السبت، يناير 31، 2009

.. وخرجت مصر وحدها منتصرة

.. وخرجت مصر وحدها منتصرة


كتب محمود خليل:

وانتهى العدوان على غزة وبدأ كل طرف فى عملية الحساب والخسارة.
الصهاينة من جانبهم شكلوا لجنة للبحث فى الإخفاق الذى حدث فى غزة وعلى الرغم من كمية الصواريخ والقنابل وآلة الهدم والتخريب والتدمير فإن الصهاينة يرون أنهم اخفقوا فى تحقيق أهداف العدوان!!
الحمساويون خرجوا وقبل وقف اطلاق النار الصهيونى أحادى الجانب يعلنون انتصارهم على أنقاض هدم غزة بمبانيها ومنازلها ومصالحها وتشريد أكثر من خمسة عشر ألف فلسطينى وإصابة أكثر من خمسة آلاف نسمة واستشهاد أكثر من ألفى مواطن آخرين بخلاف الأسرى غير المعروف عددهم مقابل مقتل ثلاثة عشر إسرائيلى وجرح حوالى خمسة عشر آخرين!!..
إسرائيل تعلن عن تشكيل لجنة لمحاسبة المقصرين أما حماس فأن أحدا لم يطلب ولم يحاسبها على كل هذا الدمار الذى تسببت فيه أو مكنت الصهاينة أن يفعلوه؟
أما الدول التى اسمت نفسها بدول الممانعة (الممانعة ينطبق عليها المقولة يتمنعن وهن الراغبات) فقد شلت بعد أن علمت حجمها الحقيقى بعد إدارة مصر الممتازة للأزمة وكشفها للمواقف الزائفة لتلك الدول.
أما مصر فقد تمكنت بفضل خبرتها وهدوء الرئيس مبارك وحكمته وعدم اندفاعه خلف الاتهامات التى شنت على مصر وعليه شخصيا -فى محاولة لاستفزازه لاتخاذ قرار فى غير صالح مصر بل فى غير صالح القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بأكملها لعلم مصر وقيادتها المسبق بما يرتب ويدبر لمصر وللقضية الفلسطينية- فى تحويل الدفة لصالح مصر ورد السهام والاتهامات ضد مصر وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح ولذلك لم يكن من الغريب أن تتلقى مصر تأييد الدول العربية والأوروبية وغيرها لمبادرتها لوقف العدوان على غزة ورؤيتها لحل القضية الفلسطينية.
ذهب مبارك إلى قمة الكويت مرفوع الهامة ممثلا لمصر الكبيرة مصر الحضارة والتاريخ -المؤثرة فى مجريات الأحداث ليس فى المنطقة فحسب بل على المستوى الدولى أيضا- ليتلقى التهانى على نجاح مصر فى مبادرتها ووضع الكيان الصهيونى موضعه الصحيح فلولا أن إسرائيل تعلم علم اليقين أن مبارك حينما طلب منها وقف العدوان وبلهجة حازمة كان يستند إلى قوة مصر ما كانت أوقفت العدوان.
ذهب مبارك إلى الكويت منتصرا للعقل والواقع ولأنه كبير ويمثل مصر الكبيرة حدد أسس التعامل مع الكيان الصهيونى ووضع أمام العرب ما يشبه خريطة الطريق للتعامل معه كما دعا إلى المصالحة العربية والتعاون العربى محل الخلاف والفرقة محذرا مما يراد بالمنطقة العربية وبالقضية الفلسطينية.
لقد تلقى مبارك على الفور نتيجة نجاحه فى إدارة الأزمة ممثلة فى وقف إسرائيل الفورى للعدوان ثم نجاح قمة شرم الشيخ وفشل اجتماع قطر واتصال الملك عبد الله ملك السعودية لتهنئته على نجاح مصر فى إدارة الأزمة كما تلقى مبارك الشكر على إنجاح قمة الكويت من قبل أمير الكويت الذى ترك مكانة على المنصة الرئيسية ليشكر مبارك ويقبله أمتنانا على ما قام به من جهد تجاه غزة وتجاه قمة الكويت ودعوته للمصالحة مع أمير قطر ورئيس سوريا.
لقد استغلت إسرائيل الأحوال العالمية لتنفيذ مخططها بالعدوان على غزة واستغلت مصر نفس الظروف لتحقيق أهدافها ولتثبت أنها الكبيرة فى المنطقة وأن أحدا لا يفرض شيئا عليها أو على الفلسطينيين ولا يتم تنفيذ أمر ما يخص المنطقة ألا بعد الموافقة المصرية.
وهكذا تخرج مصر وحدها من الأزمة منتصرة وليخسر الباقون حتى لو أدعى أحد غير ذلك.
فى جلسة مع بعض الشباب الذى تأثر بما تنشره الفضائيات وبعض الصحف المصرية التى لم ترتق إلى مستوى المسئولية دفاعا عن أمن مصر والمصريين وكانوا أداة هدم فى يد أعداء مصر والمصريين وأشاعوا نوعا من البلبلة الفكرية والوطنية والسياسية بين أبناء الشعب حيث أدعى البعض أن عبد الناصر لو كان على قيد الحياة لما جرؤت إسرائيل على ضرب غزة؟!.
ضحكت ضحك كالبكاء بسبب قلب الحقائق الذى يمارسه البعض مستغلا عدم علم الشباب بحقائق التاريخ ولأنهم لا يقرأون وقلت لهم لو كان عبد الناصر على قيد الحياة لحذر إسرائيل من القيام بالعدوان على أبناء غزة وخطب فى التليفزيون محذرا أمريكا من مساندة إسرائيل وشتم بوش وخضع للمظاهرات الغوغائية التى انطلقت ضد مصر أمام السفارات المصرية فى الدول العربية والأجنبية وأعلن استعداده لخوض الحرب ضد إسرائيل إذا هاجمت غزة وحينما تبدأ إسرائيل العدوان يعلن أنه أمر بفتح الحدود المصرية لأبناء غزة للدخول إلى سيناء هربا من القصف الصهيونى ويبنى لهم المخيمات وحينما تدخل إسرائيل غزة تجد معظم الفلسطينيين قد فروا إلى سيناء فتوجه شكرا إلى عبد الناصر لأنه حقق لها ما أرادت ولكنها تلاحقهم فى سيناء فتضربهم بالصواريخ والطائرات والقنابل ويعتبر عبد الناصر ذلك إعلان حرب فيأمر القوات المسلحة بالرد وتشتعل الحرب بين مصر وإسرائيل وتحتل الأخيرة سيناء.
ويخرج عبد الناصر بعد ذلك ليعلن على الشعب أنه أخطأ فى تقدير الموقف مثلما أخطا فى اختيار توقيت تأميم قناة السويس ومثلما أخطأ فى اتخاذ قرار إغلاق مضيق تيران ومثلما أخطأ حينما استفزته المظاهرات العربية قبل هزيمة يونيو 67 ومثلما أخطأ حينما صدق الاتحاد السوفيتى وسوريا حينما ادعيا وجود حشود إسرائيلية على الجبهة السورية.
لم يكن عبد الناصر هو فقط الذى أخطأ التقدير ولكن صدام أخطأ حينما هاجم ايران بعد عودة الخومينى وحينما غزا الكويت وحينما رفض دخول المفتشين الدوليين للمنشآت النووية كما أخطأ عرفات والأسد الكبير حينما رفضا الاستجابة لمبادرة السادات بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل وكونا مع صدام والملك حسين جبهة الصمود والتصدى وضغطوا على البلاد العربية لقطع علاقاتها مع مصر مثلما أخطأ حسن نصر الله بمهاجمة إسرائيل ومثلما أخطأ مشعل وهنية بعدم تجديد اتفاق الهدنة مع الكيان الصهيونى والدخول فى مواجهة خاسرة معه.
كل هؤلاء أخطأوا ولم يعملوا عقولهم ولم يرتقوا إلى مستوى المسئولية ولم يقرأوا الواقع ولم يدرسوا الوضع العالمى ولم يعملوا حساب الربح والخسارة وتأثير مغامراتهم على الشعب والدولة ولكن كل همهم كان الشعبية الكاذبة ونتيجتها كان النصر الخاسر.
عبد الناصر أعترف بأنه أخطأ فى تقدير الموقف وفعلها نصر الله ومن قبله عرفات بينما أبى صدام ومشعل وهنية.. فهل للشعوب أن تحاكم هؤلاء (القادة) على ما اقترفت أياديهم فى حق شعوبهم وبلادهم؟
قال مبارك منذ سنوات إن جيل أكتوبر لن يسلم الراية ألا مرفوعة وكل شبر من أراضيه محررا وأن هزيمة 67 لن تتكرر ومن قبله أوقف السادات الحرب ليعلن فى مجلس الشعب أنه لن يحارب أمريكا وكان يشير على تدخل أمريكا المباشر فى الحرب إلى جانب إسرائيل لإنقاذها من الهزيمة التى لحقت بها على يد الجيش المصرى فى 73 أما مشعل فأنه قال أن ما حدث فى غزة مجرد أذى عابر كما قال هنية أن المقاومة ستخرج منتصرة حتى لو أبيدت غزة!!
تحية إلى مبارك ومن قبله تحية إلى السادات وتحية إلى الشعب المصرى الذى وعى المؤامرة التى تدبر ضد مصر حيث أيد 96 بالمائة منه -حسب استطلاع رأى قامت به جريدة الحوار العربى- خطوات الرئيس مبارك وإدارته لأزمة العدوان على غزة.  
وكان مبارك القى خطابا قبل التوجهة للقمة وأثناء الغارات التى شنتها إسرائيل ضد غزة, تناول فيه الوضع في القطاع, المبادرة المصرية و الاتفاق الذي تم بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية. ومن أهم النقاط التي وردت في خطابه:
- مصر لم تحاول أبداً إملاء مواقف معينة على الفلسطينيين.
- ماذا فعلت دول الممانعة لدعم الفلسطينيين أو تحرير الدول العربية؟
- حذرنا الفلسطينيين من تداعيات رفض تمديد التهدئة.
- فتحنا معبر رفح منذ اليوم الأول للعدوان وأدخلنا عبره ما يزيد على ألف طن من المساعدات الانسانية وأخرجنا الجرحى.
- مصر طرحت مبادرة في غياب أي مبادرة أخرى لوقف النار في غزة.
- إن مصر لن تقبل بوجود أي مراقبين أجانب على حدودها وهذا خط أحمر.
- أقول لقادة إسرائيل أن العدوان على غزة لن يحقق أمنها وسيزيد صمود الفلسطينيين ويعزز الكراهية تجاهها ويقطع الطريق أمام السلام، لذلك أطالب الإسرائيليين بوقف النار فورا والانسحاب من القطاع ورفع الحصار عنه.
- ستعمل مصر فور وقف النار لإعادة التهدئة في غزة.
- مصر عازمة على مواصلة جهودها لوقف الانقسام الفلسطيني بما يخدم القضية الفلسطينية وستدعو إلى مؤتمر دولي لاعادة الاعمار في غزة.
- ما يحصل في غزة لا يجب أن يحول أنظارنا عن ضرورة إنهاء الإحتلال وقيام دولة فلسطينية.
- مصر ستمضي بجهودها بثبات من دون الالتفات إلى المزايدات والمهاترات.

- مصر لا تلتفت للصغائر، وستحافظ على هويتها العربية وتواصل مسعاها لتوحيد العرب لا لتفريقهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق