الخميس، يوليو 18، 2013

الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (8)

                                    الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (8)
باستخدام الرشاوى والمساجد واللجان الشعبية
الإخوان يسيطرون على الشارع بمساعدة الفقراء والفلاحين
- الإخوان يبايعون البنا كأنه رسول معصوم من الخطأ على الطريقة الشيعية!
- أعضاء الجماعة يقدمون طاعة البنا على طاعة الرسول محمد "ص"
- التلمساني: كنت مع البنا "كالميت بين يدى مغسله" وكنت سعيدا بهذا كل السعادة؟!
- مهدي عاكف يصف البنا بأنه "الرجل الملهم المبارك"!!
سيد قطب: حسن البنا قدر مقدور وحكمة مدبرة في كتاب مسطور!!

كتب محمود خليل:
البنا
لا ينسى أحد النشيد المشهور للإخوان والذى يقولون فيه:
"إن للإخوان صرحاً كل ما فيه حسن ... لا تسألن من بناه إنه البنا حسن"!!.
هكذا يرفع الإخوان مرشدهم ومؤسس جماعتهم إلى مرتبة الأنبياء والملهمين والرسل بل يؤلهه بعضهم!!, فما جاء فى كتبه وتعاليمه يحفظونه قلبا عن ظهر, ولا يخالفون تعاليمه ابدا, وفى كل شاردة وواردة يعودون إلى تلك التعاليم وعلى اساسها يتصرفون, وهكذا يفعل الآن حاليا مع مرشدهم, وقد أكد العديد من قيادات حزب" الحرية والعدالة"  أن من يعارض الإخوان فهم يعارضون الإسلام!!.
عبادة المرشد أو رفعه إلى مرتبة الملهمين والرسل ليس من الإسلام فى شىء, ولكن هذه العادة أخذوها عن الشيعة,  كما أخذوا الكثير عنها, فغالبا تجد المشابهة بينهم وبين الشيعة, فمن النادر أن تجد شيعيا لا ينفذ أوامر مرشدهم الأعلى, أو يخالفه أوامره وتعاليمه, فعن الشيعة أخذ البنا ومن بعده المرشدون الذين خلفوه فى "الإمامة", مسألة السمع والطاعة, ورفع الشيوخ والمرشدين إلى مرتبة أعلى من مرتبة البشر.
فى تقديمه لكتاب الإمام حـسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين يصف محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للإخوان حسن البنا بأنه "الرجل الملهم المبارك"!!.
يقول عمر التلمساني في كتاب "ذكريات لا مذكرات" الصادر عن دار الطباعة والنشر 1985: وكنت أرى وأسمع وأفكر بعين فضيلته وآذانه وعقله لثقتى المطلقة فى صواب كل ما يرى وقد يكون فى هذا شىء من الخطأ أو الغاء الشخصية عند بعض الناس, ولكنى كنت معه "كالميت بين يدى مغسله", وكنت سعيدا بهذا كل السعادة.
يقول سعيد حوى في  كتاب "آفاق التعليم": "ولا نعلم أنه من بين خلق الله من فطن لهذا كله ولغيره من شروط "جماعة الإخوان المسلمين" كما فطن إلى مجموع ما يلزم لتحقيق الجماعة الإسلامية أهدافها على كل مستوى من صياغة للمسلم إلى إقامة للدولة المسلمة في كل قطر إلى الوصول للدولة الإسلامية العالمية كحسن البنا".
التلمسانى
يتابع:" ثم إنه نبتت هنا وهناك أفكار مريضة تريد أن تتخلص من دعوة حسن البنا ومن أفكاره فكان لا بد أن يعرف هؤلاء وغيرهم أن الانطلاقة على غير فكر الأستاذ البنا في عصرنا قاصرة أو مستحيلة أو عمياء إذا ما أردنا عملاً متكاملاً في خدمة الإسلام والمسلمين" .
ويضيف في كتاب "جولات قي الفقهين الكبير والأكبر: "ولا شك أن دور الجماعة قبل السلطة وبعدها هو المنظم لهذا كله، ونقصد بالجماعة المسلمين ونعتقد أنه لا جماعة كاملة للمسلمين إلا بفكر الأستاذ البنا، وإلا بنظرياته وتوجيهاته التي في جملتها الحب لكل العاملين المخلصين".
ويقول سيد قطب فى كتاب "حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه: "في بعض الأحيان تبدو المصادفة كأنها قدر مقدور وحكمة مدبرة في كتاب مسطور .. حسن البنا". 
لكن السؤال الذي يحتار الكثيرون فى الإجابة عنه, كيف صار البنا بهذه الصورة لدى أفراد الجماعة حتى من لم يعاصره؟, وكيف تمكن البنا من السيطرة و"تسخير" أعضاء جماعته لخدمة أفكاره وأوامره ؟
حتى يضمن البنا السيطرة على أتباعه,  طالب أعضاء جماعته بالبيعة, رغم إنه لا بيعة بعد بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم, وإذا كانت من بيعة فلابد أن تكون على تعاليم القرآن الكريم والإسلام ورسوله الكريم, لكن البنا تغاضى عن كل ذلك وطالب أعضاء جماعته بالقسم له "وحده" على "السمع والطاعة", ويصف البنا هذه البيعة عند شرحه لأركانها العشر بأنها: صوفية عسكرية وشعارها "اسمع وأطع دون حرج وشك وتردد" وهو أصل صوفي.
عاكف
كان حسن البنا بايع على الطريقة الصوفية قبل أن يؤسس جماعته حيث ذكر فى كتابه "مذكرات داعية", أنه بايع شيخ الحصافية وبعد أن أسس الإخوان المسلمين أخذ هذه البيعة الموجودة عند الصوفية ووضعها ضمن دعوته فبايع الناس, بل سمى نفسه "المرشد العام" وهى اصطلاح صوفي يعنى "الولي الكامل", وكل من أتي بعده لقب بهذا اللقب.
تنقسم البيعة إلى قسمين: الأول بيعة صوفية فيها عدم الاعتراض على الشيخ وعلى المسئول "ولا تعترض فتنطرد", وعنها يقول التلمسانى فى كتاب "ذكريات لا مذكرات":  أنه كان بين يدي حسن البنا كما يكون الميت بين يدي مغسله"!! أى أنه كان يسمع بسمع البنا ويرى برأي البنا!!, وهو ما يعنى إلزام العضو بالطاعة وعدم المعصية مهما كان الأمر!! .
أما القسم الثاني فهى بيعة عسكرية تلزم الشخص بطاعة المسئول في الجهاد والقتال وظهرت بوضوح بعد ذلك وتحديدا عام 1940 من القرن الماضى , حينما تم تأسيس التنظيم الخاص السري للإخوان , فصارت البيعة تتم على المصحف والمسدس، حتى إذا صدر له أمر بالتفجير فجر أو بالقتل قتل, وهكذا قتلوا وذبحوا وحرقوا كثيرا دون أن ترتجف لهم عين أو تهتز لهم يد, أو يفكرون يوما لماذا يقتلون؟, لماذا يغتالون؟, لماذا يحرقون؟.
قطب
يتضح من البيعتين أن المقصود منهما هو الطاعة التامة والانصياع التام للمرشد, الذي يصدر الأوامر, وعلى الأعضاء التنفيذ دون اعتراض, فأهم شي لمن يريد الانضمام لجماعة الإخوان أن يلتزم بالبيعة لحسن البنا, ومن يجلس على كرسيه,  وأن يلتزم بلوائح الجماعة, وأن يبذل الطاعة وأن يقوم بالعمل الذي يسند إليه من قبل الجماعة, فإذاً فعل ذلك فهو من الإخوان، هذا النظام وضع أصوله حسن البنا، و بعد ذلك هو وشأنه في اختيار العقيدة التي يريدها فقد يكون صوفياً أو أشعرياً أو شيعياً, وهذا ما يفسر وجود العديد من التيارات السياسية والإيدلوجية والدينية داخل الجماعة, ولكن الجميع يلتزم بالبيعة التي صارت شبيهة ببيعة خليفة المسلمين, حيث ينص قسم البيعة عند الإخوان, وكما جاء في قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين وشعبها على ما يلى: "أعاهد الله العلي العظيم على التمسك بدعوة الإخوان المسلمين, والجهاد في سبيلها, والقيام بشرائط عضويتها, والثقة التامة بقيادتها, والسمع والطاعة فى المنشط والمكره, وأقسم بالله العظيم على ذلك, وأبايع عليه, والله على ما أقول وكيل"!!.
يقول عبادة بن الصامت رضى الله عنه: "بايعنا رسول الله –صل الله عليه وسلم- على السمع والطاعة فى منشطنا ومكرهنا, وعسرنا ويسرنا" متفق عليه, فمن هو البنا الذى يبايعه الإخوان؟, وعلى ماذا؟.
لقد جعل البنا من نفسه حاكما بأمره بهذا القسم وهذه البيعة التى لاتجوز كما ذكرنا إلا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, فهو يقول فى رسالة التعاليم, تحت عنوان "الطاعة": "والدعوة فيها خاصة لا يتصل بها إلا من استعد استعدادا حقيقيا لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات وأول بوادر هذا الاستعداد وكمال الطاعة", وكمال الطاعة تلك أن يلغى الإخوانى عقله تماما طالما انضم للجماعة لأن المرشد يفكر بدلا منه وما عليه سوى أن ينفذ ما يأمره به!!.
ويضيف البنا موجها كلامه إلى الإخواني بعد البيعة:"أن تتخلى عن صلتك بأي هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك وبخاصة إذا أُمرت بذلك, وأن تعمل على نشر دعوتك في كل مكان وأن تحيط القيادة بكل ظروفك ولا تقدم على عمل يؤثر فيها تأثيرا جوهريا إلا بإذن وأن تكون دائم الاتصال الروحي والعملي بها وأن تعتبر نفسك دائما جنديا في الثكنة تنتظر الأمر", فأي عبودية تلك التي يعيش فيها الإخوان؟, فالبنا كان يبحث عن الإمامة والإمامة تعنى العصمة, والعصمة لا تكون إلا لرسول أو نبي, فهل كان البنا رسولا أو نبيا؟!.
ولتمام السيطرة على شخصية أتباعه, أمرهم البنا بعدم الاتصال بأي جهة لا مصلحة فيها مع فكرته, ولمزيد من ذوبان الأتباع في شخصية المرشد أمرهم بعدم الإقدام على أي شيء بدون الرجوع للقيادة, كما جعلهم دائماً في استنفار وشحن حتى تأتي الأوامر بالتنفيذ ؟!, فهل هذا فكر إسلامى؟, والإسلام جاء محررا الفرد من عبودية الآخرين وداعيا إلى إعمال العقل والفكر في كافة مناحي الحياة, وهل هذا فكر دعوى يستند في منهجيته إلى أدلة شرعية؟, أم أننا أمام فكر خوارج يتحينون الفرصة لحمل السلاح وضرب الرقاب؟ .
يقول مهدى عاكف المرشد السابق, فى حديث له مع مجلة "المجتمع": "هناك آلية ولوائح للإخوان.. نحن لا نأتي بجديد ولا نخترع جديداً.. هناك لوائح ونظم محكمة وتربية على منهج سليم ومؤسسات منضبطة بلوائح: هناك المرشد العام، ومكتب الإرشاد.. ومجلس الشورى.. ومكاتب إدارية ومناطق وشُعب.. وهكذا حتى الأُسر.. هل هذا يسير "بالبركة"؟! كلا بالطبع.. بل وفق نظام ولوائح.
الاخوان احتكروا توزيع البوتاجاز
لم يعدم الإخوان الحيل للسيطرة على الشارع, فكونوا ما يسمى بـ "اللجان الشعبية", وهى هدف نبيل لخدمة المواطن البسيط فى الأحياء الشعبية, والقرى, والمناطق الفقيرة والمحرومة من الخدمات, غير أنها تحولت علي يد الجماعة عبر شعبها في مكاتبها فى تلك المناطق إلى وسيلة لإحكام السيطرة علي الشارع,  فمن أراد الحصول علي أنبوبة الغاز أو حل مشكلة البنزين عليه باللجوء إلي الجماعة, وهذا ما يفسر أزمات الغاز والبنزين والخبز والمواد التموينية والسلع الغذائية ومتطلبات الفلاح من السماد وغيرها من مستلزمات الزراعة, كل ذلك, وبدأوا في بيعها للمواطنين, والمواطن البسيط لا يعلم أن الإخوان يمارسون الاحتكار بأسلوب سياسي للسيطرة عليهم وتوجيههم سياسيا لاختيار مرشحي الإخوان في الانتخابات, بل والاستعانة بهم في مواجهة سلطات الدولة, وصار طبيعيا حينما تسأل مواطنا في تلك المناطق عن رأيه فى الإخوان أن يقول لك: "دول جماعة طيبين" وهذا ما يفسر سر التأييد شبه الكبير للإخوان في الانتخابات!!.
وفي هذا الإطار , بذل الإخوان جهودا كبيرة فى سبيل السيطرة على الشارع خاصة فى المناطق المتطرفة والبعيدة عن عواصم المدن, فعن طريق هبات رمضان, أو ما يعرف بـ "شنط رمضان", يتم سنويا توزيع الآلاف من شنط رمضان التي تحتوى على عبوات تزن الكيلو جرام من السمن والفول والعدس والسكر والزيت والبلح, والمكرونة, وبعضها كان يتم إضافة كيلو لحم, وأكياس صغيرة من المكسرات, وإمساكية رمضان وبها الأذكار اليومية في الصباح والمساء, وشريط للقرآن الكريم, ومبلغ خمسون جنيها, وبهذا ضمن الإخوان ولاء هؤلاء الفقراء عندما يطلبون أصواتهم فى الانتخابات, وهكذا نجحوا وينجحون فى الانتخابات.
حتى المساجد لم تسلم من الإخوان, فقد استخدموها ايضا لفرض سيطرتهم على الشعب, حيث استخدمت فى الدعاية للإخوان ومشروعاتهم "الخيرية", وعقدوا دروسا للشباب والصبية, واستطاعوا إغرائهم بفكرهم, حتى أصبح كثير من هؤلاء الفتية والصبية والشباب "إخوانيا", ويدافع باستماتة عن الجماعة, وصاروا أشد مناصريها.
السلفيون لعبة فى يد الاخوان
لم يسلم السلفيون أيضا من السيطرة الإخوانية بعد أن اصدر المرشد فتوى بضرورة توحيد الجبهات الإسلامية تحت راية واحدة, وكانت بالطبع الراية الإخوانية وكان المبرر المعلن: مواجهة التيارات العلمانية والقومية, والحزب الوطنى, واقتنعت باقي التيارات الإسلامية خاصة السلفيين بهذا المبرر, وتحت دعوى أن الإخوان جماعة سلفية, وانجرفت تلك الجماعة خلف الإخوان ووقعت فى أخطاء عدة حيث هاجمت المسيحيين والليبراليين والأحزاب والجيش والشرطة وامريكا, وأصدرت فتاوى مسيئة للمسلمين, مما جعل الشارع يتجه نحو الإخوان باعتبارهم جماعة إسلامية معتدلة!!.
بهذا الخبث الإخوانى تم "أخونة" العمل الإسلامى كله, ولم تفطن باقى التيارات إلى الغرض الأساسى من الدعوة الإخوانية, وأنهم يريدون السلطة ويريدونها بمفردهم وما تلك الجماعات سوى وسيلة للوصول إلى الهدف المنشود "السيطرة على الحكم.. أرضا وشعبا وحكومة وجيشا وكافة مؤسسات الدولة" وهذا ما نجحوا فيه وسيطروا على جميع مقدرات مصر, بعد استخدامهم السلفيين لضرب الأحزاب المدنية, واستخدامهم لتشويه أنفسهم في الشارع, وبذلك لم يعد في الساحة سوى الإخوان!!.



نشرت هذه الحلقات أيضا بجريدة "السياسة" الكويتية.
يمنع النقل أو الاقتباس كليا وجزئيا دون الإشارة إلي المصدر, وبإذن من الكاتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق