الرئيس مبارك ليفسر للمخدوعين من
الشباب المصرى المتحمس لنصرة الفلسطينيين أسباب الحرب القذرة التى يشنها العرب ضد
مصر وقد فعلها مبارك وخرج بكل هدوء وبكلمات مغلفة بحزن عميق وبحزم يؤكد أن مصر لن
تتخلى عن القضية الفلسطينية وأن مصر على علم تام بما يراد لمصر وأن مصر واعية للفخ
الإسرائيلى المدعوم من حماس وجهات عربية أخرى.
*وأخيرا
نقول أيها الصغار:
ابتعدوا عن مصر.
كفاكم
مؤامرات ضد مصر.
دعوا
مصر تلتقط أنفاسها بعد سنوات طويلة من الحروب.
دعوا
مصر تعيد بناء اقتصادها.
ابتعدوا
عن شباب مصر وأهل مصر.
لماذا
تستكثرون على المصريين بعضا من الهدوء والراحة؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق