بعد حرق الأقسام والسجون وأمن الدولة
مصر فى طريقها إلى مستنقع الفوضى
متى يطالب "الثوار" برحيل المشير وحل الجيش؟
لماذا حرق "بتوع التحرير" مقرات أمن الدولة؟
"ثوار" التحرير يرفضون التعديلات الدستورية بسبب "قرضاى" أمريكا
كتب محمود خليل:
شىء غريب ما يحدث فى مصر حتى اليوم ممن يسموا أنفسهم "ثوار" ويسميهم المصريون "بتوع التحرير", فبعد مطالبهم بتعيين الرئيس نائبا له وتعديل بعض مواد الدستور كان المصريون يظنون ان الوضع انتهى وظنوا أن حياتهم سوف تعود إلى طبيعتها غير إن "بتوع التحرير" صعدوا من مطالبهم بتنحى الرئيس!! وتنحى الرئيس مبارك حقنا للدماء لأنه كان من المفترض فى حالة وجود المتظاهرين امام القصر الجمهورى بالعروبة ان تطلق قوات الحرس الجمهورى النار عليهم طبقا للقانون والأعراف حماية للشرعية ولرأس الدولة, ومنعا للفوضى ولكن الرئيس اختار تجنيب البلاد ويلات تلك الحوادث وتنحى وغادر إلى شرم الشيخ, وتم حل مجلسى الشعب والشوى, وتم تعديل المواد سيئة السمعة فى الدستور, وتنفس المصريون الصعداء وظنوا أن الأمور سوف تعود لطبيعتها, ولكن "بتوع التحرير" صعدوا من مطالبهم وطالبوا برحيل الحكومة كلها!!, وتم تنفيذ طلباتهم وتعديل الحكومة, وظن المصريون أن الأمر انتهى إلى هذا الحد, ولكن "بتوع التحرير" طالبوا باستقالة وزراء "النظام السابق", وتم تعديل الوزارة ولم يتبق سوى 3 وزراء من حكومة "النظام السابق" بالاضافة إلى رئيس الوزراء, ولذا خرجوا فى مظاهرات تطالب باستبعاد شفيق من رئاسة الوزراء!!, وإنهم سوف يظلون فى التحرير حتى تتم الاستقالة!!
ضرب المصريون كفا بكف فـ "بتوع التحرير زودوها كتير" ومطالبهم لم تعد تنتهى, وصارت مطالب غير معقولة وغير مقبولة, فقد طالبوا بتعديل المواد السيئة السمعة من الدستور, وبعد تعديلها طالبوا بتعديل الدستور كله!!, وحاليا يطالبون باستقالة أو "رحيل" شفيق وبعدها سوف يطالبون بـ "رحيل" المشير والمجلس الأعلى قوات المسلحة باعتبارهم من "رموز" النظام السابق!!, ثم يطالبون بـ"رحيل" النائب العام وباقى اعضاء النيابة العامة, وكذلك رؤساء المحاكم والقضاة, وبعد ذلك سوف يطالبون باستقالة المحافظين ونوابهم, ورؤساء الجامعات ونوابهم, ورؤساء البنوك والهيئات والشركات ونوابهم.
مؤخرا استمعنا إلى واحد ممن يسمون أنفسهم "ثوار التحرير" وهو يقول أن "بتوع التحرير" فوق الجميع وكلمتهم فوق الجميع ومن حقهم أن يعترضوا ويرفضوا أى وزير لا يعجبهم, وأنه إذا لم تنفذ مطالبهم "كاملة" فسوف يبقون فى التحرير!! وقبلها كان عصام شرف المكلف بتشكيل الوزارة يقول وسط "الثوار", أنه جاء إلى ميدان التحرير ليستمد شرعيته منه ومن "الثوار" الذين أتوا به؟!!..
إنه منتهى الاستخفاف بالمنصب وبمن كلفه بتشكيل الوزارة وبالشعب المصرى كله, فإذا كان شرف يستمد شرعيته من 3 مليون من "بتوع التحرير" فإن باقى الشعب يرفضه ويرفض ذهابه إلى ميدان التحرير ويرفض وزارته, لأنه بتصريحه هذا يعنى اعتراف منه أن ميدان التحرير هو الذى يحكم البلاد ولن يكون هو, كما أن "بتوع التحرير" لن يتركوه يحكم فلن يوافقوا على أى وزير لا يعجبهم, وسوف يعترضون على أى قرار يتخذه ولا يجدون فيه تحقيقا لمصالحهم!!
لقد كشف "بتوع التحرير" عن وجوههم التآمرية حينما اعترضوا على تعديلات لجنة البشرى للدستور خاصة فيما يخص جنسية المرشح للرئاسةوشرط أن لا يحمل جنسية اخرى وأن يكون من ابوين مصريين وأن لا تكون زوجته أجنبية, إذ أن هذه الشروط لاتنطبق على "قرضاى" مصر القادم من أمريكا, محمد البرادعى التى تريد فرضه على الشعب المصرى وطالبوا بحذف هذه الشروط؟!!
استمعنا أيضا إلى طلبات كثير من "بتوع التحرير" وماذا يريدون بعد إسقاط حكومة أحمد شفيق فغذا بهم يصرون على حل جهاز أمن الدولة ولا أحد منهم يدرى ماذا يريد بعد ذلك ولكنهم يطلبون قراءة البيان الذى وزع عليهم وكانوا يوزعونه على من يريد معرفة خطواتهم التالية, مما يعنى أنهم لا يدرون شيئا عما يريدون ولكنهم "مفعول بهم" إذ أن البيانات التى توزع عليهم لم يكتبوها بأنفسهم ولكنها كتبت فى جهة ما والتى تحركهم وعليها ان يلتزموا بها وينفذونها؟؟!!
لقد اتهمنى كثيرون بأننى ضد "الثورة" وهأنا ذا أوكد نعم أنا ضدها لعدد من الأسباب منها أنها حركة فوضوية تهدف إلى إسقاط البلاد فى أتون الفوضى لصالح جهات خارجية ومن لا يدرى فليراجع الأحداث منذ بدايتها يوم 25 يناير والتخطيط الجيد الذى تسير بمقتضاه لتنفيذ مخططها رغم نفى "بتوع التحرير" أنهم بلا زعيم ولكن الأحداث تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك رؤوس تخطط لها تخطيطا دقيقا وما هم سوى أدوات تنفيذ, فبعد مواجهة الشرطة واستفزازها واستنزاف طاقتها على مدى ثلاثة أيام ثم الهجوم عليها ثم اقتحام وحرق أقسام الشرطة فى وقت واحد ثم الهجوم على السجون فى وقت واحد ثم الهجوم على مقرات الحزب الوطنى فى وقت واحد ثم الهجوم على البنوك فى وقت واحد ثم محاولة اقتحام المستشفيات فى وقت واحد أيضا واخيرا اقتحام مقرات أمن الدولة فى وقت واحد يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المؤامرة خطيرة وأن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد ولكن سيتم مستقبلا استهداف الجيش واستفزازه للدخول فى مواجهة معهم ومهاجمة معسكراته حتى تكون هناك ذريعة لطلب تدخل القوات الأمريكية ولا مانع من القوات الصهيونية حتى يتم تنصيب "قرضاى" على كرسى الحكم ولتتحول مصر إلى أفغانستان أخرى أو عراق أخر.
والسؤال الذى لا أجد له غجابة هو لماذا يحرقون مقرات امن الدولة؟ والأجابة هو حرق الأدلة وملفات الأدانة حتى تصبح مصر بلا ذاكرة لمن يستهدف امن مصر والمصريين, فالشريف والذى لا يخشى على نفسه أو بالتعبير البلدى "اللى على راسه بطحة" هو من حرق اقسام الشرطة ومقرات أمن الدولة, أما الشخص الوطنى فلن يقدم على هذه الخطو أبدا, لأنه يعرف قيمة الأمن وأجهزة الأمن, أما من يريد أن تتحول البلاد إلى فوضى فهؤلاء من يجب أن يعاقبوا بل يحاكموا ويكون مصيرهم السجن.
أننا لا نستبعد أن يطالب "بتوع التحرير" بحل الجيش بعد أن نجحوا فى تنفيذ مؤامرة الآنفلات الأمنى, وبذلك تعم الفوضى التى يسعون إليها, والمخطط لها تخطيطا جيدا ولا يصدقن احد انها كانت مظاهرات عشوائية أو بلا مخطط أو بلا رأس او بلا رئيس, وشارك فيها جهات أجنبية على رأسها الولايات المتحدة وسفارتها بالقاهرة, وبدأت الاحتجاجات منذ عام 2005 لجس نبض الداخلية ومدى استعدادها لقمع او فض المظاهرات, وبدات الخطة بعمل احتجاجات صغيرة الحجم فى مناطق شعبية بعيدة عن عيون الداخلية وأمن الدولة مثل المطرية وشبرا الخيمة حيث كانت تضم عناصر لا تتعدى العشرات وأحيانا المئات وتستمر لمدة ساعة أو ساعتين وتنفض سريعا وقبل أن تأتى قوات الأمن!!
بدأت بعد ذلك عمليات ما يسمى بطرق الأبواب وهى اشبه ما يكون بعملية مندوبى المبيعات وكانت تحض السكان فى المناطق الشعبية على "عصيان" و"كراهية" النظام وبدأت بحملة "الحلل" والطرق عليها وهى ما اسموها بحملات "ازعاج السلطات", وكانت مثل سابقتها تضم عشرات أة مئات من المتظاهرين سرعان ما تنفض قبل حضور الشرطة!! وأعقب ذلك ايضا تنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات صغيرة فى وسط المدينة خاصة أمام نقابتى الصحفيين والمحامين ومحكمة النقض!!, وكان الهدف منها تعريف الجماهير بتلك الحركات الاحتجاجية وجلب التعاطف الجماهيرى معها بالتركيز على مساوىء الداخلية وأمن الدولة و الفساد والواسطة والتعذيب.
بدأت تلك المسيرات ترفع شعارات جماعات كفاية و6 أبريل وجبهة التغيير وكلنا خالد سعيد, وغيرها من الجماعات والجمعيات اليسارية, حيث أخذت تأخذ مظهرا من مظاهر التنظيم ووالعنف فى مواجهة الشرطة بل وصل الأمر إلى الاستفزاز لضباط وأفرادالشرطة حتى يتم الاشتباك معهم وتصوير تلك الاعتداءات لتسويق تلك الصور على الفيس بوك وتويتر ومواقع جمعيات وجماعات حقوق الإنسان, للضغط على "النظام السابق", ويجب أن نذكر هنا الدور الكبير الذى شاركت فيه جماعات أو جمعيات حقوق الإنسان التى تحصل على تمويل من أمريكا والاتحاد الأوروبى ومنظمات حقوق الإنسان العالمية.
من جانب أخر ساهمت الحكومة من حيث لا تدرى فى زيادة تلك الاحتجاجات بسبب عدم الرفض القاطع لملف التوريث, وقضية خالد سعيد, ثم انتخابات مجلس الشعب المزورة, ومن قبلها التعديلات الدستورية سيئة السمعة, بالاضافة إلى ارتفاع الأسعار فى جميع السلع الاستراتيجية غذائية وغير غذائية, بشكل غير مقبول وتدنى الأجور, مقابل الأجور الخيالية التى يحصل عليها العديد من الممثلين والممثلات والمغنيين والمغنيات ولاعبى الكرة والمذيعين والمذيعات, بخلاف رفاهية رجال الأعمال المستفزة لجميع أفراد الشعب, وشعور المواطنين بالغبن والظلم بسبب محاباة "النظام" للمسيحيين, على حساب المسلمين ودينهم, و"انبطاح" النظام أمام شنودة بشكل مستفز ومؤذى, بخلاف الانبطاح" أمام امريكا وإسرائيل, واحساس المصرى بالخارج بالمهانة بسبب تعالى الأخرين عليه وعدم مساندة الدولة وحمايته له اثناء وجوده فى الخارج بخلاف ما يلاقيه فى داخل بلده من مهانة على يد الشرطة وأمن الدولة وكذلك على يد الأجانب سواء فى العمل أو حتى فى الشارع أو فى اقسام الشرطة, حتى صار يشعر أنه ليس مصريا ويعيش فى أرض غير بلده.
تكاتفت كل تلك العوامل فى خروج عدد كبير من المصريين إلى المظاهرات بعد مشاهدة شباب تلك الجماعات فى الشارع ودعوتهم لهم إلى النزول معهم فى الشارع, ومن ثم ميدان التحرير الذى كانت الخطط تؤكد على ضرورة "احتلاله" وعدم تركه تحت أى ظرف من الظروف حتى لو لقوا حتفهم, ولذلك شاهدنا كثير من هؤلاء المتظاهرين يلقى بنفسه أمام سيارات الشرطة ويتحدى قوات مكافحة الشغب, بشتمهم وسبهم, بل و"معايرتهم" بأنهم يحمون النظام وليس الوطن, مثلما يفعلون هم!!
إن الفساد الذى شمل البلاد صار متجذرا مثل الشجرة وما يحدث حاليا من محاكمة رموز الفساد هو قطع الفروع العليا لشجرة الفساد, بينما باقى الفروع موجودة بل أن شجرة الفساد متجذرة فى الرض, فكيف يمكن اجتثاث جذور الفساد؟, ونعنى الموظفين الصغار فى كافة الهيئات والوزارات والمصالح وهم بالتأكيد معرفون للكافة ولا داعى لتعديدهم, لقد كنا نتصور أو كان يجب على "بتوع التحرير" أن يغيروا المجتمع من أسفل وليس من أعلى بمعنى القيام بحملات منظمة للتوعية بعدم دفع رشوة, وحقوق المواطن والدعوة لتنظيف الشوارع وزيادة الإنتاج والحفاظ على مقدرات وممتلكات البلاد وكذلك التوعية السياسية فى مجالات حقوق الإنسان والانتخابات وخلاف ذلك, بما يعنى أن إصلاح المجتمع من اسفل أو القاعدة المجتمعية سوف ينتج عنه بالتأكيد موظف ومعلم وطبيب وتاجر واعى يرفض الرشوة ويحافظ على مقدرات البلاد فلا نجد من يخرب فى وسيلة نقل أو إنتاج أو شارع أو تعدى على أرض زراعية أو مخالفة القانون, وبالتالى فسوف يكون على المسئولين صغارا وكبارا تنفيذ القانون والحفاظ على مقدرات البلاد بل سوف يخشون من الفساد أو الافساد, لعلمهم ان هناك مواطن واعى سوف يكشفهم ويرفض فسادهم, وقد يحرك ضدهم الدعاوى القضائية.
قبل أن نستكمل مسيرة الحداث يجب أن نعرج إلى من يسمونهم "شهداء التحرير" ولا ندرى كيف يطلق عليهم صفة "الشهداء" وهل الشهادة تكون فى القتال بين المسلم والمسلم ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء القاتل والمقتول فى النار, وهو من قال أيضا ليس من من دعا إلى عصبية أو قتل فى عصبية, وهو ما أكده الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر, قبل أن يتبدل رأيه, ويؤيد ما أسماه بـ "الثورة", ونسأل هنا هل كل من توفى فى ميدان التحرير يعتبر "شهيدا" إذا اتفقنا أنهم شهداء؟.
من هؤلاء مثلا سالى زهران التى توفيت بعد ان اختل توازنها فى بلكونة بيتها فسقطت وتوفيت على الفور, ولكن "الثوار" قالوا أنها شهيدة!!, وهل يمكن أن يكون عدد من الذين توفوا فى المظاهرات جميعهم شهداء رغم أن منهم من لم يخرج من بيته بنية الشهادة ومنهم من خرج بية أخرى, حتى أن عددا من اللصوص والبلطجية توفى فصاروا "شهداء" حتى أن النيابة العامة قررت استخراج جثث بعض من توفى منهم واخضاعها لتشريح الطب الشرعى لأن كل أسرة توفى لها فرد اطلقوا عليه لفظ "شهيد" حتى يحصلون على الـ 150 ألف جنيه حتى لو كان قتل فى أثناء استيلائه على سلاح من أقسام الشرطة أو فى اثناء مشاجرة أو فى أثناء عملية بلطجة, والغريب أن "بتوع التحرير" يقولون ان كل "ثورة" لها ضحاياها, فلماذا لا يطلقون على من قتل فى تلك المظاهرات أو الاحتجاجات لفظ "ضحايا" المظاهرات, ولماذا يولولون عليهم, إذا كانوا يعترفون أن ما يقومون به سيكون له ثمن يدفعونه, ومن يعلم أنه سيدفع ثمن ليس له الحق أن يندم على دفع الثمن.
وما دمنا نتحدث عن الدين والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا, فهل ما فعله "بتوع التحرير" من شتائم وسب وقدذف وسخرية من الرئيس مبارك, يتفق والدين؟, بل وهل يتفق وأخلاق المصريين؟, وهل صارت صورتنا حسنة أمام العالم وقلة من المصريين تنعت رئيسها باقذع الألفاظ والصفات؟, وهل سينسى أى رئيس يأتى بعد مبارك انه يمكن ان يلاقى من شعبه ما لاقاه مبارك؟
أما أغرب ما سمعت من "بتوع التحرير" فهو أن النظام الأبوى فى الحكم انتهى, ونحن نتفق معهم فى ذلك ولكن هل انتهى النظام الأخلاقى؟, وهل من السهل أن تشتم رجلا كبيرا فى السن بخلاف أنه رئيس الجمهورية؟, وهل ترضى أن يشتم أحد والدك ويهينه ويسبه هكذا, حتى لو اخطأ؟, بالطبع لا فلم يربينا إسلامنا ولا عاداتنا على ذلك بل تربينا على أن "الأدب فضلوه عن العلم", فأين الأدب فيما فعلتموه مع كبيركم؟, والمثل الشعبى يقول: "اللى مالوش كبير بيشترى له كبير", فمابالنا ونحن نهين كبيرنا؟, نحن اخطأ الرئيس وأعوانه, وأضر بالبلاد والعباد, ولكن لا يجب أن ننسى انجازاته ونشطبها هكذا بجرة قلم, وعلى "بتوع التحرير" ان يسألوا الآباء والأجداد عن مصر قبل مبارك وبعد مبارك, وأن يسألوهم عن مصر السادات ومصر بعد السادات, كما أن من اخطأ فالقضاء موجود يمكن لكل من لديه شكوى أن يلجأ للقضاء, الذى سوف يحصل على حقه, اما أن نظهر بمظهر "الفتوات" و"البلطجية" و"قليلى الصل" و"عديمى التربية" فهذا ما لانرضاه لشباب مصر وأهل مصر بما عرف عنهم من "أصول" و"أخلاق".
ودعونا نسأل أسر الفتيات التى باتت فى ميدان التحرير لمدة 18 يوم وسط الشباب, هل من اخلاق الأسرة المصرية ان تترك بناتها فى الشارع ليل نهار طوال 18 يوم دون ان تعرف عنها شيئا؟, وتبيت مع اناس لا تعرفهم, أو مع اصدقاء لها, أو تعرفت عليهم من خلال الفيس بوك؟, فأى أم تلك وأى اب هذا الذى يفعل مع بناته هذا؟!!
الأغرب أن "بتوع التحرير" يرددون ان "قتلاهم" أهم من "شهداء" حرب أكتوبر!!, ويقولون ماذا قدم هؤلاء لمصر, استردوا الأرض؟!, ولكن "شهداء" 25 يناير "استشهدوا من أجل الحرية والديمقراطية؟؟؟!! ولا ندرى أى حرية تلك التى يتحدثون عنها؟, فهل كانوا يعانون من الاحتلال أو الاستعباد؟, ومنذ متى كان للحرية أو الديقراطية شهداء؟!, وهل فى شروط الشهادة فى الإسلام أن من يقتل فى سبيل الحرية أو الديمقراطية يكون شهيدا؟..
نعود إلى مطالب "بتوع التحرير" وهل يمكن أن نسميهم "ثوار" أو نسمى ما قاموا به "ثورة"؟
الحقيقة ان تلك التسمية خاطئة ايضا إذ أن "بتوع التحرير" وأخوانهم فى بعض محافظات الجمهورية, لم يطلقوا هذه التسمية على أنفسهم, بل كانت او تسمية لها خرجت من قناة أمريكية تبعتها قناة العربية المرتبطة بجهاز المخابرات الإسرائيلية والأمريكية, ثم تبعتها قناة الجزيرة أيضا المرتبطة بالموساد الصهيونى, ثم ردد هذه التسمية أوباما وديفيد كاميرون وساركوزى, ومن ثم التقطت الصحف والفضائيات المصرية تلك التسمية ومن ثم صار "بتوع التحرير" "ثوارا", رغم أن ماقاموا به لا يرقى نهائيا للصفة التى لها مواصفات كبيرة منها تغيير المجتمع بأكمله, ولنا عبرة فى انقلاب يوليو 52 المدعوم من أمريكا, ولم يطلق عليه صفة الثورة ولكن من قام به اطلقوا عليها "حركة الجيش", ولم يطلق عليها ثورة الا بعد عام 54 , بعد أن بدأ الضباط تطبيق النظام الاشتراكى وإعلان الجمهورية و"طرد" الملك, فماذا فعل "بتوع التحرير" حتى يطلقون عليها لفظ "ثورة"؟.
هل يعلم "بتوع التحرير" أن الغرب أيد مظاهراتهم ووصفها بالثورة لأنها كانت ضد النظام وحرقت البلاد وتسببت فى فوضى عارمة بالبلاد؟, هل يعلمون أنهم لم يطلبوا من النظام اخماد هذه المظاهرات لأن المتظاهرين حسب تصريحات ساركوزى لم يهتفوا بسقوط أمريكا أو إسرائيل أو الغرب بصفة عامة, كما لم يهتفوا ضد المسيحيين ولم يتعرضوا للكنائس فى مصر, ويكفى أن نقارن ما حدث فى مظاهرات يناير بما حدث مع مظاهرات كاميليا ووفاء وكيف هاجم الغرب وأمريكا النظام لأنه لم يفض المظاهرات بل هددوا بالتدخل, وراجعوا تصريحات أوباما وبندكت وساركوزى وميركل حول تلك المظاهرات خاصة بعد احداث كنيسة الأسكندرية, فهل يمكن تفسير موقف الغرب من مظاهرات 25 يناير ومظاهرات ماقبل ذلك التاريخ؟!!
ما حدث هو توجيه اتهامات لعدد من رجال الأعمال والمسئولين السابقين بالتربح والفساد, وتعديل عدد من مواد الدستور, و"تخلى" الرئيس عن منصبه, و"تفويض" المجلس الأعلى للقوات المسلحة بـ "إدارة" البلاد, تلك هى "حسنات" "حركتهم" الاحتجاجية, أما "السيئات" فكثيرة جدا, منها على سبيل المثال: الفوضى الأمنية الشاملة التى تسببوا فيها, أو تسببت "حركتهم" الاحتجاجية فيها, وحرق ونهب العديد من المناطق الأثرية والمنشآت المالية والتجارية والخدمية, وهروب السائحين من مصر, وتوقف العديد من الاستثمارات الأجنبية, وهروب المدخرات والعملة الصعبة من مصر عن طريق التحويلات البنكية, توقف الإنتاج بسبب الاحتجاجات الفئوية, ولا يفوتنا أن ننوه أيضا إلى انتشار الباعة الجائلين فى شوارع القاهرة خاصة وسط المدينة ومصر الجديدة والمهندسين ومدينة نصر وغيرها بصورة مكثفة واحتلالهم الأرصفة, والغريب أن نشاهد فى الشوارع "مظاهرات" لتلاميذ ايتدائى إعدادى وثانوى يطالبون بـ "رحيل" مدير المدرسة!!! والغريب أيضا أن نشاهد بعض موظفى الجهاز المركزى للمحاسبات برحيل "الملط" رئيس الجهاز رغم ما هو معروف عن الملط من حرب للفساد والمفسدين منذ تولى مسئولية الجهاز وموقفه مع يوسف بطرس غالى وأحمد عز فى مجلس الشعب معروف.
وهل يعلم "بتوع التحرير" أن الخسارة التى لحقت بالاقتصاد المصرى خلال شهر الاحتجاجات أكثر من مليون جنيه, وخسارة العديد من العاملين لوظائفهم وانضمامهم إلى طابور البطالة.
أما الظاهرة الأسوأ او النتائج السيئة لأحداث يناير التى اعتبرها اسوأ من حرق القاهرة فى يناير 52 فهى فقدان الأمن والأمان الذى كان يشعر به المصريون ويتفاخرون بع على باقى شعوب الأرض فقد كان يمكنك أن تسير فى الشارع أنت وعائلتك بل كانت المصريات يسيرن فى الشارع فى أى وقت من الليل وهن آمنات مطمئنات, أما اليوم فإن "بتوع التحرير" ابتلونا بما يسمى البلطجية الين يمارسون بلطجيتهم فى وضح النهار, وعلى سبيل المثال صعود بلطجية إلى أتوبيس نقل عام بالسنج والمطاوى وأخذ كل ما مع الركاب من متعلقات سواء تليفونات أو أموال أو ساعات أو ذهب ومن يرفض يكون الجزاء ضربة مطواة قد تودى بحياته ويكون سعيد الحظ أن يتم نقله سريعا إلى المستشفى لعلاجه!!
وهناك أيضا ما يتم على الطريق الدائرى حيث تنتشر عصابات البلطجة بالأسلحة النارية والبيضاء فيضطرون قائدى السيارات للوقوف بعد قطع الطريق أمامه, ويحصلون منهم على كل ما يملكون, ويغتصبون زوجة أو أخت أو أم السائق أمام عينيه, وهناك من يقذف السيارات بالبيض فيضطر قائدى السيارات للوقوف فيخرج عليه عدد من البلطجية ويحصلون منهم على ما يملكون, وأما الأخطر فهو إجبار قائدى السيارات على التوقيع على عقد بيع لسياراتهم بالتوكيل وبالإكراه بعد حصولهم على بطاقاتهم الشخصية وكتابة بياناتها وبيانات السيارة فى العقد أمام صاحبها وإجباره على التوقيع ويكون سعيد الحظ أن تركوا له ما يمكنه أن يعود به إلى منزله ويكون سعيدا ايضا أن يتركوه دون ان يؤذوه بالسنجة أو المطواة.
الأخطر أن البلطجية اقتحموا المستشفيات لعلاج ذويهم وإجراء عمليات جراحية لهم تحت تهديد السلاح, وسرقة الأدوية, والتحرش بالطبيبات والممرضات وسرقتهن وسرقة الأطباء والعاملين بالمستشفى تحت تهديد السلاح مثلما فعل فى مستشفى قصر العينى ومستشفى الدمرداش, بل الأغرب أن البلطجية اختطفوا طبيبا وسيارة الإسعاف التابعة للمستشفى بعد تهديد السائق وذهبوا به إلى منزل احدهم لعلاج أحد افراد الأسرة وبعد علاجه تركوه بعد تعهده أن يأتى لهم مرة اخرى.
هل كان يتصور أحد ان يستولى البلطجية على قطار ويستولون على ما مع ركابه من اموال ومصوغات وتليفونات؟, لقد حدث هذا فى قطار أبو قير, ومثله حدث فى ترام الرمل بالاسكندرية.
هل كان يتصور أحد ان يصل الخلاف بين شخصين إلى قتل أحدهم للأخر؟, نعم هذا جائز ولكن أن يصبح هذا مسلسلا يوما فهذا هو الغير معقول, فقد حدث ذلك مع بواب فى بولاق الدكرور وحدث مع مواطنين فى المقطم وحدث مع سائق توكتوك فى العبور, وحدث مع عضو مجلس إدارة نادى الأسماعيلى, وحدث فى شركة كفر الدوار للغزل حيث اجتمع الموظفون على نائب رئيس الشركة وظلوا يضربونه حتى مات بين ايديهم, وحدث فى مصر القديمة حيث تشاجر مجموعتين من البلطجية بالأسلحة النارية وقتل 3 أشخاص, بخلاف ما يحدث يوميا فى الطريق الدائرى والعديد من مناطق القاهرة وغيرها.
هل كان يتصور أحد أن يكون معرضا وفى وضح النهار وأمام الناس ان يوقفك عدد من البلطجية شاهرين الأسلحة فى وجهك ليجبروك على تسليمهم ما تملك من مال وتليفون محمول وساعة وغيرها مما تملك, أو يجبرون فتاة أو سيدة على تسليمهم شنطة يديها بما فيها ولا يتركون لها ما يمكنها أن تعود به إلى بيتها؟!
هل يقبل أحد من "بتوع التحرير" ان يتعرض واحد منهم او من اسرهم لهذا الموقف؟, وما هو شعورهم ان عادوا للمنزل فوجودوا أحد من أفراد اسرهم مذبوحا؟, وماذا يفعلون إن اختطف البلطجية إحدى نساء الأسرة واغتصبوها؟, وما هو شعورهم إن تعرض أخ أو أخت أو ابن او ابنة لهم للخطف أو الاغتصاب أو تعرض للصرع أو التبول اللاارادى بسبب حالة الرعب التى سادت البلاد منذ يوم 28 يناير؟
هل يمكن بعد كل تلك الجرائم التى ارتكبها "بتوع التحرير" أن يصبحوا "ثوارا" بل مصريين؟
لقد كنا نعود إلى منازلنا فى فترة مابين منتصف الليل وحتى صلاة الفجر ونشعر بالأمان, أما اليوم ففى وضح النهار لم نعد نشعر بهذا الأمان, كما أننا لم نعد نتأخر أكثر من العاشرة مساء فى محل عملنا, فمن يبيع لنا الأمان الذى فقدناه فى بلدنا إذا كان يباع؟, إذا سالت اى مصرى أصيل سيقول لك وعلى الفور دعهم يغرفون أموالا حراما ودعنا نشعر بالأمان على انفسنا وعلى أسرنا وعلى ممتلكاتنا, إن الشعور بالأمن والأمان شعور لا يدخله شعور, ولا يقدر بكنوز الدنيا.
إن الثورات دائما تنقل الشعوب إلى الفضل ولكن هؤلاء احدثوا فى مصر مالم يحدثه الأعداء, فإذا كان هؤلاء يبحثون ويطلبون الحرية والديقراطية فإننا نرفض الحرية والديمقراطية إذا تعارضت مع الأمن القومى للبلاد, فما معنى أن أكون حرا بينما لا أشعر بالأمن على نفسى وممتلكاتى وأسرتى ووطنى؟ فلتذهب تلك الحرية إلى الجحيم مقابل أن أنام وأنا مطمئن على نفسى وممتلكاتى, وأشعر بالأمان وعدم الخوف على فرد من أفراد أسرتى, وأسير فى الشارع وأنا مهدد ولا أدرى متى؟ ومن أين يخرج البلطجية ليحصلوا من على ما فى جيبى من مال وتليفون, وقد اصاب أو اقتل إن رفضت أن اسلمهم ما معى أو قاومتهم.
هل يعلم "بتوع التحرير" بوجود أكثر من 3000 قطعة سلاح موجودة فى الشارع المصرى لم يتم استردادها بعد وهى التى نهبت من السجون وأقسام الشرطة, بخلاف الذخيرة وقنابل الغاز والدخان وهى التى استخدمت فى التعدى على المواطنين وسلبهم ممتلكاتهم؟, فمن يجمع تلك السلحة حفاظا على امن وأمان الوطن؟.
إذا كان هذا هو انعدام الشعور بالأمن الشخصى فإن الشعور بعدم الأمان القومى أخطر, فإذا نظرنا إلى ما يجرى حولنا بعد "حركتهم" المخططة لقلب نظام الحكم سنجد ان شمال سيناء تعرضت لاختراق كبير من قبل عناصر حماس والاعتداءات التى تعرض لها أهالينا فى شمال سيناء لا يمكن ان تعوضها "حرية بتوع التحرير" فقد سرقت شققهم وتم الاستيلاء عليها وعلى محلاتهم التجارية مثلما تم قتل العديد من أفراد الأجهزة الأمنية وتدمير مقراتها والإستيلاء على سيارات الشرطة والدخول بها إلى قطاع غزة من قبل عناصر حماس, ومازال هناك عناصر حمساوية مختفية ومختبئة فى سيناء تمهيدا للقيام بعمليات عسكرية تساعدهم على تنفيذ مخططاتهم لضم شمال سيناء إلى قطاع غزة, لإقامة دولتهم المزعومة على أرض سيناء بدلا من تحرير اراضيهم المحتلة من قبل الكيان الصهيونى منذ 1948.
أما فى الجنوب فإن السودان تطالب حاليا بضم حلايب وشلاتين المصرية إلى السودان, بخلاف أن دول حوض النيل سوف تستولى على 15 مليار متر مربع من نصيب مصر والسودان, بما يعنى حدوث نقص حاد فى نصيب مصر من المياة وما لذلك من تأثير على الزراعة وبالتالى على الإنتاج من الحبوب والخضر والفواكه بما يعنى ارتفاع كبير فى اسعارها فى القريب العاجل.
أما فى الغرب فإن اشتعال المظاهرات فى ليبيا استنساخا لما يحدث فى مصر, كان من نتيجته تهديد حياة المصريين فى ليبيا –ما يقرب من مليون ونصف مليون نسمة- سواء بالقتل أو الإعادة إلى مصر بعد الإستيلاء على مدخراتهم طوال عملهم فى ليبيا وهو ما يعنى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل فى مصر, والأخطر أن القوات الأمريكية والاتحاد الأوروبى سوف يقفون على الحدود, بجانب وجود أسطولهم على مقربة من السواحل المصرية فى البحر الأحمر والبحر المتوسط, وهو تهديد مباشر للأمن القومى المصرى.
وهناك نقطة ترتبط بأمريكا تدعو للعجب والاندهاش والتفكير, وهى ان الداعى إلى الاحتجاجات أمريكى الهوى والجنسية ومتزوج من أمريكية ويعمل فى مؤسسة أمريكية –جوجل- ومتهم بالماسونية ونقصد بالطبع وائل غنيم, أما الملف السياسى أو ملف الديمقراطية على الطريقة الأمريكية فيحمله ويدعو إليه محمد البرادعى المنتمى إلى امريكا مثله مثل أحمد زويل الذى يحمل ملف التعليم على الطريقة الأمريكية مثل فاروق الباز الذى يحمل ملف التنمية على الطريقة الأمريكية!!, أى أن مصر صارت ولاية أو ضيعة أمريكية!!
نعود إلى "بتوع التحرير" الذين صادروا حرية التعبير لدى باقى افراد الشعب ورفعوا شعار لا حرية الا لـ "بتوع التحرير" ولا ديمقراطية الا لـ "بتوع التحرير", ومن لا يطلق عليهم "ثوار" أو من لا يطلق على قتلاهم "شهداء" أو من لا يتبنى "مطالبهم" يصبح خائنا, ومنتميا إلى النظام السابق" أو "البائد" حسب تعبيرهم وهو نفس الفظ الذى كان يطلقه الناصريون على عهد الملك فاروق الذى انقلبوا عليه رغم أنهم أقسموا على الولاء له فى بداية تعيينهم فى الجيش المصرى الملكى!! وإذا كان مجموع هؤلاء مليون بل ثلاثة بل عشرة ملايين فما بالكم والشعب المصرى 80 مليون أى أن عدد "بتوع التحرير" لا يتجاوز عشرة بالمائة ولنقل 25 بالمائة من اجمالى الشعب المصرى فهل يحق لهم فرض رأيهم ومطالبهم على باقى أفراد الشعب المصرى؟ إنهم كانوا ينتقدون الديكتاتورية بينما هم اشد ديكتاتورية من الحزب الوطنى ولا يسمعون لصوت العقل ولا يطيقون سماع الرأى الأخر, فمابالنا لو حكم هؤلاء؟, نعتقد أن الأفواه سوف تكمم ولن يستطيع فرد النطق والا اتهم بالخيانة وسيق إلى محاكم التفتيش وتم الحكم عليه بالإعدام لأنه خالف رأى "الثوار", اقصد "بتوع التحرير"!!.
الغريب ان يصدر "بتوع التحرير" ما اسموه قوائم "أعداء الثورة", ضم اسماء المشاهير من الممثلين والسياسيين والصحفيين والمغنيين ولاعبى الكرة ممن هاجموا احتجاجات 25 يناير, وإن دل على ذلك فإنما يدل على ان "بتوع التحرير" يتجهون إلى أن يكونوا "فاشيستيين" فقد صنعوا من أنفسهم ديكتاتوريين صغار, يسيرون على نفس الخط الديكتاتورى الذى كانوا "يعانون" منه وطالبوا بإسقاطه؟!!, والغريب أن نرى مسئولين كبار فى مجالات عدة ينافقون "بتوع التحرير" وينفخون فيهم, حتى صار بعضهم كالبالونات والبعض الأخر صار كبراميل البارود وسوف تنفجر فى وجه المصريين جميعا بعد ذلك, بعد أن "عاشوا" دور "الثوار" وظنوا أنفسهم انهم "صنعوا" التاريخ كما يكذب عليهم أوباما وكاميرون وبيرلسكونى, ولا يدرون أنهم مجرد أداة فى إيدى من يحركونهم لمصالحهم الشخصية البحتة, والذين تحركهم بالتالى أمريكا لتنفيذ مؤامراتهم لتنفيذ ما يسمى بالفوضى الخلاقة, التى سيتم بمقتضاها تقسيم العالم العربى والإسلامى إلى دويلات أو كانتونات طائفية, ضعيفة متصارعة, تلتف حول دولة إسرائيل الكبرى القوة الإقليمية والعسكرية والاقتصادية الوحيدة فى المنطقة العربية والشرق الأوسط.
إن الله سبحانه وتعالى اختلف حوله الناس فهناك من ينكر وجوده تماما ومنهم من يؤمن به, كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتفق عليه البشر, كما ان عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز لن يعودا إلى الأرض ولن نجد شبيها لهما على الأرض, ولذلك لاتخونوا من يعترض على ما قمتم به, أو يعترض على ما تقومون به من اعتصامات واضرابات ومحاولات لفرض الرأى بالقوة, فإذا كانت ديكتاتورية الرئيس خطر, فديكتاتورية الأقلية أخطر, وديكتاتورية الشعب اخطر واخطر, فحذار من القادم, فالقادم اسوأ, وعلى "بتوع التحرير" ان لا يزودها فالشىء إذا زاد عن حده انقلب ضده, هذا ما تعلمناه من التاريخ ومن أجدادنا ومن ديننا ومن خبراتنا.
ما يدهشنا حقا أن "يسكت" الجيش على ما يحدثه "بتوع التحرير" من تدمير للبلاد بعد أن وصلت خسائر مصر إلى 100 مليار جنيه خلال شهر, وصارت البورصة على حافة هاوية الانهيار, وتوقفت العديد من الشركات والمصانع, وهروب استثمارات بمليارات الجنيهات, بخلاف الخسائر التى شهدها لقطاع السياحى, وبخلاف عمليات السرقة التى تمت فى عدة مواقع انتاجية أخطرها ما تردد عن سرقة مناجم الذهب, وإذا كان اركان النظام السابق سرق مصر بالمليارات على مدى عشر سنوات او اكثر فغن "بتوع التحرير" تسببوا فى خسارة مصر 100 مليار خلال شهر واحد فقط والبقية تأتى.
هكذا وصل الحال بمصر على أيدى بعض أولادها الذين قيل عنهم أنهم قاموا بثورة "بيضاء" ونحن نراها "سوداء", فالأحوال الداخلية والخارجية, تقول ذلك فمصر لم تتعرض لهذا التهديد الداخلى والخارجى فى نفس الوقت فى اى فترة من فترات التاريخ الحديث والمعاصر مثلما حدث فى يناير وفبراير 2011 وحتى اليوم, ويكفى أن نقول لمن يفهم, وكثير من "بتوع التحرير" لا يفهمون معنى الأمن القومى, لماذا تشتعل الدول العربية فى وقت واحد, بالمظاهرات وكلها تطالب برحيل نظامها؟, ولماذا لانشاهد تلك المظاهرات فى دول افريقيا وأسيا وأوروبا وامريكا؟, ولماذا تحدث الاضطرابات فى المنطقة العربية كل نصف قرن او اقل وخاصة فى مصر, ألم يسأل "بتوع التحرير" انفسهم لماذا تتعرض مصر لاضطرابات كلما شهدت البلاد رواجا او نجاحا اقتصاديا أو تنمويا تعود بنا إلى الوراء عدة عقود؟.
أننا كنا نتصور أن قبول الرئيس بمطالب "بتوع التحرير" بتعديل الدستور وإقالة حكومة نظيف وتعيين نائبا له كافيا وكان يمكن الضغط بصورة أخرى لمحاكمة رموز الفساد, وكنا نتصور أنه لو اتيح له الفرصة لحاكم كل المفسدين محاكمة شديدة وضرب عليهم بيد من حديد انقاذا لسمعته وحتى يختم تاريخه بما يشرفه, وينتقم ممن "خدعه" و"دلس" و"تأمر" عليه وعلى البلاد, والعباد, فالدرس كان مؤلما, وليس صحيحا أنه كان سيتم القبض على المتظاهرين بل كانت كلها دعاوى باطلة وكاذبة حتى يظل الوضع مشتعلا, ويتمكن كل صاحب مصلحة من الانتقام من شخص الرئيس أو أعوانه أو من النظام بشكل عام, فهناك من سجن أو ظلم ويريد ان يشفى غليله وقد حدث ذلك, ولعلنا لا نخفى سرا حينما نقول أن جماعة "الأخوان المسلمون" تمكنت أخيرا من الانتقام من عبد الناصر فى صورة حسنى مبارك الذى يعد امتداد للثورة –حسب قوله- حيث لاقت الجماعة الأمرين على يد عبد الناصر, كما أن الغزالى حرب كان ينتقم من جمال مبارك الذى اختلف معه فى أمانة السياسات, بخلاف من قبض عليه من قبل ضباط أمن الدولة أو من ضباط أقسام الشرطة, فكل منهم يحاول الانتقام مما لاقاه على يد هؤلاء الضباط.
على أية حال فإننا نرفع أذرعنا إلى رب الكون سبحانه وتعالى أن يحمى مصر من بعض أولادها الذين يريدون لها أن تدخل نفق الفوضى والانهيار, ولكن لأن مصر محمية بنص القرآن الكريم, وبوعد رب السماء, فسوف تحبط مكائدهم بإذن الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق