الخميس، مايو 05، 2011

كم "عواد" باع مصر؟


كم "عواد" باع مصر؟

كتب محمود خليل:
فى أواخر السيتينيات من القرن الماضى انتجت الإذاعة المصرية أوبريت اسمه "عواد باع أرضه", عن الفلاح المصرى الذى أحب "غازية", -وهو لفظ عامى يطلقه الفلاحون على راقصة الموالد, التى تلف القرى مع فرقة موسيقية- ومن أجلها باع أرضه, ورغم إن أهله وأهل قريته حاولا ان يثنوه عن بيع أرضه, وأن "الغازية" لا تحبه ولكن تحب ماله, ولكن "عواد", رفض النصيحة, واستمر يبيع ارضه التى ورثها عن أبيه وجده.
كانت نهاية "عواد", "زفة" من أولاد قريته, فى غدوه ورواحه, وهم يقولون: "عواد باع أرضه ياولاد.. شوفوا طوله وعرضه ياولاد", بعد أن طردته "الغازية", من حياتها بعد أن انفق عليها كل ماله ولم يعد لديه مال لينفقه عليها.
وهكذا كان حال مصر ومازال, فبعض المصريين يتصرف مثل "عواد", فمن 
باع وطنه وعمل جاسوسا لدى الأعداء, فقد صار "عوادا" وباع أرضه, ومن باع المصانع والشركات صار "عوادا", وباع ممتلكات وطنه وممتلكات أهله, ومن باع زوجته وابنته وشقيقته وأمه فى سوق النخاسة, فقد تحول إلى "عواد", وباع أهله, وهناك من باع أرضه ليحولها إلى أرض مبانى, فهو "عواد", لأنه يساهم فى "تجويع" الشعب", وهناك من يروج المخدرات والهيروين والبانجو وغيرها, ليدمر شباب مصر, فقد تحول هو الأخر إلى "عواد", وهناك من أصحاب النفوذ الذين استغلوا نفوذهم, وأذاقوا الشعب الأمرين, وحققوا ثراوت طائلة, وهؤلاء صاروا "عوادين", -جمع "عواد"-, وهناك من أصحاب الرأى والقلم من يؤجرون أقلامهم وجرائدهم لخدمة اصحاب المصالح, أو الدول, وهؤلاء أيضا باعوا وطنهم وأرضهم وصاروا "عوادين", وهناك من يغش فى الدواء أو يغش فى السلع الغذائية, أو استورد أطعمة فاسدة, أو أسمدة مسرطنة, فقد باع هؤلاء أيضا أرضهم ووطنهم وشعبهم, وصاروا "عوادين", وهناك من ترزية القوانين, والمنافقين الذين حولوا الحاكم إلى "نصف إله", وأحيانا رفعوه إلى مرتبة "الإله", وهؤلاء ايضا صاروا "عوادين".
وهناك أصحاب الجروبات والصفحات على الأنترنت والفيس بوك, ممن استخدموا تلك الصفحات والجروبات للدعوة إلى "الثورة", وقلب نظام الحكم, مدفوعين بشعارات مبهمة, ودعوات غريبة, تصب فى مصلحة الأعداء, ودول لا تريد الخير لمصر, وحصلوا مثابل ذلك على أموالا طائل, وهؤلاء أيضا صاروا "عوادين, وهناك تجار حقوق الإنسان, وأصحاب "دكاكين" –عفوا جمعيات- حقوق الإنسان, وحقوق المرأة, من صار "عوادا" يبيع أرضه ووطنه وشعبه, يوميا, مقابل بضعة أوراق خضراء, وحمراء وصفراء, وهناك من أصبح "عوادا", يبحث عن منصب "رئاسة", أو حتى منصب وزير, أو رئيس مجلس أى مجلس, يستطيع من خلاله أن ينهب ويسرق ويحول أموال الشعب إلى الخارج, وهؤلاء جميعهم صاروا "عوادين", وهناك من يملك شركة, أو يدير شركة, ولكنه صار "عوادا", بعد ان باع أرضه ووطنه ومنصبه مقابل شقة أو صفقة أو شالية, وهؤلاء جميعهم أصبحوا "عوادين, باعوا بـ "رخص التراب" بلدهم ووطنهم وشرفهم وكرامتهم وأرضهم وشعبهم.
للأسف فهؤلاء جميعهم أعماهم حب الذات, والمنصب, والشهرة, والمال, وباعوا أنفسهم وأراضيهم وشعبهم, وصاروا "عوادين", فمتى تصبح مصر بلا "عوادين", ومتى يتوقف بعض المصريين عن بيع أراضيهم, ويتخلوا عن لقب "عواد", ومتى نتوقف عن ترديد شعار أولاد بلدنا زمان لكل من يبيع أرضه "عواد باع أرضه ياولاد.. شوفوا طوله وعرضه ياولاد".        
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق