الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت
عنه (9)
البنا يتخذ مستشارين
سياسيين له من النصارى ويعين مسيحياً وكيلا له
الإخوان لا يقبلون إلا
بالذوبان الدينى للمسيحيين
- البنا فى رسائله: وجوب قتل أهل الكتاب والله
يضاعف أجر من قاتلهم
- القرضاوى: المسيحيون اخوة لنا فنحن مؤمنون وهم
مؤمنون بوجهٍ آخر "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اخْوَةٌ"!!
- مهدي عاكف: مطالبة الأقباط بإلغاء الشريعة
الإسلامية من الدستور خطوط حمراء لا يجب الاقتراب منها
- رفعت السعيد: الإخوان رفضوا شعار ثورة 1919 "عاش
الهلال مع الصليب" واليوم يطالبون المسيحيين
بدفع الجزيةَ!
كتب محمود خليل:
حازت قضية العلاقة بين
المسلمين والمسيحيين فى مصر, على الكثير من تفكير الإخوان, وجاءت تصريحاتهم متباينة
ومتناقضة , وهو ما ظهر جليا للجميع منذ اضطرابات 25 يناير 2011, فما بين رفض لتولى
المسيحيين أى مناصب قيادية وبإصرار إلى تعيين محافظ مسيحى, وتعيين مستشار مسيحى
لمحمد مرسى فى رئاسة الجمهورية, ومن "لهم ما لنا وعليهم ما علينا", إلى
حوادث الإعتداء على الكنائس والمطالبة بطرد المسيحيين خارج الوطن, هذه هى مواقف
الإخوان من المسيحيين ومعها يحار الكثيرون فى مواقفهم تلك, ولكن دعونا نعود
بالذاكرة والتاريخ إلى حسن البنا وكيف كانت علاقته بالمسيحيين, وكيف كان يتعامل
معهم.
جعل حسن البنا
"المسيحيين" إخواناً له, فقد جاء فى كتاب "حسن البنا مواقف في
الدعوة والتربية" الصادر عن دار القبس 1991لمؤلفه عباس السيسي: "مما هو
معلوم عند جماعة الإخوان المسلمين أنهم يدعون ويتصدرون الدعوة إلى الحكم بالقرآن الكريم، وهذه القضية ولا شك تثير بعض الخوف والشكوك عند إخواننا المسيحيين".
القرضاوى |
تقدم شابان من "النصارى" بطلب للانضمام لجماعة الإخوان فأعلن حسن
البنا موافقته على انضمام الشابين النصرانيين للجماعة, بل إنه عين
أعضاء من النصارى مثل: (وهيب دوس و يوسف أخنوخ و كامل فانوس أخنوخ، وميريت غالي) في المكتب السياسي لجماعة الإخوان الذي يعرف بجماعة الإرشاد التي تقود الجماعة, وكان يتخذ من النصارى مستشارين سياسيين له مثل "لويس فانوس",
كما عين يونانياً مسيحياً متمصِّراً يُدعى "الخواجة باولو خريستو" وكيلا له في لجنة
"الطور"- التابعة لدائرة الإسماعيلية- حينما
رشَّح نفسه في الانتخابات النيابية سنة 1944 في عهد وزارة
أحمد ماهر باشا, وكانت هذه اللفتة مثارَ سخريةِ
قادة الحزب السعدي الحاكم، وخصوصًا أحمد ماهر باشا, ومحمود فهمي
النقراشي باشا.
يقول د. سيد دسوقي في
كتابه "أمثلة من التربية الحضارية عند الإمام البنا": فى أوائل
التسعينيات جاءني زميلٌ مهندسٌ إلى اللجنةِ العلمية في نقابة المهندسين، وقدَّم لي شابًّا لا أعرفه: أُقدم لك المهندس أخنوخ فانوس-
رئيس
المركز الثقافي الأمريكي بالقاهرة- فسألت الشاب على
الفور: أنت ابن المجاهد العظيم لويس فانوس، فأجابني:
نعم، المستشار السياسي للإمام الشهيد حسن البنا،
استغرب زميلنا الأول، حيث جاء ليعرفني بالرجل فوجدنا قد تعارفنا بظهرِ الغيب، وهنا حكيتُ لهم قصة أعرفها عن البنا وفانوس.
القصة رواها لي
الأستاذ عبد الحليم أبو شقة الناشر الشهير، كان ذلك في منتصف
الأربعينيات من القرن الماضي عندما تقدَّم شابان مسيحيان يعيشان في طنطا للانضمام لشعبة الإخوان المسلمين هناك.
الهضيبى |
وهنا انقسم الإخوان
إلى رأيين، رأي يرى أنه لا مانعَ من ذلك، ورأي يعارض هذا الانضمام،
أرسلوا رسالةً للإمامِ البنا يطلبون منه الرأي، مضى شهرٌ أو أكثر، ولم يصل الرد، ولكن فاجأهم الأستاذ البنا عندما دعوه في المولد النبوي أن حضر وأحضر معه صديقه ومستشاره السياسي الأستاذ لويس فانوس، وتحدَّث يومها في الحفل الأستاذ لويس بروحٍ مصريةٍ تؤمن بأنَّ
مصر تملك حضارةً عربيةً إسلاميةً تدعو المسلم
والمسيحي أن يستمسك بها ويعيش في رحابها، ويعمل
على رفعةِ بلده في ظلها، بعد الحفل اجتمع الإخوان بمرشدهم وسألوه الرأي في المشكلة القديمة، فقال لهم: إنه أرسل الرد بالموافقة
من
قبل، ولكن يبدو أنَّ الرد وقع في أيدي المعارضين فخافوا
أن يكون في الأمرِ لبسٌ فانتظروا، والأستاذ البنا لم يكن له
مستشار مسيحي واحد، وإنما كانت له مجموعة من
القيادات المسيحية تُعينه على اتخاذ المواقفِ الوطنية السديدة.
يقول مهدي عاكف المرشد
السابق للجماعة: كان البنا حريصًا على وحدةِ عنصرَي الأمةِ، وتوطيدِ العلاقةِ
بينهما، فكثيرًا ما استَشهدَ في أقوالِهِ وكتاباتِهِ
بالآيةِ الكريمةِ ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ
مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ ولم يقفْ عند حدِّ المعاني النظريةِ، بل تعدَّى ذلكَ إلى تعيينِ الأستاذَين كامل فانوس
أخنوخ، وميريت غالي في اللجنةِ السياسيةِ
للإخوانِ المسلمينَ.
حبيب |
ويقول مأمون الهضيبي:
ليس لدينا مانع أن يكون القبطي عضواً في جماعة الإخوان,
وإذا قبل واحد من الأقباط مبدأنا نرشحه فوراً على
قوائمنا ونحن لا نطلب منه بطبيعة الحال أن يكون مسلماً.
كما أن المرشح الرئاسي
السابق عبد المنعم أبو الفتوح كان وافق على تولى مسيحي منصب رئاسة مصر, ثم عاد
ونفى ثم عاد وأكد موافقته- متحدثاً عن سيرة حسن البنا :كان رفضه للعنصرية
الدينية والعصبية الطائفية واضحًا قولاً وعملاً.. فنشأ الإخوان من
حوله على حسن الخلق مع الناس كلهم.. وإخوانهم في الوطن في مقدمة هؤلاء الناس.. ومعلوم للجميع حرصه على أن يكون شركاء الوطن أعضاء
في
المكتب السياسي للجماعة كونهم أصحاب حق أصيل في تحديد
السياسات والوسائل التي تصير بها الأمور.. فكان الأستاذان
وهيب دوس ويوسف أخنوخ عضوين أساسيين مع باقي الإخوان
في هذا المكتب.
السعيد |
يقول القرضاوي -الشهير
بـ "مفتى الناتو", بسبب تأييده لكل مواقف حلف الناتو ضد البلاد العربية
والإسلامية - الذى دعا بالرحمة لبابا الفاتيكان السابق فى برنامج "الشريعة
والحياة" على قناة الجزيرة بتاريخ 3/4/2005,: أنا أقول إخواننا المسيحيين,
البعض ينكر عليَّ هذا، كيف أقول
"إخواننا"؟! "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" نعم نحن مؤمنون وهم مؤمنون بوجهٍ آخر.
من جانبه أكد الدكتور
أكرم الشاعر- عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين- أنه على استعداد تام
هو وكل أعضاء الكتلة الإخوانية -طبقًا لتوجهات الجماعة- لتبني مشاكل الأقباط
والدفاع عنها؛ باعتبارهم فئةً أصيلةً في المجتمع المصري وليست منفصلةً عنه،
وانطلاقًا من فكرة الإخوان القائمة على أنهم شركاء في هذا الوطن، لهم ما لنا
وعليهم ما علينا، وحل مشاكلهم جزء من حل مشاكل الوطن.
في شهر سبتمبر 2005 م قال مهدي عاكف المرشد السابق في حديث لجريدة "المصري اليوم"
حول "مطالبة الأقباط بإلغاء الشريعة
الإسلامية من الدستور" أن "هذه المطالبة خطوط حمراء لا يجب الاقتراب منها، ونحذر من السير في هذا الاتجاه". مضيفا:
"نعتبر ذلك عبثا، والإخوان لن ينزلقوا إلي
الرد علي هذه المطالب، لأنها لن تحدث، ولن يكون لنا رأي مسموع
سوي اللجوء للشعب بحماية معتقداته ودينه".
على ذات المنوال حذر نائبه الدكتور كمال حبيب من أن "هذه المطالب بمثابة خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه، كما أن الاقتراب منه سيفجر حربا أهلية داخل
مصر".
وأكد ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية: "إن هذه المطالب لن تكون إلا علي جثث الجميع، ومعني ذلك أن أصحاب هذا الرأي يطالبون بحمامات دم في مصر وبرجوع العنف مرة أخري إلي أرض الوطن".
عاكف |
أما د. رفعت السعيد
رئيس
حزب التجمع الوحدوى فقال فى جريدة الأهالى فى العدد 1258:
"إن الإخوان كانوا في الماضي يرفضون شعار "عاش الهلال مع الصليب"،
وهو الشعار الذي رفعته ثورة 1919 بينما يقولون اليوم إن المسيحيين يجب ألا يدخلوا الجيش، بزعم أن الجيش مخصص للدفاع عن الإسلام، وأن علي المسيحيين أن يدفعوا الجزية,
مشيرا إلى فتوى محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد ومفتي الجماعة،
عن بناء الكنائس في ديار الإسلام وفي ما يتعلق بالكنائس نشرت في العدد رقم 56 من شهر ديسمبر عام 1980 في مجلة الدعوة، المجلة الرسمية لجماعة الإخوان آنذاك، وكانت تلك الفتوي تتكون من ثلاثة
بنود, الأول يقول أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها سواء
في المعادي والعاشر من رمضان وحلوان وأمثالها، لا يجوز فيها إحداث أو بناء كنيسة،
ولا ضيعة, والثاني يشير إلى أن ما فتحه المسلمون من البلاد عنوة كالإسكندرية
والقسطنطينية، يجوز أيضاً بناء "هذه الأشياء فيها -يقصد الكنائس-، مضيفاً أن بعض العلماء قال بوجوب الهدم لأن الأرض المقامة عليها الكنائس مملوكة للمسلمين.
أما النوع الثالث فكان
يتعلق بالبلاد التي أخذها المسلمون بالصلح، وفي تلك الحالة
يمكن الإبقاء علي ما وجد من كنائس، ومنع بناء أو إعادة
بناء ما هدم منها, موضحا في فتواه أنه بشكل
عام لا يجوز إحداث كنيسة في بلاد الإسلام !!
ويرفض الأخوان حتى هذه
اللحظة الإقرار بخطأ هذه الفتوى, بل أن هناك فتوى مصطفي
مشهور نشرها الأهرام ويكلى 13 إبريل 1997, نصها "أن مرجعية الحكم هو الشريعة
الإسلامية، وأن على الأقباط أن يدفعوا الجزية بديلا عن
التحاقهم بالجيش حتى لا ينحازوا إلى صف الأعداء عند محاربة
دولة مسيحية"، لكنه تراجع عنها بعد ذلك وإن لم ينكر
صحتها.
مشهور |
في تصريح له لصحيفة
"الزمان" فى 17 مايو 2005, قال محمد حبيب نائب المرشد: "نحن جماعة
الأخوان نرفض أي دستور يقوم على القوانيين
المدنية العلمانية، وعليه لا يمكن للأقباط أن
يشكلوا كيانا سياسيا في هذه البلاد. وحين تتسلم الجماعة مقاليد السلطة والحكم في مصر فإنها سوف تبدل الدستور الحالي، بدستور إسلامي،
يحرم
بموجبه كافة غير المسلمين من تقلد أي مناصب عليا، سواء في
الدولة أو القوات المسلحة، لأن هذه الحقوق ستكون قاصرة على
المسلمين دون سواهم، وإذا قرر المصريون انتخاب
قبطي للمنصب الرئاسي، فأننا سوف نسجل اعتراضا على خطوة كهذه باعتبار
أن ذلك خيارنا نحن". مضيفا: "الأقباط سيكونون
خاضعين للشريعة الإسلامية مع بقية المصريين".
وبعد الهجوم والرفض
لتلك التصريحات كتب محمد حبيب في الشرق الأوسط فى 27 نوفمبر
2005: "تتلخص نظرتنا للأقباط على أنهم مواطنون لهم كافة حقوق
المواطنة، ويترتب على ذلك حقهم الكامل في تولي الوظائف العامة ما عدا
رئيس الدولة" لماذا؟, ويجيب: "لأن الترشيح للرئاسة ينبع من كونه ولاية
كبري ولا ولاية لغير المسلم على المسلم",
فأين فكرة المساواة والمواطنة التي يتحدثون عنها؟ .
وفي هذا الإطار , يقول
ميلاد حنا ردا على تلك التصريحات فى الشرق الأوسط 27 نوفمبر 2005: "سوف
يستخدم الأخوان منهج التقية وينادون بأن المواطنة هي
نهجهم، ولكنني أعرف أن منطق المذهب أقوي من مقاصد صاحب المذهب".
وسأل سامح فوزي مأمون
الهضيبي فى حوار نشر بجريدة الحياة 30 نوفمبر 2005: هل
الأقباط مواطنون أم أهل ذمة، فأجاب: الأثنان.
* أريد عبارة أكثر
تحديدا.
** بوضوح "هم أهل
ذمة.
ممدوح اسماعيل |
في وثيقة الإخوان
الوحيدة عن الإصلاح لم يتطرقوا إلى موضوع
المواطنة من أساسه، ويرفضون الدخول في تفاصيل عن أي شيء سوي كلام عام,
حتى العبارة الغامضة (لهم ما لنا وعليهم ما
علينا) لم يقدموا لها تفسيرا شافيا,
ودائما يكون الآخر الديني مختلفا وحتى كلمة مسيحى
يستبدلونها بكلمة نصرانى، ويستخدمون ألفاظا معينة مثل حرب صليبية،
الكفار، نصرة أمة الإسلام، تجييش المسلمين, مؤيدين فى ذلك نظرة حسن البنا فى
رسائله الطبعة الشرعية الذى قال فيها بـ "وجوب قتل أهل الكتاب، وأن الله يضاعف أجر من قاتلهم" وعن توظيفهم قال: "لا بأس بأن
تستعين بغير المسلمين عند الضرورة وفي غير مناصب
الولاية العامة".
والهدف الذى يسعي إليه
الإخوان بالنسبة للمسيحيين هو "الذوبان الديني"
لذلك فإن الجماعة تمدح في الأقباط الذين يقبلون فكرة الذوبان الديني مثل رفيق حبيب المسيحى نائب رئيس حزب الحرية
والعدالة, الداعى لهذا الذوبان، وجمال أسعد
الذي ترشح في مجلس الشعب تحت شعار "الإسلام هو الحل"، وهاني لبيب الذي قبل عضوية حزب العمل تحت نفس الشعار, هذا هو النموذج المسيحي
المثالي عند جماعة الأخوان والذين يشيدون دائما به.
نشرت هذه الحلقات أيضا بجريدة "السياسة" الكويتية.
يمنع النقل أو الاقتباس كليا وجزئيا دون الإشارة إلي المصدر, وبإذن من الكاتب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق