الجمعة، مايو 27، 2011

"هابطل" صحافة والعب "ثورة"


"هابطل" صحافة والعب "ثورة"

كتب محمود خليل:
الحمد لله فقد وهبنا المولى عز وجل رؤية للمستقبل وشفافية اهلتنا لنرى ما قد يحدث فى المستقبل ونحذر منه, وهى هبة ومنة من المولى عز وجل نسجد له سبحانه شكرا وحمدا على هذه الهبة.
كنا كتبنا مقالا فى جريدة الأحرار ونشرناه فى مدونتنا abnmasr يوم الأثنين, الموافق 24 مارس 2008 حذرنا فيه الحكومة من المصير الذى ينتظرها بسبب عدم التفاتها لأحوال الشعب, والغلاء الذى يعانى منه وعدم قدرة المرتبات التى يحصل عليها فى الوفاء باحتياجاته الضرورية, واشرنا إلى أن الشعب صبر كثيرا, ولكنه لن يصبر أكثر من ذلك.
وفى الوقت الذى كان كثيرون ممن علت أصواتهم هذه الأيام , كنا نحن نتصدر المشهد ونحمل رقابنا على أكفنا دفاعا عن البلاد والعباد, ولم نطلب جزاءا ولا شكورا من أحد لأننا نؤمن أن جزاء المولى عز وجل هو الأهم والأفضل وهو الوسيلة والغاية والبداية والنهاية.
لقد شعرنا بالظلم والغبن كمعظم أبناء الشعب المصرى حينما شاهدنا الملايين توزع على لاعبى الكرة والممثلين بينما نحن أصحاب القلم أو غيرنا ممن يحفظ كرامته ولم يسلك طريقا ملتويا للثراء, بينما نحن لا نملك حتى ثمن شقة, رغم عملنا على مدى أكثر من ربع قرن فى الصحافة دفاعا عن الحق والحقيقة والبلاد والعباد, ولذلك سخرنا من أنفسنا وطلبنا أن نرتدى شورت وفانلة لنجنى عدة ملايين خلال سنوات تعد على اصابع اليد الواحدة وبعدها نعتزل كل شىء!!
اما اليوم فإننا نقول إننا سوف نخلع عن جسدنا –رغم صعوبته- ثوب الصحافة والدفاع عن مصالح الوطن والشعب العليا وننضم إلى "الموجة" الرائجة هذه الأيام وهى من يسمون انفسهم "ثوارا" لعلنا نحصل على بعض الدولاارات أو المناصب أو الشهرة او نلتقى برموز الدولة وأيضا لننفس عن انفسنا ونعترض و"نزعق" فى وجوه الأخرين, حتى لو كنا لا ندرى شيئا عن الموضوع الذى ننتناقش فيه ولكن المهم أن نعترض ونرفع الصوت عاليا ونؤكد للجميع إننا شاركنا فى مظاهرات 25 يناير وجمعة الغضب وكل مظاهرات أيام الجمع, لعلنا نحصل على ميزة او معاشا, ولذلك قررنا أن "نبطل" صحافة و"نلعب "ثورة".
على اية حال فهذا هو المقال لعلنا حينما نعيد القراءة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف نتعرف على الوضع أكثر ونحذر من المستقبل.     

"خلاااص هابطل صحافة وألعب كورة"!!
بقلم: محمود خليل
بدأت حياتى الصحفية مبكرا جدا قبل أن التحق رسميا ببلاط صاحبة الجلالة إذ كنت أراسل صحف الأخبار والأهرام منذ سن الخامسة عشرة وكنت مازلت أدرس بالمرحلة الإعدادية وقد تتلمذت على يد السيدة/ سهير حامد ندا مدرستى فى المرحلة الإبتدائية والتى كان لها عظيم الأثر فى مسيرة حياتى وكانت تتنبأ لى بمستقبل جيد لذا احتضنتى منذ كنت فى السنة الأولى وحتى نهاية المرحلة الابتدائية ووجهتنى إلى أهمية القراءة والإطلاع بعد أن وجدت لدى طموح واستعداد فطرى لذلك فنمت لدى تلك الهواية الممتعة, وكنت أدخر التعريفة –نصف القرش لمن لم يعاصر تلك العملة- التى كانت مصروفى اليومى حتى نهاية الأسبوع وأذهب إلى سوق الخميس بالمطرية لأشترى بما ادخرت عدة قصص وألغاز وبمرور الأيام تكونت لدى مكتبة تنوعت طبقا لمراحل وسنى عمرى ومن خلالها ومن خلال جريدة "الأخبار" التى كان والدى –رحمة الله عليه- يواظب على شرائها تكونت لدى حصيلة معرفية لا بأس بها مكنتنى من مراسلة الأستاذة/ فاطمة صقر الصحفية بالأخبار وكانت تقدم باب "بين الأصدقاء" كل يوم جمعة ونشرت لى أول رسالة فى عام 1975 تقريبا ثم توالت قراءاتى ونمت مكتبتى وبدأت أواظب على شراء الجرائد اليومية الثلاث بداية من نهاية المرحلة الثانوية مع المواظبة على زيارة سوق الخميس وسور الأزبكية القديم بعد أن صرت فى المرحلة الإعدادية لشراء الكتب والمجلات القديمة ومن حصيلة مدخراتى من الربع جنيه الذى كنت أحصل عليه كمصروف فى المرحلة الجامعية ومن خلال عملى فى الفترة الصيفية منذ المرحلة الإعدادية اقتنيت مجموعة كتب متنوعة لأشهر الكتاب والكتب وبدأت أراسل بريد "الأهرام" والذى نشر لى عدد لا بأس به من الرسائل التى خطوت بها أول خطوة لى فى بلاط صاحبة الجلالة وبعدها حددت طريقى فى الحياة وهو أن أصبح صحفيا وقمت بمحاولات عدة للالتحاق بجريدة "الأخبار" ثم "الأهرام" ولكن كانت الأبواب مغلقة أو لنقل أن الله سبحانه وتعالى كان يرسم لى طريقا آخر فبعد الانتهاء من تأدية الخدمة العسكرية التحقت بجريدة "الأحرار" فى الربع الأول من عقد الثمانينيات من القرن الماضى ورغم الصعوبات التى واجهتنى للانضمام إلى الأسرة الصحفية فإننى تحملتها بصبر وجلد حتى تحقق لى الانضمام لنقابتنا العريقة "نقابة الصحفيين" ذات التاريخ الطويل من الدفاع عن الأمة ومصالحها ليس الأمة المصرية فحسب ولكن الأمة العربية والإسلامية كذلك.
منذ ذلك الحين وضعت شعارا لحياتى الصحفية لم أحد عنه وهو "بحثا عن الحقيقة.. وتصحيحا للمفاهيم الخاطئة" لأننى –تأثرا بمن تتلمذت على يديهم من خلال كتبهم ومقالاتهم- أعتبر أن الصحافة "رسالة" تجاه الوطن والمواطن والدين ولا غرو فى ذلك فلقد تربيت على ذلك منذ صغرى سواء على يد والدى –رحمة الله عليه- وعلى يد مدرستى سهير ندا –رحمة الله عليها- أو على يد أساتذتى فى قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس ومنهم الدكتور رأفت عبد الحميد –رحمة الله عليه- أو من خلال تلمذتى على يد كل من قرأت لهم كتبا كانت أو مقالات نشروها بالصحف أو حتى من خلال برامج الإذاعة التى كنت حريصا على متابعتها منذ الصغر مثل برنامج "زيارة لمكتبة فلان" للإذاعية/ نادية صالح أو برنامج "شاهد على العصر" للإذاعى/ عمر بطيشه وبرامج أخرى كانت تستضيف الرواد والأساتذة فى مختلف فروع الأدب والفن والعلم والمعرفة فتكونت لدى -بجانب دراستى للتاريخ- حصيلة متنوعة من المعرفة أهلتنى لأكتب فى كافة الأبواب الصحفية حيث كتبت فى الرياضة والجريمة والقضايا والفن والطب والاجتماع والاقتصاد والزراعة وغيرها.
منذ وطأت قدماى بلاط صاحبة الجلالة وحتى اليوم مر ما يقرب من ربع قرن أو يزيد قليلا مرت على أحداث وأحداث كدت أحبط أو أصاب باليأس أو أفقد حياتى أو منصبى أو إيمانى ببلدى ولكن ما مر من قبل شيء والعامين الأخيرين شيء آخر فكم الفساد والمحسوبية والرشوة والاحتكار وزيادة الأسعار فاق الحد والوصف ولم يعد هناك أحدا يتحمله كما أننى أكاد أفقد ثقتى ببلدى التى أعطيتها الكثير وقد أعطاها غيرى أيضا الكثير وهى أعطت الجميع أيضا الكثير وبلا حدود ودون ضن أو من ولكن أن تصبح الحياة فى مصر بهذا الشكل من السوء وعدم القدرة على مواجهة متطلبات الحياة فلا أظن أن أحدا يتحمل ما يتحمله هذا الشعب المصرى الأصيل الذى فاقت قدرته على تحمل الأعباء الاقتصادية الحدود ويجب عمل تمثال لهذا المصرى الصبور فى أكبر الميادين؟!!..
ولا ندرى ماذا يريدون منه أكثر من ذلك؟..
لقد أمرضوه ومرمطوه وطحنوه وأكلوا عليه وشربوا وأهانوه؟!!..
ورغم ذلك مازال متحملا بصبر وجلد ورغم كل ذلك يطالبوه بأن يدفع لهم ثمن تحمله ورفاهيتهم وتمتعهم بخيرات البلاد.. لماذا لا ندرى؟
إننى فرد من أفراد هذا الشعب المطحون الذى تحمل عبء هزيمة يونيو وعانى من ارتفاع الأسعار بعد حرب أكتوبر عام 1973 ثم توابع الخصخصة التى بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضى تحت مسمى الإصلاح الاقتصادى ولكن ما تم يؤكد أن الإصلاح كان يعنى أفرادا بعينهم وليس مجموع الشعب المصرى والدليل تلك المهانة التى طالت أكثر من تسعين بالمائة من الشعب المصرى فى سبيل الحصول على رغيف عيش أو احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج ومسكن فبعد بيع معظم شركات القطاع العام تحكم فى مصير الشعب عدد محدود من الأفراد يتحكمون فى كل شيء والحكومة للأسف لا ندرى أن كانت معهم أم مع الشعب؟..
ولكن يبدو أنها تدعمهم والدليل أنها تقف عاجزة أو ليس لديها رغبة فى اتخاذ قرار ضد المحتكرين من أصحاب المصانع والتجار الذين يرفعون أسعار كل شيء بلا مبرر!!..
والدليل أيضا رفعها لأسعار أراضى الدولة وتصريح العديد من المسئولين أن "اللى ببلاش" انتهى عصره؟..
ونحن نوافق على ذلك ولكن أعطوا الشعب حقوقه فلا يوجد اليوم شخص يستطيع المعيشة بـ 300 جنيه أو حتى 600 جنيه بعد أن أشعلت الحكومة والتجار والمحتكرون النار فى الأسعار؟!!..
ولذلك قررت أن أبادر بإعلان اعتزالى للصحافة والاتجاه إلى الملاعب الخضراء لعلى أحصل على عدة ملايين قبل أن يتقدم بى العمر أكثر منذ ذلك فلقد بلغت منتصف الأربعينيات وحتى الآن أقيم فى شقة إيجار ومهدد بالطرد منها لأن صاحبها رفع الإيجار ثلاثة أضعاف ولما كنت من ذوى الدخل المحدود ولا أستطيع دفع ألف وخمسمائة جنيه إيجارا فى الشهر لم يعد أمامى سوى ارتداء "شورت وفانلة وكوتشى" وألعب "كام ماتش" حتى أحصل على أحدى البطولات لتفتح لى أبواب جميع المسئولين فى الدولة وأحصل على عدة ملايين من الجنيهات من الحكومة ومن رجال الأعمال ويتدخل الكبير والصغير لحل جميع مشكلاتى ودون الحاجة لتقديم مظالم أو عقد مؤتمرات أو الاعتصام أو الإضراب للحصول على عدة جنيهات زيادة فى المرتب!!
لقد شعرت بمدى هوانى -مثلى كثيرون من صحفيين وأساتذة جامعة وأطباء ومهندسين.. وغيرهم- وقد بددت ربع قرن من عمرى دون أن أحقق أملى فى حياة كريمة وأن أوفر لأولادى المعيشة التى تليق بهم كبشر أولا وكأبناء صحفى ثانيا وأنا أرى اهتمام الدولة بكافة مؤسساتها بالأقدام والأجساد أكثر من العقول رغم أن العقول هى التى تصنع الأمة وبها تتقدم فلم تتقدم أمة يوما بلاعبى الكرة أو بالراقصات أو الممثلات وانظروا إلى أمريكا وفرنسا وانجلترا وألمانيا وروسيا والصين وحتى إلى إسرائيل..
هل تعطى هذه الدول رسميا وبكافة هيئاتها وسلطاتها هذا الاهتمام المبالغ فيه الذى نعطيه فى مصر للاعبين والمغنيين والممثلات والراقصات ونهمل أصحاب الفكر والقلم والبحث والعلم والدين؟!!..
بالطبع لا.. ولذلك اقولها بكل حسرة أن مصر فى خطر إذا ظل الحال على ماهو عليه كما أن اختزال الانتماء إلى مصر وإلى العلم المصرى فى الرياضة أو كرة القدم فقط أمر جد خطير على البلاد وعلى الأجيال القادمة.. فانتبهوا يا أولى الأمر..
وفى النهاية فأننى اطلب رسميا من نقابة الصحفيين إقامة احتفال على طريقة مباريات اعتزال اللاعبين لى ولمن يريد ارتداء الشورت من الصحفيين حتى نستطيع جمع عدة آلاف من الجنيهات لنشترى بها شقة قبل أن يصبح ثمنها مليون جنيه!!..
ودمتم على خير وأعاننا وأعانكم الله على الغلاء.         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق