الدور الخفى للمخابرات الأمريكية فى احتجاجات 25 يناير؟
كتب محمود خليل:
منذ اندلعت أحداث 25 يناير ونحن على ثقة ان أيادى خارجية تقف خلفها, وأن هناك من يحركها خاصة وأن إعترافات الكثير ممن تم تجنيدهم من خلال وائل غنيم المدير فى جوجل, كما أن التنظيم الذى ظهرت به المظاهرات وإصرارها على اقتحام ميدان التحرير والاستيلاء عليه ومحاولات استفزاز الشرطة كان واضحا بصورة كبيرة, وهو ما ينفى محاولات البعض الإحياء بأن الشباب خرج بصورة غير منظمة وأن "الثورة" ليس لها قائد!!
إذا عدنا إلى مقال "روبرت كاجان" عضو معهد بروكنجز الذى نشره فى جريدة "واشنطن بوست", يوم 21يناير2011 وقال فيه: إن السياسة الخارجية الأمريكية تكون في بعض الأحيان غامضة وغير مفهومة وربما خاطئة، بحيث أنها تضر المصالح الأمريكية.
عقد "كاجان" مقارنة بين مصر وكولومبيا، وقال إن كولومبيا تمثل أهمية كبيرة للمصالح الأمريكية، فهي أحد الخطوط الأمامية في المواجهة مع تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية، كما أنها حليف قوي للولايات المتحدة في تلك المنطقة التي تتعرض لتهديدات الرئيس الفنزويلي المستبد هوجو شافيز وحلفاءه في بوليفيا ونيكاراجوا.
أما مصر فهي حليف مهم لواشنطن في المنطقة العربية، فهي تقيم سلام بارد مع اسرائيل ولكنه دائم، كما أنها حليف أمريكي ضد إيران وتدعم حرب الولايات المتحدة على الإرهاب. كما أن مصر وكولومبيا قد حصلتا على مساعدات أمريكية بمليارات الدولارات على مر السنين.
يستعرض "كاجان" الفوارق بين حليفي الولايات المتحدة، ويقول: إن كولومبيا تمثل قصة ديمقراطية ناجحة بعد أن كانت خاضعة لحكم الثوار المتمردين والقوة العسكرية، بينما يتحكم زعماء تجارة المخدرات في الشعب الكولومبي، أما الآن فكولومبيا في منتصف طريق النهضة والتنمية على المستويين السياسي والاقتصادي في ظل القيادة الديمقراطية الرائعة للرئيس الكولومبي الفارو اوريبي الذي تولى القيادة لحوالي ثمان سنوات. فقضى على القوات المسلحة الثورية (فارك) بينما دُمرت تجارة المخدرات في مدن كالي وميدلين، كما بدأ السجل الكولومبي في حقوق الانسان يشهد تحسنا ملحوظا.
وفي الصيف الماضي شهدت كولومبيا انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، ليبدأ الرئيس الجديد "جوان مانويل سانتوس" إدارته بالانفتاح والليبرالية السياسية، فحاول ارجاع ملايين الأفدنة التي استولى عليها الساسة الفاسدون لأصحابها، لتظهر كولومبيا كدولة ديمقراطية ضد تيار الاستبدادية والسلطوية الذي يسود تلك المنطقة من العالم.
أما مصر، فتشهد حالة انتحار وطني، فالرئيس المسن حسني مبارك يدخل عقده الرابع في الحكم كحاكم ديكتاتوري، ويبدو أنه عازم على خوض انتخابات الرئاسة القادمة أو نقل السلطة لنجله جمال. فمبارك يقمع بقسوة المعارضة الداخلية كما أنه يعتقل ويعذب بل ويقتل المدونين, كما أنه يفرض حالة الطوارئ على شعبه، وأخرج المعارضة من البرلمان المصري عبر انتخابات مزورة قاطعتها أحزاب المعارضة اعتراضا على ذلك التزوير، وبعد ثورة الياسمين التونسية، أصبحت مصر في حالة غليان بينما كان رد فعل الرئيس مبارك هو الاصرار على تجاهل مطالبات الاصلاح السياسي ووقف انتهاكات حقوق الانسان.
يؤكد "كاجان" أن إدارة أوباما لن تتحرك لدعم التغيير السياسي في مصر لتفادي انفجار محقق، على عكس موقفها في كولومبيا حيث تساعد الديمقراطية الناشئة على تثبيت أقدامها بل ومكافأة الشعب الكولومبي بعقد اتفاقيات تجارية بين البلدين, وعلى العكس من ذلك، ستجد الإدارة الأمريكية صامتة تماما تجاه انتهاكات حقوق الانسان في مصر والكبت والقمع السياسيين.
يتساءل "كاجان": لماذا لا تقول وزيرة الخارجية الأمريكية لمبارك إنه اذا لم يوقف القمع وحماية حقوق الانسان ووقف التعذيب في أقسام الشرطة إن ذلك لن يدمر مصر فقط، ولكنه سينسف العلاقات الأمريكية المصرية؟
إن كلينتون أكدت في الدوحة على الحكومات العربية ضرورة السماح بانفتاح سياسي وتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، ولكنها عندما التقت بوزير الخارجية المصري قبل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر الماضي لم تنطق بكلمة عن الأوضاع السياسية المصرية، كما أن الرئيس أوباما يتحدث بكلمات جميلة عن دعم الولايات المتحدة للديمقراطية حول العالم طوال الوقت، ولكنه عندما تحدث مع الرئيس المصري بعد الأحداث التونسية لم يقل أي شىء عن الخطر المماثل الذي ينتظر مصر، فالإدارة الأمريكية الحالية لم تغير سياسيات واشنطن تجاه مبارك التي تمتد لعقود مضت، على الرغم من كل المؤشرات التي تؤكد أن مبارك يقود بلاده باتجاه كارثة.
هذا هو المقال الذى نشرته الصحيفة الأمريكية قبل احتجاجات 25 يناير بأيام قليلة, ويشير التساؤل الذى أثاره "كاجان" عن أوباما وأنه لم يقل أي شىء لمبارك عندما تصل به عن الخطر المماثل الذي ينتظر مصر، العديد من اتساؤلات منها: هل كان أوباما يعلم احتجاجات 25 يناير؟, وهل كانت المخابرات الأمريكية ترتب لها أو شاركت فيها أو على الأقل دعمتها أو كانت تعلم الترتيبات ولكنها لم تنبه مبارك رغم انه كان الحليف المهم والاستراتيجى لأمريكا فى المنطقة العربية؟
هذه التساؤلات تعيدنا إلى صحيفة "واشنطن بوست" أيضا وهى التى نشرت منذ اسبوعين تقريبا أن باراك أوباما أصدر أمرا رئاسيا لجميع الوكالات الأمريكية قبل اندلاع الثورة التونسية بستة أشهر بالاستعداد لتغيير الأنظمة العربية, محذرا في مذكرته الرئاسية من أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة انتقالية حاسمة وطالب مستشاريه باستعراض مخاطر المرحلة المقبلة وطمأنة شعوب الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الانفتاح السياسي المنظم والحقيقي، إضافة إلي تحسين أوضاع الحكم.
كما أن الكاتب الأمريكي "ديفيد اجناتيوس" كشف في مقال له بذات الصحيفة إن أوباما أصدر الأمر الرئاسي في أغسطس 2010 وطالب جميع الوكالات بالتحضير لتغيير بعض الأنظمة العربية وفقا للتوجيه الرئاسي الذي حمل اسم "Presidential Study Directive 11".
فهل نشك بعد ذلك فى أن اليد الأمريكية كان لها دور كبير فيما يحدث فى البلاد العربية وما حدث فى تونس والتى كانت "بروفة" لما سوف يحدث فى مصر, وبعدها باقى الدول العربية؟؟
الأيام أو السنوات القادمة سوف تكشف عن دور كل دولة وكل جماعة ومؤسسة وجمعية وكل فرد ساهم وشارك فى تلك الأحداث التى عانت منها وتعانى البلاد العربية, كما سوف تكشف عن من حرك الاحتجاجات ومن تعاون ومن شارك ومن دفع ومن استفاد ومن باع؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق