الأربعاء، مارس 30، 2011

الأموال "المهاجرة" لن تعود.. وهذه هى الأسباب؟


الأموال "المهاجرة" لن تعود.. وهذه هى الأسباب؟


كتب محمود خليل:
"الشعب يريد أموال مبارك", "الشعب يريد الأموال المهربة", "الشعب يريد تجميد أموال مبارك".
هذه الشعارات, رفعتها مظاهرات 25 يناير, بعد سقوط نظام مبارك, وبعد أن لعب على هذا الوتر أطراف خارجية, لتأجيج مشاعر "الثائرين" حتى تستمر المشاعر ملتهبة, ويظل الشارع "ثائرا" ومتوترا, ويزيد حنق المصريين تجاه الرئيس ونظامه, ورجال الأعمال, بل والبلد بأكمله, وهو مايعنى استمرار الاحتجاجات والمظاهرات, وانهيار للاقتصاد المصرى, وفى المقابل يعنى ذلك تقوية الآقتصاد الغربى؟!
كيف؟
إذا عدنا إلى الخلف بضع سنوات وتحديدا منذ بدأت الأرض العربية تعرف آبار البترول سوف نجد أن عقود البحث عن البترول وتصديره تتضمن عددا من البنود, أهمها أن العرب لا يمكنها الحصول على جميع عوائد اكتشاف أو بيع البترول للغرب!, ولكن يتم احتجاز جزء من هذه العوائد فى الدول الغربية تصل فى بعض الأحيان إلى 40 بالمائة!!
إذن, فإن الاقتصاد الغربى والتنمية الاقتصادية الغربية تمت بأموال عربية!
إذن, فإن الدول العربية تساهم بشكل كبير فى تقوية الاقتصاد الغربى, والحفاظ عليه قويا, غير قابل للسقوط!.
إذن, فإن الدول الغربية تستنزف الثروات العربية مرتين:
الأولى: سحب الاحتياطات الضخمة من البترول والغاز والثروات المعدنية من الأراضى العربية, فى حين أنها تحافظ على مخزونها من تلك الثروات كما تفعل أمريكا وروسيا وغيرها بالنسبة للبرتول فتجد هذه الدول لا تستخرج البترول من أراضيها الا بكمية محسوبة وضئيلة للغاية, انتظارا لنضوب البترول من الألاراضى العربية, وساعتها يقومون باستخراج بترولهم من أراضيهم, ويتم تصديره إلى البلاد العربية بأثمان مرتفعة, وبالطبع لن يتم احتجاز نسبة من تلك الأموال فى البنوك العربية, ولكن الدفع سوف يتم نقدا.
الثانية: استنزاف الأموال العربية, وعدم استخدامها فى التنمية فى البلاد العربية, ولكن استثمارها فى البلاد الغربية التى تستخدمها لتطوير منتجاتها وأسلحتها, وهوما يسمى بعملية إعادة تدوير للأموال العربية, ومن ثم تصدير تلك المنتجات البترولية –العرب يصدرون البترول خاما- مثل البنزين والزيوت والبتروكيماويات, والأسلحة والتكنولوجيا, بأسعار عالية جدا, ويتم دفع المقابل نقدا, وبلا تأخير!!.
للأسف فإن البلاد الغربية تستخدم بيع هذه المنتجات والأسلحة والتكنولوجيا للضغط على البلاد العربية لتنفيذ سياسات معينة تكون غالبا ضد مصالح البلاد العربية وشعوبها, على سبيل المثال: تنفيذ مقررات الأمم المتحدة الخاصة بالطفل والمرأة, تبعا للنظرة الغربية, والقيم الغربية, وكذلك فى الهجوم على دول أخرى مثلما حدث فى العراق وأفغانستان, وحاليا فى ليبيا, أو لتنفيذ الأجندة الغربية فى موضوع مثل قضية "الديموقراطية"
إذن, فإن الأموال العربية تساهم فى رفاهية المواطن الغربى, فى حين أن المواطن العربى الذى يستخرج البترول من أراضيه, يرزخ تحت الفقر, والبطالة والأمية, ويعانى من حكامه الذين هم فى الغالب حكام ظالمين, لا يسعون إلى تمية بلادهم لتحقيق طفرة اقتصادية تعود بالنفع على البلد والمواطن, ولكن لتعود إلى جيوبهم, وارصدتهم فى البنوك الغربية!!.
لم يستثمر الغرب الأموال العربية من هذا الطريق فقد, ولكنها شجعت الحكام العرب, وغيرهم من "كبار" رجال الأعمال, وغيرهم, لتأمين أموالهم وثرواتهم فى البنوك الغربية, وكانت سويسرا, من أولى الدول الغربية التى اكتشفت أهمية استقدام الأموال العربية إلى بنوكها, فاخترعت نظام الحسابات السرية, وبالتالى جذبت أموال الحكام العرب وكل مسئول, أو غير مسئول يبغى تهريب أمواله خارج بلاده, وظلت تطور عمليات الحفاظ على السرية حتى وصلت إلى تطبيق نظام بصمة اليد ثم بصمة الصوت ثم بصمة العين!!.
استغل الكثير من الحكام والمسئولين العرب تلك السرية التى تفرضها سويسرا على حساباتها, وهربوا أرصدتهم وثرواتهم المنهوبة من شعوبهم, وحذت الدول الغربية حذو سويسرا وطبقت هذا النظام واقتسمت مع سويسرا هذه الثروات, حتى تضخمت البنوك بما لديها من أرصدة ففكرت فى تكوين صندوق النقد الدولى, والبنك الدولى الذى يتولى "تسليف" أو تقديم "قروض" للدول العربية وغيرها وبفوائد تصل إلى 8 بالمائة وأكثر, بخلاف الشروط التى تفرض على من يقترض من الدول, مثل التدخل فى الشئون الداخلية للبلد سيسايا, وتعليميا, وثقافيا, واجتماعيا, بحيث تحولت الدول التى تقترض إلى "ذيول" للدول الغربية تنفذ كل ما ترغب من سياسات حتى لو تحولت إلى سياسات ضارة بالوطن والمواطن.
بتلك الخطوات الثلاث السابقة "حجز جزء من قيمة بيع البترول, وأرباح بيع المنتجات والأسلحة, وفوائد القروض التى تمنحها للدول العربية التى هى فى الأساس أموالها" نجحت الدول الغربية فى بناء نهضتها الحديثة, وتفوقت علميا وتكنولوجيا وعسكريا, واستطاعت فرض سيطرتها على الدول العربية, وهو ما يمكن تسميته بـ "الاستعمار عن بعد", فهل بعد شرح ماسبق يمكن ان تكون هناك دولة عربية تدعى أنها دولة مستقلة وتتخذ قراراتها بعيدا عن أى ضغط, ولصالح الوطن والمواطن فقط؟!
الأجابة بالطبع, لا. فجميع الدول خاضعة للاستعمار بشكل أو بأخر وبدرجات متفاوتة للاستعمار عن بعد!.
نأتى إلى السؤال المهم الذى طرحته مطالبات من قاموا باحتجاجات يناير, هل يمكن استرداد الأموال "المهاجرة" أو "المهربة" فى البلاد الغربية؟
الأجابة بالطبع, لا, لن تعود تلك الأموال!!, فمما سبق من أحداث مشابهة يتضح أنه بمجرد سقوط حاكم أو تعرضه للسقوط أو القبض على مسئول أو رجل أعمال يتم الإعلان عن تجميد حساباته لمصرفية فى البنوك, والحجز على ممتلكاته فى تلك الدول, مما يعنى أنها آلت ملكيتها للدولة, فالحاكم أو المسئول لن يمكنه التصرف فى أمواله السائلة والمنقولة, ولا الدولة يمكنها أن تتصرف فى تلك الأموال والممتلكات!!
إذا فكرت الدولة البحث عن تلك الأموال والممتلكات لاستردادها فسوف تستغرق تلك العملية سنوات وسنوات, ولن يتم الحصول على تلك الأرصدة كلملة ولكن بالكاد يمكن ان تحصل الدولة التى تطالب باسترداد أموالها المهربة على نسبة قد تصل إلى 20 بالمائة من اجمالى تلك الأموال!!.
وهكذا تقوم البنوك والدول الغربية بما يشبه النصاب أو "الحلنجى" أو قاطع الطريق, بالاستيلاء على أموال ومقدرات الشعوب العربية, فلا يستفيد منها "الحرامية" من الحكام أو المسئولين, الذين قاموا باستنزاف وسرقة بلادهم وشعوبهم, وتكديس الثروات الحرام, فى دول أوروبا, كما لن تستفيد منها البلاد والشعوب العربية!!, كما قلنا فى السابق لأن استرداد تلك الأموال تستغرق وقتا طويلا, كما أنه فى الغالب يموت "الحرامية" قبل التمتع بتلك الأموال الحرام, وبدون أن يكون لهم ذرية, وحتى لو كان لهم ذرية, فلن يستطيع هؤلاء الحصول على سنت واحد, من تلك الأموال الحرام!!
ينطبق هذا الأمر على كل "الحرامية, الهاربين" بأموال الشعب, إلى لندن بصفة خاصة, فغالبا ما يموتون دون ذرية, وأن كانت لهم ذرية فنقل تلك الأموال إليهم كميراث تتطلب إجراءات طويلة, تخصم منها "مصروفات" نقل الملكية وضرائب الميراث, وبالتالى يحصل الورثة على الفتات!!.
فى النهاية نتساءل: هل يتوقف الحكام العرب والمسئولين ورجال الأعمال وغيرهم, عن تهريب أموال الشعب إلى أوروبا؟
هل تتنبه الحكومات العربية إلى تعديل بنود بيع البترول لمنع "حجز" نسبة من العوائد فى دول أوروبا؟
هل يفيق ضمير الحكام والمسئولين العرب ويمتنعون عن "سرقة" بلدهم وشعوبهم؟
السؤال الأهم: متى يصبح لدى الحكام والمسئولين العرب "دين" و"اخلاق" و"ضمير" و"غيرة" على بلدهم و"حب" لمصلحة شعوبهم؟       

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق