الأحد، يوليو 14، 2013

الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (6)


الإخوان.. تاريخ أسود مسكوت عنه (6)

                                   تتم داخل حجرة مظلمة على المسدس والقرآن

البيعة عند الإخوان تساوى القسم الماسونى
- البنا يطالب أتباعه بالبيعة روحيا وعسكريا تحت شعار (أمر وطاعة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج!
- عضو الجماعة يقسم على الجهاد في سبيلها والسمع والطاعة لمرشدها
- لا يجوز للإخوانى مخالفة أوامر المرشد ومن يفعل ذلك يطرد من الجماعة ويجبر على ترك البلاد ويطاردونه فى عمله وقد يتخلصون منه بالقتل
- الشبكة العنكوبتية للإخوان السبب الرئيسي الذي يعتمدون عليه في البقاء ومناهضة السلطات

كتب محمود خليل:
يتعجب كثيرون كيف تعيش جماعة علنية ثم صارت سرية مدة 80 عاما دون أن تنطفئ شعلتها ودون أن تفتر عزيمة القائمين عليها أو عضو من أعضائها؟
الحقيقة أن السبب يعود إلى قوة التنظيم الذي تقوم على أساسه الجماعة, واستفادت  فيه من التنظيم القوى لـ "الماسونية" العالمية" حتى أن أوجه التشابه بين الإخوان والماسونية تكاد تتشابه في كل شيء بداية من اختيار الأعضاء, ثم القسم, ثم التدرج في الرتب, وحتى التقسيمات الداخلية وانتشارها في أرجاء البلاد, من خلال الخلايا متناهية الصغر التي قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة أفراد في الوحدة أو المكان, وهى ذات الشجرة بتفريعاتها وقياداتها في الماسونية, بل والسرية والفكر أيضا.
وحتى نعلم كيف يسيطر المرشد على كل تلك الحشود من أعضاء الجماعة التي يصل عددها في مصر إلى حوالي مليون شخص, يجب أن نلقى نظرة على التنظيم الخاص بالجماعة وهو التنظيم الذي يعتمد في هيكله على ذات التنظيم للماسونية العالمية.
يعتمد التنظيم البنائي للإخوان على ذات التنظيم لـ "البناءون الأحرار في الماسونية", كما يطلق الإخوان على أنفسهم صفة التنويريين وهى لفظة أو صفة تقابل لفظة "المتنورين" الماسونية, وإذا كان الإخوان يؤمنون بالنظام العالمي الجديد أو الفوضى الخلاقة,  كما كانت تدعو لذلك كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة, وكان الرئيس محمد حسنى مبارك يرفضه ويقف عقبة في سبيل تنفيذه, تعاون الإخوان مع أمريكا, وأشعلوا الثورات التخريبية الفوضوية في العديد من الدول العربية لخلق الفوضى الخلاقة والاستيلاء على الحكم تنفيذا لمخطط الماسونية العالمية التي تسعى إلى السيطرة على العالم من خلال الفوضى والتي ترجمها الإخوان إلى "الثورة على الحكام والحكومات الظالمة", في العالم العربي.
اتخذت الجماعة لها شعارا يقول: "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمي أمانينا", ويحتل المرشد العام المرتبة الأولى في الجماعة باعتباره رئيساً لها، كما يترأس في نفس الوقت مكتب الإرشاد العام, ومجلس الشورى العام, ولا يجوز لأي من أفراد الجماعة أو المنتمين لها مخالفة أوامر المرشد بأي حال من الأحوال, ومن يفعل ذلك يكون مصيره الطرد من الجماعة, وأحيانا يجبرونه على ترك البلاد, ومطاردته في عمله, وقد يصل الأمر إلى التخلص منه بالقتل, لإيمانهم –مثلهم في ذلك مثل الشيعة- بأن المرشد لا يخطئ ولا يجب الخروج عليه, لأن الخروج عليه ومعارضته, يعنى خروج على الله تعالى!!!.
وإذا كان الماسوني الجديد يقسم بالأتي: "أقسم بمهندس الكون الأعظم في حضرة هذا المحفل الموقر، وأتعهد أمام الحاضرين أن أصون وأكتم الأسرار الماسونية التي تباح لي، ولا أطبعها، ولا أدل عليها، وأن أمنع بكل قدراتي من يريد أن يفعل ذلك, كي لا تنكشف أسرارنا لغير أبناء عشيرتنا, فإن الجماعة أسمت القسم بـ "البيعة"  وهذا نصه طبقا لما جاء فى العديد من الكتب الإخوانية ومنها كتاب "قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين وشعبها":
"أُعاهد الله العلي العظيم على التمسك بدعوة الإخوان المسلمين، والجهاد في سبيلها، والقيام بشرائط عضويتها، والثقة التامة بقيادتها، والسمع والطاعة في المنشط والمكره، وأقسم بالله العظيم على ذلك، وأبايع عليه، والله على ما أقول وكيل".
إن من أهم أصول دعوة الإخوان المسلمين التي قررها البنا "أصل البيعة" التي استقاها من الطريقة الصوفية الحصافية الشاذلية التي نشأ عليها وبايع عليها، فهو يقول في كتابه: "مذكرات الدعوة والداعية": "وحضر السيد عبد الوهاب – نفع الله به – إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ، وذهبت إلى الوالد الشيخ البسيوني ورجوته أن يقدمني للشيخ ففعل، وكان ذلك عقب صلاة العصر من يوم 4 رمضان سنة 1341 الهجرية، وإذا لم تخني الذاكرة فقد كان يوافق يوم الأحد حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وآذنني بأدوارها ووظائفها", ومن ثم نقل البنا هذه البيعة من الصوفية إلى جماعته، وزاد عليها الجانب العسكري الانقيادي, كما بينه في رسالة "التعاليم": "ونظام الدعوة في هذه المرحلة صوفي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين الناحيتين دائمًا (أمر وطاعة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج".
وتختلف طرق البيعة من بلد أخر, أما في مصر ومع بدايات تأسيس الجناح العسكري للجماعة فهو مشابه كثيرا للقسم فى الحركات الماسونية, ففي كتاب "التنظيم الخاص",  يقول مؤلفه "محمود الصباغ": كانت البيعة تتم في منزل بحي الصليبة، حيث يدعى العضو المرشح للبيعة ومعه المسئول عن تكوينه والأخ عبد الرحمن السندي المسئول عن تكوين الجيش الإسلامي داخل الجماعة، وبعد استراحة في حجرة الاستقبال يتوجه ثلاثتهم إلى حجرة البيعة، فيجدونها مطفأة الأنوار، ويجلسون على بساط في مواجهة أخ في الإسلام مغطى الجسد تماماً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه برداء أبيض يخرج من جانبيه يداه ممتدتان على منضدة منخفضة (طبلية) عليها مصحف شريف، ولا يمكن للقادم الجديد مهما أمعن النظر فيمن يجلس في مواجهته أن يخمن بأي صورة من صور التخمين من عسى أن يكون هذا الأخ، وتبدأ البيعة بأن يقوم الجالس في المواجهة ليتلقاها نيابة عن المرشد العام بتذكير القادم للبيعة بآيات الله التي تحض على القتال في سبيله وتجعله فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وتبين له الظروف التي تضطرنا إلى أن نجعل تكويننا سرياً في هذه المرحلة، مع بيان شرعية هذه الظروف, فإننا نأخذ البيعة على الجهاد في سبيل الله حتى ينتصر الإسلام أو نهلك دونه مع الالتزام بالكتمان والطاعة، ثم يخرج من جانبه مسدساً، ويطلب للمبايع أن يتحسسه وأن يتحسس المصحف الشريف الذي يبايع عليه، ثم يقول له: فإن خنت العهد أو أفشيت السر فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير، فإذا قبل العضو بذلك كلف بأداء القسم على الانضمام عضواً في الجيش الإسلامي والتعهد بالسمع والطاعة, وأي خيانة أو إفشاء سر بحسن قصد أو سوء قصد يعرض صاحبه للإعدام وإخلاء سبيل الجماعة منه مهما كانت منزلته ومهما تحصن بالوسائل واعتصم بالأسباب التي يراها كفيلة له بالحياة".
يقول "سعيد حوى" في كتابه "المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين" الصادر عن مكتبة وهبه: إن الجماعة بعد سيرها الطويل وتحملها الكثير أصبحت تاريخياً هي وحدها صاحبة الحق في الإمامة ولا نزكي على الله أحداً".
يضيف: "إن جماعة الإخوان لا غيرها هي التي ينبغي أن يضع المسلم يده في يدها", وهذا لا شك بسبب تربية حسن البنا التي ربى عليها أتباعه من أن جماعتهم هي جماعة المسلمين دون غيرهم, حسب ما جاء فى كتابه "مذكرات الدعوة والداعية" الصادر عن الزهراء للإعلام العربي: "فدعوتكم أحق أن يأتيها الناس ولا تأتي أحدا، إذ هي جماع كل خير، وغيرها لا يسلم من النقص".
لقد حدد النظام الأساسي للجماعة هذا الولاء أو هذه الطاعة للمرشد طبقا للمواد 49 إلي 54 في النظام الأساسي للإخوان، الموضوع عام 1982 والمعدل فى سنة 1994 ونص على ما يلى:
 على قيادة الأقطار الالتزام بقرارات القيادة العامة ممثلة في المرشد العام ومكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام وتشمل ما يلي:
** الالتزام بمبادئ النظام الأساسي للإخوان وتشمل هذه المبادئ:
* العضوية وشروطها ومراتبها.
* ضرورة إيجاد مجلس للشورى إلى جانب المكتب التنفيذي.
* الالتزام بالشورى ونتيجتها في جميع أجهزة الجماعة.
* الالتزام بفهم الجماعة للإسلام.
* الالتزام بسياسات الجماعة ومواقفها تجاه القضايا العامة.
* الالتزام بالحصول على موافقة مكتب الإرشاد العام قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار سياسي هام.
** علي قيادات الأقطار التشاور والاتفاق مع المرشد العام أو مكتب الإرشاد العام قبل اتخاذ القرار في جميع المسائل المحلية الهامة والتي قد تؤثر على الجماعة في قطر آخر.
** يمكن لقيادة الأقطار التصرف بحرية كاملة ثم تعلم مكتب الإرشاد العام في أول فرصة ممكنة أو في التقرير السنوي الذي يرفعه المراقب العام في ما يلي:
* كل ما يتعلق بخطة الجماعة في القطر ونشاط أقسامها ونمو تنظيمها.
* المواقف السياسية في القضايا المحلية والتي لا تؤثر على الجماعة في قطر آخر شريطة الالتزام بالمواقف العامة للجماعة.
 *الوسائل المشروعة التي يعتمدها القطر لتحقيق أهداف الجماعة ومبادئها على ضوء أوضاعه وظروفه.
** يقوم كل قطر بوضع لائحة تنظيمية خاصة به على ألا تتعارض مع النظام الأساسي للإخوان، ويجب اعتمادها من مكتب الإرشاد العام قبل تنفيذها, يقدم كل مراقب عام تقريرا سنويا عن سير الدعوة ونشاط الجماعة والاقتراحات التي يراها كفيلة بتحقيق المصلحة في إقليمه إلى مكتب الإرشاد العام قبل انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس الشورى العام, وللمساهمة في أعباء الدعوة يلتزم كل قطر بتسديد اشتراك سنوي تحدد قيمته بالاتفاق مع مكتب الإرشاد العام.
أما كيف يمكن للمرشد السيطرة على كل هذه الجمع وكيفية حشد الملايين خلال ساعات, فإن ذلك يتضح من الشبكة التى تربط أعضاء الجماعة بعضهم ببعض, بداية من المرشد وحتى أحدث عضو فيها.  فقد قامت الجماعة بتقسيم القطر إلى مكاتب إدارية، فلكل محافظة مكتبها الإداري الذي يشرف على المناطق الواقعة في هذه المحافظة، ولكل مكتب إداري مجلس يديره، ويرأسه رئيس الشعبة الرئيسية أو من يختاره مكتب الإرشاد من الإخوان العاملين الذين يرون فيهم الكفاءة، ولكل مكتب وكيل وسكرتير وأمين مالي، ويوزع المكتب الإداري مناطقه في شكل قطاعات لتسهيل مهمة المتابعة في المكتب الإداري، ويضم القطاع الواحد علي الأقل ثلاث مناطق.
وتتكون المنطقة من كل الشعب الواقعة في دائرة المركز أو القسم (بحد أدني ثلاث شعب وبحد أقصي عشر شعب, وتنقسم المنطقة إلي شعب، والشعبة هي أصغر الوحدات الإدارية، ويتكون لها مجلس لإداراتها ضمن أعضاءه رئيس الشعبة ونائبه ووكيل وسكرتير وأمين صندوق, وللشعبة جمعية عمومية، وتضم كل الإخوان المقيمين في دائرتها أيا كانت صفتهم).
أما الحد الأدنى لأعضاء الشعبة خمسة من الإخوان العاملين، بصرف النظر عن عدد المنتظمين والمنتسبين، والحدّ الأقصى خمسة وأربعون من الإخوان العاملين, وينقسم الإخوان في الشعبة إلي إخوان تحت الاختبار (منتسبين ومنتظمين) وهم الذين اعتنقوا فكرة الإخوان حديثا، وإخوان عاملين وهم كل من قام بواجبات عضويته واعتمدت عضويته من المركز العام وبايع علي ذلك, وينقسم الأعضاء العاملون في الشعبة إلي أسر، ويختار نقيب لكل أسرة, ووفقاً للنظام الأساسي للجماعة فإن أعضاء الجماعة ينقسمون إلى مؤيد ومنتسب ومنتظم وعامل على التوالي, حيث يتم تصعيد العضو من مرحلة إلى أخرى أو من تصنيف إلى آخر، بعد اجتياز عدد من الاختبارات السلوكية والتثقيفية داخل الجماعة.  
هذا التنظيم الدقيق والشبكة العنكوبتية هو السبب الرئيسي الذي يعتمد عليه الإخوان في البقاء ومناهضة السلطات, وتحريك تلك الكتل البشرية الكبيرة لمواجهة الحكومة, والشرطة, عن طريق تشكيل ميلشيات مسلحة تكون مستعدة لمواجهة الجيش على نسق ما تقوم به حماس التي ساعد أعضاء منها في تدريب ميلشيات مصرية إخوانية على كيفية مواجهة الشرطة والجيش, وظهر ذلك بوضوح أثناء التصدي لقوات الشرطة, ثم الجيش بداية من 25 يناير 2011, حيث تم حرق مركبات الشرطة والجيش وتعطيلها, باستخدام أنابيب الغاز أو إلقاء كتل من مواد معينة أسفلها تؤدى إلى تعطلها, وعدم قدرتها على التحرك, وكذلك كيفية مواجهة أفراد الشرطة والجيش المدربين, والسيطرة عليهم, أو تحييدهم أو شل تحركاتهم, كما ظهر "تعاون" أعضاء حماس وحزب الله مع إخوان مصر فى اقتحام السجون المتواجد فيها أعضاء جماعة الإخوان وحماس وحزب الله وتهريبهم عقب اقتحامهم لتك السجون, وقتل قادتها وحراسها, وتهريب كافة المسجونين الآخرين حتى تعم الفوضى مصر كلها, وكانت بوادر ظهور تلك الميليشيات المسلحة في العرض العسكري الذي نظمه طلبة الإخوان في جامعة الأزهر عام 2007, وكان بمثابة "جس نبض" للحكومة, و"استعراض" لقوتهم, وهو العرض الذي قدم بسببه عدد من قيادات الإخوان منهم الشاطر والكتاتني والبلتاجي ومرسى, إلى المحاكمة وتم سجنهم.



نشرت هذه الحلقات أيضا بجريدة "السياسة" الكويتية.
يمنع النقل أو الاقتباس كليا وجزئيا دون الإشارة إلي المصدر, وبإذن من الكاتب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق