عندما توقف قلبى.. عرفت كم أعشقك؟!
قضايا مياه النيل وأم الرشراش وحلايب وشلاتين من اهمها:
الأسباب الحقيقية لحرق المجمع العلمى المصرى
كتب محمود خليل:
يوم 17 ديسمبر 2011 فى هذا اليوم مساءا توقف قلبى عن دقاته المعتادة, وغرقت فى بحر من العرق الغزير, وعدم القدرة على التنفس, واصبت بحالة من الإعياء والإكتئاب, حتى إننى قمت بالوضوء وصليت صلاة العشاء وصلاة الليل وصلاة الوتر, ومددت جسدى على السرير وقرأت الشهادتين, وطلبت المغفرة من ربى على كل ما ارتكبت من ذنوب وخطايا, متعمدة وسهوا ونسيانا, ومر بخيالى شريط حياتى منذ بدأت افتح عيناى على الدنيا, وتذكرت كيف كانت تحملنى أمى – رحمة الله عليها واسكنها فسيح جناته – على كتفها وكيف كنت اجرى إليها لأنام على صدرها وكم كنت أشعر بالأمن وأنا فى أحضانها, وتذكرت كيف كنت أمسك بيد والدى – رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته – وهو يشترى لى ملابس العيد والمدرسة, مرورا بفترة الصبا ثم فترة الشباب المبكر والمراهقة, ثم فترة الشباب والدراسة فى الجامعة, حتى تخرجت من الجامعة, وكم كانت فرحة أبى وأمى, فى ذلك اليوم, ثم تذكرت فترة التجنيد, فى منطقة أبو سلطان, عام 85 و 86 وكيف تعلمت فى مدرسة العسكرية المصرية العريقة معنى الالتزام وحب الوطن, والدفاع عنه, وكم مرة رفعنا الاستعداد تحسبا للحوادث التى مرت بها مصر فى تلك الفترة, ومنها حادث الأمن المركزى, ومنها حماية مجرى قناة السويس أثناء مرور بعض الحاملات المهمة سواء بترولية او عسكرية, وكيف كنت وزملائى تمتلىء نفوسنا فخرا وعزا وحبا ونحن نؤدى واجبنا فى حماية وطننا, عملا بحديث رسول الله صل الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار.. عين باتت تحرس فى سبيل الله وعين بكت من خشية الله",.. صدقت يا حبيبى يا رسول الله, صل الله عليك وسلم تسليما كثيرا.
استمر شريط الذكريات وتذكرت يوم زواجى وفرحتى بابنتى ثم ابنى, وكم تأثرت يوم طلاقى, وكيف يعيش أولادى بعيدا عنى, وكيف تكون حياتهما من بعدى, وقد افتقدا توجيهات الأب, وحمايته, والأمن الذى شعرت به وأنا فى كنف والدى, ودعوت الله تعالى أن يكفل لهما حياة سعيدة, ويحميهما ويساعدهما فى حياتهما المقبلة.
يمر شريط حياتى واتذكر وأنا التحق بالعمل بجريدة "الأحرار" وكيف خضت معارك كثيرة من أجل شرف المهنة والحفاظ على المصالح الوطنية لبلدى, وكم منعت مرارا من نشر مقالاتى بسبب محاربتى لفساد الكثيرين من رموز عهد مبارك, بل منع أكثر من مقال لى انتقدت فيه الرئيس مبارك ذاته, وكان التبرير عدم مهاجمة الرئاسة وكل الشخصيات التى ترتبط بها, رغم إننى لم اشتم ولم أسب ولكنى كنت انتقد سياسات وتصرفات, وهو ما الجأنى إلى إنشاء مدونة "ابن مصر", وبعد تنحية مبارك بعد أحداث يناير, منعت من الكتابة لأننى هاجمت أحداث يناير التى كنت أراها منذ البداية مؤامرة لإسقاط مصر وليس لإسقاط مبارك فقط, لأن من قام بها كانوا من المنتمين إلى تيارات معينة يتم تمويل القائمين عليها من الخارج –ثبت مؤخرا أنه تم انفاق أكثر من مليارى دولار منذ يناير إلى نوفمبر 2011 – وكان تبرير منعى إنه لا يجب أن نهاجم ما اسموها ثورة, خوفا من حرق الجريدة, وكنت أرى هذا نفاقا وخوفا ومزايدة على هؤلاء الخونة والعملاء الموجودين فى التحرير, ولأننى صاحب قلم وكل ما يكتبه صاحب القلم مؤاخذ عليه يوم القيامة, رفضت ذلك الرأى فى منع مقالاتى, وقررت إنشاء مدونتى "18 مارس", لتكون لى حرية كاملة فى كتابة رأيى, وكأننى عوقبت مرتين الأولى انتقادى لعهد مبارك, والثانية لأننى هاجمت مخربى التحرير!!
تذكرت أحداث "الحرامية" فى 17 و 18 يناير 1977 الشهيرة فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات, وكنت وقتها فى الشارع وكم ذرفت من الدموع حزنا على بلدى -وكنت وقتها فى المرحلة الثانوية- وقد شاهدت الخونة من اليساريين يحرقون كل ما تطوله أيديهم من منئآت عامة وجمعيات استهلاكية وينهبونها, وكم احرقوا من أتوبيسات النقل العام ووحدات الترام والمترو, وكان لشارع الهرم النصيب الأكبر من عمليات الحرق والنهب, وكما حدث فى اضطرابات يناير الماضى شاهدت وقتها المخربون وهم يستولون على بضائع محلات عمر أفندى وصيدناوى وشيكوريل وغيرها من المتاجر العامة والخاصة.
وصلت بشريط حياتى إلى احداث يناير وكم تألمت ودمعت عيناى حينما كنت اشاهد كيف يقوم المخربون بمهاجمة أقسام الشرطة ويحرقونها وسياراتها, وما تلى ذلك من احداث الهجوم على السجون وإخراج المساجين, وحرق المحاكم, ونهب البنوك والمحلات التجارية الكبرى وحرقها, ثم الشتائم والبذاءات التى وجهها المخربون لرأس الدولة فى صورة تنم على انعدام الأخلاق والأدب لديهم, ثم الاصرار على تنحيه, وعند نزول القوات المسلحة إلى شوارع وميادين مصر لحماية البلاد ومنشآتها ومواطنيها نجد المخربين يحرقون معداتها وسياراتها ويقتلون ضباطها وجنودها, وهو ما تكرر فى الكثير من المواقف منها ماسبيرو, وأخرها شارع قصر العينى.
تذكرت كيف قام المخربون بحرق مبانى مصر ومنها مبنى الحزب الوطنى الذى يحوى المجلس الأعلى للصحافة وكانت مكتبته تضم اقدم الدوريات العربية النادرة, التى أكلتها نيران المخربين, وكان يضم أيضا المجالس القومية المتخصصة وكانت مكتبته تضم اهم الدراسات التى اجراها خبراء وعلماء مصر فى مختلف المجالات, وحرقها المخربون, وكان يضم أيضا مقر المجلس القومى للمرأة, ومجلس حقوق الإنسان, وغيرها من المراكز والمجالس المهمة الأخرى, التى حرقها المخربون بما فيها من أهم الدراسات والدوريات والخرائط, وكيف احرقوا سيارت الأطفاء من الوصول إلى أى مبنى حرقوه لإطفاء النيران تنفيذا لمخطط حرق ذاكرة مصر وتاريخها.
تذكرت وأنا نائم على السرير انتظر نهايتى كيف تجمع المخربون محاولين حرق مكتبة الأسكندرية, وما تحويه من مقتنيات لا تقدر بثمن, ثم محاولتهم حرق مبنى التليفزيون بكل ما يحويه من شرائط إذاعية وتليفزيونية نادرة جدا ولا تقدر بثمن, ثم وصل شريط حياتى إلى ما قام به المخربون من حرق المجمع العلمى المصرى فى التحرير, حيث تم حرق العديد من المقتنيات النادرة من الخرائط والكتب والدوريات التى لاتقدر بثمن, وهو ما أصاب قلبى بالتوقف, وشعرت أن نهايتى اقتربت وإنه لا حياة لى الا ساعات قليلة, لذا مددت جسدى على السرير انتظارا لنهايتى.
إذن فهناك مؤامرة على تجريف مصر من كل ذاكرتها الوطنية, فبعد حرق دار الأوبرا ثم حرق قصر الجوهرة ثم حرق مجلس الشورى وأخيرا حرق المجمع العلمى المصرى, فمن يقف خلف كل تلك الحوادث, ولمصلحة من؟
أما الإجابة فهى إننا إذا عرفنا المستفيد فسوف نعلم من قام بحرق المجمع.
أما الإجابة فهى أن المجمع كان يضم بين جنباته كافة الخرائط لحدود مصر منذ عهد العثمانيين مرورا بالحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى لمصر وحتى اليوم, ومن بين تلك الوثائق والمخطوطات والخرائط, استرددنا طابا من العدو الصهيونى, وسترجعنا حلايب وشلاتين التى تطالب بها السودان بتشجيع من قطر وإسرائيل وأمريكا, بل وتؤكد حقوق مصر فى منابع النيل ومياهه, وبذلك فإن كافة القضايا العالقة بين مصر من جهة والكيان الصهيونى والسودان ودول حوض النيل, من جهة أخرى كان المجمع العلمى يحفظ حق مصر فيها ويؤكد على أحقية مصر فى طابا بل فى أم الرشراش وحلايب وشلاتين ومنابع النيل, كما تؤكد أن النوبيين هم جزء من شعب مصر وليسوا شعبا أخر كما يروج عملاء أمريكا وإسرائيل داعين إلى انفصال النوبة عن مصر وتكوين دويلة لهم على حدود مصر الجنوبية لتكون شوكة فى ظهر مصر, وللأسف سار بعض أبناء مصر من النوبيين وغيرهم خلف تلك الشائعات المغرضة وطالبوا بفصل النوبة عن مصر بدعم صهيوأمريكى, بل إن دولة إسلامية مثل ايران ودولة عربية مثل قطر دخلتا على خط القضية وشجعتا النوبيين على المطالبة بانفصال النوبة عن مصر؟؟!!
الغريب أن قناة سى بى سى أذاعت حرق المجمع العلمى قبل أن يحرق بالفعل, وبعدها بقليل بدأت زجاجات المولوتوف تنهال على المبنى, وكان هناك اصرار من جانب المخربين على حرقه, ورغم إن المخربين فى التحرير كانوا يقولون إنهم ضد أمريكا وإسرائيل فإنهم لم يفكروا يوما فى حرق الجامعة الأمريكية فى التحرير التى تقع على الجهة المقابلة للمجمع العلمى, ولم يحرقوا السفارة الأمريكية وكتبتها وهى على بعد خطوات من المجمع العلمى, وعلى بعد خطوات من وزارة الداخلية التى يصرون على حرقها!!! فلماذا لم يقترب المخربون من تلك المنشآت الأمريكية؟..وتلك ليست دعوة لللحرق فنحن ضد أى أعمال عنف ضد أى شخص وضد أى مبنى يتبع أى دولة أو أى شخص, ولكنه مجرد تسؤال لعل المخربين يجيبوننا عليه؟
إن حضارة اى دولة تقدر بما تمتلكه من تراث حضارى وثقافى وعلمى, فلنتصور دولة مثل قطر التى تحقد حاكمتها التى تدعى موزة وزوجها حمد بن خليفة على مصر, فهذا هو الفرق بين دولة حضارية تضرب بحضارتها فى جذور الأرض, ودويلة يقدر عمرها بعدة عشرات من السنين ولكن حاكمتها وزوجها يريد أن تكون لها "كلمة" ودور فى السياسة العالمية, وليت هذه الدويلة وحاكمتها تفعل شيئا بخلاف تبذير أموال شعبها فى تدبير الانقلابات والاضطرابات فى الدول الأخرى, ولعل دورها فى ليبيا ظاهر جدا للعيان ولكن متابع, ودورها ايضا فى العراق, ظاهر أيضا للعيان, وتحالفها مع ايران وإسرائيل ضد دول مجلس التعاون الخليجى معروف للكافة وسوف يظهر هذا الدور القذر لقطر ضد الدول العربية فى المستقبل القريب.
ليست قطر فقط ولكن هناك إسرائيل التى تريد أن تعم الفوضى فى مصر حتى يمكنها تنفيذ مخططها فى سيناء بإنشاء الإمارة الإسلامية التى تتزعمها حركة حماس بتمويل وتشجيع ايرانى, ولتصبح سيناء دويلة فلسطينية بصبغة إسلامية شيعية, وقد ظهر هذا التحالف الحماسى الإيرانى حينما خرج المدعو إسماعيل هنية ليعرض على مصر مشاركتها فى ضبط الأمن فى سيناء!!!!!!!!
إلى هذا الحد بلغت البجاحة بـ "هنية" ليعرض على مصر طلبا مثل هذا بدلا من أن يضبط ويغلق الانفاق التى يهرب من خلالها المخربين الحماسويين وأعضاء حزب الله اللبنانى الشيعى ليعيثوا فسادا فى مصر, وخاصة فى سيناء وما ضرب خطوط الغاز فى سيناء, الا بتدبير من مخربى حماس وحزب الله, ولماذا لم يغلق هنية الانفاق التى تهرب من خلالها كل المواد التموينية والأسلحة وحتى المواشى والسيارات المسروقة والهاربين من السجون والمطلوبين للعدالة إلى داخل غزة, سؤال لعلنا نجد إجابة له لدى "المناضل الكبير الذى اختبأ تحت الأرض أثناء العدوان الصهيونى على غزة, وكان من نتيجته أكثر من خمسة آلاف قتيل فلسطينى, بخلاف عشرات المصابين وتدمير البنية التحتية لغزة, وكان يمكنه أن يجنب الشعب الفلسطينى فى غزة هذه الخسائر لو كان سلم إسرائيل شاليط, ولكنه حتى يظهر بمظهر المناضل فإنه سلم شاليط مقابل آلاف القتلى والمصابين الفلسطينيين وتدمير غزة, فهل رأى احد تفكير عشوائى بل تفكير طفولى مثل تفكير هنية ومشعل؟؟!!
أما ايران فحقدها على مصر معروف منذ قام الرئيس الراحل باستضافة الامبراطور الايرانى السابق فى مصر وكان فى أيامه الأخيرة يعانى من السرطان, ولم تعتد مصر على تسليم أى لاجىء يلجأ إليها فتآمرت على حياة الرئيس السادات يوم نصره, وقتلته بأيدى مصرية, انتقاما منه, ومازالت تريد الانتقام من مصر بسبب موقفها من التوسع السياسى والعسكرى والنفوذ الايرانى فى المنطقة العربية, بخلاف رغبتها فى الانتقام من مبارك الذى قدم مساعدات كبيرة للعراق أثناء حربه مع ايران, حتى صارت الكفة فى صالح العراق واستطاع تحرير أراضيه التى احتلتها ايران بل نجح العراق بمساعدات مصرية فى الدخول غلى الأراضى الايرانية.
نصل إلى أمريكا التى لا تريد خيرا لمصر, حفاظا على أمن إسرائيل ووجودها, ومن ثم قدمت أكثر من مليارى دولار للخونة والعملاء, عن طريق عدد من الدول العربية منها سوريا التى تريد الانتقام من مبارك لأنه كان يقف ضد التوجهات السورية بفرض الرؤية والسياسة الايرانية على المنطقة العربية, ورفض مبارك أن تكون مصر "ذيلا" لها ولايران, ورفض فتح سيناء لمخربى حزب الله لشن حرب ضد إسرائيل, وهو ذات الطلب الذى رفضه مبارك لليمن وليبيا حينما طالباه بفتح سيناء لضرب إسرائيل!!! ولذا وقفت اليمن وليبيا وسوريا ضد مبارك ودفعوا أمالا طائلة للمخربين فى التحرير حتى تسقط مصر!! والذين ساعدوا فى هدم سجون مصر وقتلوا ضباطا وجنودا لتهريب أعضاء خلية حزب الله التى كانت تريد تدمير حاملات حربية أمريكية فى قناة السويس فى مؤامرة كبرى كانت تستهدف جر مصر إلى مواجهة مع أمريكا بعد ضرب حاملاتها فى القناة المصرية.
مر هذا الشريط أمام عيناى وأنا أمدد جسدى على السرير وانهمرت دموعى من عيناى, وأنا اردد لقد عرفت كم أعشقك يا بلدى يا مصر يا حبيبة قلبى يا وطنى, وكم أكره المخربين الذين يريدون بك السوء ويريدون حرق ذاكرتك, وتراثك وحضارتك وتاريخك, يرديون خرابك, ولكن بحق القرآن الكريم الذى أنزله على رسولنا محمد صل الله عليه وسلم لن ينجحوا فقد ذكرك المولى عز وجل فى كتابك, وتعهد بحمايتها, وليس لنا سوى المولى عز وجل لنتوجه إليه ونبتهل أن احم مصر معشوقتى يا الله, اللهم احم مصر حبيبتى يا الله, اللهم وابطل كل مؤامرات المخربين فى الخارج والداخل ورد عليهم سهام حقدهم, واشغلهم بأنفسهم وبلادهم.. اللهم آمين.. حفظك الله يا مصر من كل سوء ومكروه.. اللهم آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق