السبت، يوليو 13، 2013

الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (5)


الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (5)
العلاقة الخفية بين الإخوان والشيعة
- البنا يضيف ركنا سادسا للإسلام أسماه "الحكومة" متأثرا بفكر الشيعة الروافض
- الخمينى يرفض مبايعة الإخوان له خليفة للمسلمين ويصدر دستورا ينص على أن المذهب الجعفري مذهباً رسمياً للدولة
- بعد زواج بهلوي شاه ايران بشقيقة الملك فاروق كان البنا أحد المتحمسين للتقريب بين المذاهب
- النفيس يتهم الإخوان بـ "الفجور الأخلاقي" والبنا بأنه أول من افتتح "ثقافة العنف المعاصرة"
- إيران تنظر لعلاقتها بجماعة الإخوان على أنها وسيلة لتحقيق مصالحها الشيعية

كتب محمود خليل:
البنا
في رده على حوار له بجريدة الوفد حول سؤال كيف يتعامل الإخوان مع إشكالية الخلاف بين السنة والشيعة؟
يقول مهدى عاكف المرشد السابق للإخوان: نحن لا نري أن هناك خلافاً، ومبدأ الإخوان المسلمين أننا والشيعة خاصة الجعفرية والزيدية والإثنا عشرية نتفق في العقيدة نعبد رباً واحداً ونتبع نبياً واحداً ونصلي نحو قبلة واحدة, فالعقيدة لا خلاف حولها , أما الخلاف في الفروع , فإنه أمر وارد ويحدث بين السنة أنفسهم
حول العلاقة بين الإخوان والشيعة, ومدى الارتباط بينهم في الدعوة والمسائل العقيدية والشرعية والسياسية والايدلوجية, نحاول الوصول إلى حقيقة تلك العلاقة التي يشوبها كثير من الجدل على الساحة الدينية والسياسية, فمن قائل أن الإخوان سنة لا يوالون الشيعة, ومن يقول بل الإخوان نشأوا على محبة الشيعة لأنهم إحدى فرقهم, وحتى نتبين الأمر نعود إلى التاريخ لاستجلاء هذه الحقائق.
في دعوته تأثر البنا ً بكل من جمال الدين الأفغاني وكان شيعيا, ومحمد عبده المتأثر بالأفكار الشيعية, ورشيد رضا وكان من أتباع إمام زيدي، والأخير تأثر به البنا كثيرا, لأنه لم تكن عنده سنّية ظاهرة، ولا مذهبية من بين المذاهب الأربعة، خاصة بعد زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي بشقيقة الملك فاروق حيث نشأت حركة للتقريب بين المذاهب، تزعمها الأزهر, وكان البنا أحد المتحمسين لها، واستضاف السيد محمد القمي، أحد علماء الشيعة، في المركز العام للإخوان في القاهرة، ثم التقى آية الله الكاشاني في موسم حج عام 1948، واتفقا على مؤتمر تقريبي بين السنّة والشيعة.
عاكف
كما كان لكل من أبو الحسن الندوي, وأبو الأعلى المودودي، الهنديان, تأثيرهما الكبير في فكر الإخوان، خاصة سيد قطب، الذي كتب مقدمة للترجمة العربية لكتاب الندوي "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟" الصادر عام1950، وكان وصول سيد قطب إلى "نظرية الحاكمية" نتيجة تأثره بفكر الندوي, والمودودي التى ضمنها كتابيه "في ظلال القرآن", و"المستقبل لهذا الدين".
كانت من أوائل الطائرات التي وصلت مطار طهران بعد وصول الخميني للسلطة في إيران في 11 فبراير 1979، طائرة تحمل وفداً يمثل قيادة التنظيم العالمي للإخوان قام بمبايعته خليفة للمسلمين, وقالوا فى بيان لهم: "إن الخلاف على الإمامة في زمن الصحابة مسألة سياسية وليست إيمانية", فيما كان رد الخميني أن وعدهم بالإجابة لاحقاً، وعندما صدر الدستور الجديد للجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي يقول بـ "المذهب الجعفري مذهباً رسمياً للدولة, وبولاية الفقيه نائباً عن الإمام الغائب"، اتضحت إجابة الخميني.
ورغم ذلك استمر الإخوان في تأييد الحكم الجديد الإيراني، وتظاهروا ضد استضافة الرئيس السادات شاه إيران في مصر، ثم أيدوا إيران في حربها ضد العراق، وعن ذلك يقول عمر التلمساني المرشد الأسبق في عدد مجلة "كرسنت"، الإسلامية الكندية، بتاريخ 6 ديسمبر 1984: "لا أعرف أحداً من الإخوان المسلمين في العالم يهاجم إيران", وعندما توفى الخميني في 4 يونيو 1989, كتب حامد أبو النصر المرشد الأسبق للإخوان نعياً جاء فيه: "الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني، القائد الذي فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة". في عهد علي الخامنئي، الذي أصبح مرشداً للثورة بعد وفاة الخميني، تم تدريس نظريات سيد قطب في مدارس الإعداد العقائدي لـ" الحرس الثوري الإيراني"، كما برز مرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدي، الأستاذ الروحي لأحمدي نجاد، والذي أعلن عن إعجابه بسيد قطب وأنه تأثر به.
الخومينى
وعلى الصعيد السياسى أيد محمد مهدي عاكف المرشد السابق, حق إيران فى تخصيب اليورانيوم, كما أعلن تأييده لحزب الله اللبناني الشيعي, وقبل أسبوع من تنحى مبارك، شبه  علي الخامنئي في خطبة يوم الجمعة 4 فبراير 2011 ما يجري من ثورة ضده بالثورة الإيرانية ضد شاه إيران, وعند إعلان فوز محمد مرسي بانتخابات رئاسة الجمهورية كانت إيران من أوائل المسارعين إلى التهنئة.
على قناة "الجزيرة"، خرج يوسف ندا، أحد قادة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان، مفسرا صمود العلاقة بين إيران والإخوان بقوله: "هناك مبدأ عام في التعاون بين الإسلاميين: نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً في ما نختلف عليه".
نعود إلى البنا بعد استعراض سريع لتاريخ العلاقة بين الإخوان والشيعة في إيران, الذي يقول في رسائله: "وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركناً من أركانه ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد"!!.
وبهذا يعترف البنا أن الإسلام الذي يؤمن به الإخوان يختلف عن الإسلام الذي نزل على سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, فالمعلوم أن الإسلام بنى على خمسة أركان: الشهادتان وإقامة الصلاة وصوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج البيت للمستطيع, ولم يذكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن من أركان الإسلام الحكومة, وهذا الركن السادس في إسلام الإخوان هو ما يؤمن به الشيعة الروافض الذين جعلوا الإمامة "الحكومة" ركنا من أركان الإيمان بل على رأسها!!.
ابو النصر
لهذا لم يجد الإخوان غضاضة في تشكيل خلايا سرية للعمل ضد عبد الناصر، وتمكنت الولايات المتحدة من إقناع الإخوان بالتعاون مع جماعات إيرانية شيعية متشددة، كان إحدى ثمارها تشكيل خلية" فدائيي الإسلام" التي تزعمها الإيراني نواب الصفوي، والذي زار القاهرة عام 1954 للتنسيق مع جماعة الإخوان كان من نتيجتها ما يشبه الانتفاضة الشعبية ضد عبد الناصر، لكنه نجح في التصدي لها باعتقال عدد من زعامات الإخوان ومحاكمتهم وسحب الجنسية المصرية من خمسة منهم، من بينهم سعيد رمضان صهر حسن البنا، الذي استقبلته الولايات المتحدة استقبال الملوك عام 1953.
كتب عمر التلمساني، المرشد الأسبق مقالاً في مجلة الدعوة العدد 105 يوليو 1985, وقبل مرور خمسة أعوام على ثورة الخمينى, بعنوان "شيعة وسنة" قال فيه: "التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن", ويعترف بقضية صفوى فيقول: "ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر نوّاب صفوي".
ويقول أيضاً: "وبعيداً عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة في صفوف المسلمين".
قطب
يقول أيضاً: "إن فقهاء الطائفتين يعتبرون مقصرين في واجبهم الديني إذا لم يعملوا على تحقيق هذا التقريب الذي يتمناه كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها, فعلى فقهائنا أن يبذروا فكرة التقريب إعداداً لمستقبل المسلمين".
أما الشيخ محمد الغزالي المطرود من الجماعة فيقول في كتابه "كيف نفهم الإسلام": "ولم تنج العقائد من عقبى الاضطراب الذي أصاب سياسة الحكم وذلك أن شهوات الاستعلاء والاستئثار أقحمت فيها ما ليس منها,  فإذا المسلمون قسمان كبيران (شيعة وسنة) مع أن الفريقين يؤمنان بالله وحده وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم  ولا يزيد أحدهما على الآخر في استجماع عناصر الاعتقاد التي تصلح بها الدين وتلتمس النجاة".
ويقول: "وكان خاتمة المطاف أن جعل الشقاق بين الشيعة والسنة متصلاً بأصول العقيدة!! ليتمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الأمة الواحدة إلى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر ، إن كل من يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون}".
ويقول أيضاً:" فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنة رسوله فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية و التشريعية فإن مذاهب المسلمين كلها سواء في أن للمجتهد أجره أخطأ أم أصاب"، ثم يقول :" إن المدى بين الشيعة و السنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي".
و يختم الغزالي الحديث بقوله: "ونحن نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب".
النفيس
وقد تناولت دراسة ماجستير إيرانية للباحث الإيراني عباس خامه يار تحت عنوان "إيران والإخوان المسلمون", بالتفصيل العلاقات بين إيران، وجماعة الإخوان ، قبل ثورة الخميني سنة 1979، وبعدها, ذكر فيها الباحث أن هناك عناصر إلتقاء بين الشيعة والإخوان يتمثل بالفكر الوحدوي، وموقفهما المشترك من القومية، وقضية فلسطين, لذا فإن جماعة الإخوان لا تحمل موقفاً سلبياً أو عدائياً تجاه العقائد والأفكار الشيعية، أما الفكر الوحدوي عند الشيعة، أو عند الحركة الشيعية الإيرانية، فيعني به التصريحات أو الكتابات التي صدرت من الخميني وبعض مراجع الشيعة بضرورة التقارب بين السنة والشيعة، واتحادهما لمواجهة الأخطار الخارجية.
ويحدد الباحث عوامل الافتراق الفكرية بين الإخوان والشيعة وإيران وهي  اختلاف طبيعة الحكومة وشكلها في رأي الحركتين، واختلاف النظرة إلى معسكري الشرق والغرب، والمسار الإصلاحي والثوري, مشيرا إلى أن جماعة الإخوان "لا يهتمون بشخص الحاكم ولا بمواصفاته التي ينبغي أن يتحلى بها ولا بوقت وكيفية تنفيذه للأحكام". 
ندا
وأشار الباحث إلى أن مما تأخذه الحركة الشيعية على جماعة الإخوان أنها تصدت بقوة للغزو الشيوعي والماركسي الذي شكل خطراً جسيماً على الشعوب الإسلامية في حقبة الستينات والسبعينيات من القرن الماضي, وأنها "حركة إصلاحية محافظة، وليست حركة انقلابية"، وأن سياستها تقوم على التربية والتثقيف والدعوة، وعدم جواز الخروج على الحاكم الظالم، واعتماد أساليب العمل السلمي، ومنه العمل البرلماني (مع بعض الاستثناءات).
وتساءل الباحث على لسان "الحركة الإسلامية الإيرانية": ما الذي أسفر عنه الأسلوب الإصلاحي التربوي للإخوان بعد خمسين سنة من تجربته؟ وإذا كنّا نتقبل جواب الإخوان على أنه لم يغير الحكومات ولكنه خلق قاعدة عريضة ودائمة، فإن سؤالاً آخر يطرح نفسه، وهو: هل يستحق هذا الأمر كل هذا الثمن الباهظ؟.
رغم اعتراف الباحث أن السياسات الإيرانية فى تشجيع التجمعات الشيعية على التمرد ودعم نشاطات التشييع في أوساط أهل السنة, وظلم السنة في إيران كانت سبباً في نفورهم من الثورة الإيرانية، إلاّ أنه يحمل الإخوان مسؤولية فتور العلاقات مع إيران، معتبراً أنها انساقت وراء الدعاية "الوهابية" ضد الشيعة وإيران.
بهذا يتضح أن إيران تنظر لعلاقتها بجماعة الإخوان على أنها وسيلة لتحقيق مصالحها الشيعية عكس تصور جماعة الإخوان لتلك العلاقة.
يقول د. أحمد راسم النفيس أبرز قادة المتشيعين في مصر، في كتابه "رحلتي مع الشيعة والتشيع في مصر" أنه انضم للإخوان لمدة 10 سنوات حتى بداية عام 1985م، ويصف سلوكهم بأنه هو"الفجور الأخلاقي الذي أدمنه هؤلاء الأفاكين",  معتبرا أن حسن البنا "هو أول من افتتح ثقافة العنف المعاصرة وانتهى به الأمر لأن يقتل "رأساً برأس", وليس "شهيداً" كما يزعم الأفاقون ومزورو التاريخ المعاصر".
يتابع: "الثابت أن منظري الإخوان قد اتخذوا من ابن تيمية مرجعاً فقهياً لفتواهم الدموية، ذلك الفكر التكفيري الدموي الذي ما زال يترعرع ويتمدد في حماية هؤلاء الجهال المنتفخين".
ويقول النفيس  أيضا في كتابه "الجماعات الإسلامية محاولة استنساخ الأمة" الصادر عن مركز المحروسة للنشر: "لعبت جماعة الإخوان دوراً رئيسا في تعقيد أزمة مصر, أن البنا مؤسس فكر التكفير", مؤيدا منع ترخيص جماعة الإخوان في مصر.
وفى كتابه "الجماعات الإسلامية" يقول عن الشيخ سعيد حوي: "فالرجل لم يكف عن إطلاق مدافعه الثقيلة على الأمة العليلة".
وعن مأمون الهضيبي يقول: "إنه نموذج للعامل على غير بصيرة لم تزده شدة السير إلا بعداً عن الطريق الواضح".
ويصف المستشار البهنساوى بأنه "أحد محامي الضلال".
القرضاوى
أما الشيخ يوسف القرضاوي، فيفرد له النفيس فصلا بعنوان "القرضاوي وكيل الله أم وكيل بنى أمية"، ملأه بالطعن والشتم للقرضاوي بسبب كتابه "تاريخنا المفترى عليه"، ومما وصفه به: "منطق الشيخ المهترئ", و"الفتاوى الذي يتكسب هؤلاء السادة منه", "الرجل متسق مع واقعه البائس وارتمائه في أحضان سلطة أموية عربية تعمل في خدمة الصليبية والصهيونية".
أما المتشيع صالح الورداني، فيقول عن جماعة الإخوان فى كتابه "أزمة الحركة الإسلامية المعاصرة من الحنابلة إلى طالبان": "هم الذين أرضعوا التيارات الإسلامية الناشئة الفكر الوهابي الذي اكتووا بناره فيما بعد.."، ويتهم جماعة الإخوان أنهم "دخلوا في تحالف غير مباشر مع النظام البعثي العلماني ضد نظام إسلامي", مرجعا فشل الإخوان إلى "البعد السلفي الذي حال بينهم وبين فقه الواقع فقهاً صحيحاً وكان عبد الناصر أفقه به منهم".




نشرت هذه الحلقات أيضا بجريدة "السياسة" الكويتية.
يمنع النقل أو الاقتباس كليا وجزئيا دون الإشارة إلي المصدر, وبإذن من الكاتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق