لهذه الأسباب "ضحت" أمريكا وإسرائيل به
خطة محاكمة مبارك وضعت منذ عام 2005
حرب أكتوبر وبوش الصغير وعرفات وديمونة اطاحوا بالرئيس
كيف "يلعب" الأمريكان والأوروبيين بمشاعر المصريين والعرب؟
كتب محمود خليل:
لاشىء مما يحدث فى مصر جاء صدفة, ولكنه سيناريو تم الإعداد له, والتخطيط لتنفيذه بدقة تناهية, وحينما نقول إن انقلاب جمال عبد الناصر على الملك فاروق, كان بدعم أمريكى حسب كل الوثائق والشهود والشواهد, عن هذا الانقلاب, فنحن لا نكذب, وحينما نقول أن أحداث يناير كانت مدبرة, وجرى التخطيط لها منذ سنوات وتم اإعداد لها فى مطبخ المخابرات الأمريكية, فإننا لم نخطىء, وقد كتبنا فى أكثر من مقال تأكيدات وشهود وشواهد, تؤكد أن من قام بأحداث يناير, عملاء للمخابرات الأمريكية, وبإعتراف أمريكى.
قد يسأل سائل عن الحكمة من "التضحية" بمبارك, رغم ما أشيع عن عمالته لأمريكا, بل اتهموه بإنه عميل صهيونى, ونقول –وهذا ليس دفاعا عن مبارك, وإن كان الدفاع عنه ليس بجرم, ولايشكل جريمة, فهو رئيس مصر, وسوف يفصح التاريخ عن الحقائق ويبوح بكثير من الأسرار- إن تلك الشائعات خرجت من المخابرات الأمريكية, تمهيدا لأحداث يناير, وبث الكراهية فى نفوس الشعب المصرى, ضد مبارك, حتى إذا جاء العملاء الحقيقيون, لقوا ترحيبا من الشعب!!
إنها الخطة شديدة الحبكة, شيطانية التنفيذ.
إن مبارك بمواقفه الوطنية, ضد أمريكا وإسرائيل كانت "شوكة" فى حلقهما, فإسرائيل وأمريكا لن يغفرا لمبارك غنه انتصر على سلاح الجو الإسرائيلى ذى التسليح الأمريكى فى حرب أكتوبر 73, فقد تخلصت أمريكا وإسرائيل من قبل من الملك فيصل, والرئيس السادات, والرئيس الجزائرى بومدين, والثلاثة كان لهم دور كبير فى حرب أكتوبر.
كما لن تنسى إسرائيل لمبارك إصراره على إستعادة طابا, ولن تنسى إنه رفض زيارة تل أبيبو وإنه وقف خلف ياسر عرفات داعما له وللقضية لفلسطينية, ولن تنسى له إنه قام بنجدة عرفات ورفاقه أثناء الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 82, حيث أرسل سفنا مصرية نقلته وصحبه من الملاجىء التى كان يختبىء بها إلى تونس, ولم تنس إسرائيل لمبارك أيضا إنه وقف لها بالمرصاد فيما يخص مفاعلها النووى فى ديمونة, ولم تنس إنه سلح الجيش المصرى تسليحا كبيرا, وأدخل عليه تطويرا كبيرا, فى كافة أفرعه, ومن بين تلك الأسلحة التى أرعبت الصهاينة, السلاح البيولوجى, الذى يقابل السلاح النووى لها, ولم تنس إنه رفض أن يمدها بمياة النيل, وفى عهده تم الكشف عن كثير من شبكات التجسس الصهيونية, وغير ذلك الكثير, فهل هناك عميل لها يفعل ذلك؟؟
أما أمريكا فلن تنسى لمبارك إنه حاول شراء صواريخ من كوريا الشمالية, وإنه انفتح على دول العالم, حتى تلك التى كانت تعادى أمريكا, وإنه حاول الأكتفاء ذاتيا من القمح عام 85, وإنه وقف فى وجه مشروع الشرق الأوسط الكبير, وإنه ترك القاعة والوفد المصرى فى مؤتمر شرم الشيخ عندما بدا جورج بوش الصغير إلقاء كلمته أمام المؤتمر, ولم تنس إنه رفض الخطة الأمريكية لنشر الفوضى الخلاقة فى المنطقة العربية, ولم تنس إنه حاول أكثر من مرة الخروج من العباءة الأمريكية واتخذ لمصر موقفا مغايرا ومضادا للسياسة الأمريكية, فى المنطقة العربية وأفريقيا, ولعل أبرز مثال كان رفضه دخول المصريين الحرب ضد صدام حسين, أو أن تطا أقدام الجنود المصريين أرض العراق بعد "تحرير" الكويت, من قوات صدام, بخلاف اعتراضه على ضرب أفغانستان والعراق, وايران وسوريا, ورفضه إنشاء قواعد أمريكية على الأراضى المصرية, ورفضه عملية تبادل الأراضى التى روجت لها إسرائيل, والتى كان بمقتضاها تحصل إسرائيل وغزة على أجزاء من سيناء تشمل أجزاء كبيرة من محافظة شمال سيناء, مقابل أراضى يتم ضمها من صحراء النقب إلى مصر, وغير ذلك الكثير.
إن الأيام المقبلة, سوف تكشف العديد من الأسرار التى أحاطت بعملية الانقلاب على مبارك, رغم تأكدنا من الأخطاء التى ارتكبت فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه, وحتى نتأكد ان هناك مؤامرة دبرت بليل على مصر, وليس على مبارك فقط فنقرأ هذا المقال الذى نشره موقع اليكترونى يصدر من أوسلو, يصف عملية الانتقام من مبارك, ورسم خطة محاكمته, ولا ننسى إن أمريكا لعبت على الوتر العاطفى للشعب المصرى, فخرجت تقول أن ثروة الرئيس مبارك تتجاوز 750 مليار دولار, ثم اعتذرت عن ذلك وتقول إن ثروته لا تتجاوز 5 مليارات دولار, وأن الرقم يخص معمر القذافى, رغم إن القذافى على خلاف مع أمريكا وبالتالى فلا يمكن أن يضع أمواله بها, بينما خرجت سويسرا فى يوم التنحى لتقول إنها جمدت حسابات الرئيس مبارك, وخرجت دول اوروبية اخرى لتقول إنها تنتظر أن تطلب منها الحكومة المصرية تجميد أموال مبارك لتجمدها!!, فى إشارة إلى وجود أموال لمبارك فى بنوك تلك الدول, رغم إن أى من تلك الدول لم تنشر أى مستندات تشير إلى تلك الأموال, ولو كانت جادة بالفعل لأظهرت المستندات, أو على أقل تقدير أعلنت تفاصيل الحسابات وارجعتها للحكومة المصرية.
وهذا هو نص المقال:
القبض على الرئيس مبارك في شرم الشيخ
أوسلو في 30 أغسطس 2005
في أحد أيام ربيع 2006 وبعدما انتهى المصريون من الاحتفال بعيد الأم في جو مشحون بالاضطرابات والمظاهرات العارمة التي تجتاح وادي النيل، ولا تتوقف ساعة واحدة، فالغضب قد اشتعل في صدور كل المصريين، ولم يعد هناك مكانٌ لمزيد من الذل والقمع والقهر، فاستوى لدى الجميع المنطق والاستحمار، والعقل والاستهبال، والقصر وكل عشش الصفيح، تضخمت الشائعات عن اختفاء الرئيس حسني مبارك منذ أكثر من شهرين، مع تأكيد كل الصحف القومية صباح كل يوم بائس ستغرب شمسه تاركة حيرة المصريين تتورم وتتضخم فلا تدري إن كانت مرضا أو فتيلا ينتظر انفجارا هائلا بأن السيد الرئيس بخير، وأنه اجتمع ظهر أمس بوفد كبير لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.
لم يتمكن الرئيس من الهرب بطائرته الخاصة من شرم الشيخ فكل دول العالم رفضت قبوله وأسرته بعدما اتضح المشهد المصري في مظاهرات عارمة، وأخرجت الصحافة المعارضة أرشيف الرئيس، ونشرت جرائمه، وأسقط في يد خبراء البيت الأبيض فلم يستطيعوا تبرير دعم الادارة الأمريكية لأحد أكبر طواغيت العصر.
طوال شهرين كاملين ورئيس لجنة السياسات الخارجية مع رجاله من ورثة البلد يديرون الشؤون الداخلية والخارجية كأنهم في حضرة الرئيس، أو يتلقون أوامر منه، ويسربون بين الحبن والآخر شائعات عن توجيهاته واستقبالاته الوهمية ونشر صور قديمة مذيلة بتاريخ يسبق النشر بيوم أو اثنين.
قادة كبار يطرحون على وزير الدفاع تساؤلاتهم عن القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهل اختفى حقا أم تماغتياله أو أنه رهن الاعتقال؟ ويؤكد لهم وزير الدفاع بأن السيد الرئيس بخير وسيقوم بزيارة قريبة للقيادة العامة.
أحد لواءات المخابرات العامة والقريب جدا من القصر والذي يحمل له جمال مبارك كراهية شديدة يتلقى من زوج أخته المقيم بشرم الشيخ معلومات غاية في الأهمية عن زيارات سرية تقوم بها السيدة سوزان مبارك لمكان مهجور في الطرف الشمالي لشرم الشيخ، ثم تعود بعد ساعتين، وتختفي في أحشاء طائرة هليكوبتر متجهة إلى القاهرة.
الحياة تكاد تتوقف في القاهرة والمدن الكبرى، والمظاهرات تعم الجامعات والمدارس، وينجح المتظاهرون بعد أسابيع من الاصرار على القبض على الرئيس مبارك وتقديمه للمحاكمة في استمالة قلوب الأجهزة الأمنية،
ويتلقى عسكر الأمن المركزي أوامر صارمة من القيادات الوطنية بعدم التعرض للمتظاهرين ولو جاءت الأوامر مباشرة من الرئيس أو ابنه إلا في حالات السرقة والنهب.
وكالات الأنباء ترصد ارهاصات الثورة المصرية الجديدة، ويكتب معلقون كثيرون عن دهشتهم من التزام المصريين بالحفاظ على ممتلكاتهم، وقيام الكثيرين بحماية مؤسسات الدولة، ومنع أي جهات مشبوهة من التعرض لها
.
جنرال كبير في الجيش الوطني المصري معروف بمواقفه الشريفة ومعارضته للاتفاقات المشبوهة يتحرك دون علم وزير الدفاع مع مجموعة صغيرة من الموالين له إلى شرم الشيخ.
أحد رجال الأمن الموالين لجمال مبارك يتصل فورا من المنتجع السياحي ويطلب مكالمة عاجلة مع الرئيس الشاب، ويبلغه بوصول القوة العسكرية، وتوجهها إلى المكان الذي تقوم سيدة مصر الأولى بزيارته بانتظام منذ
شهرين.
القائد العسكري يبلغ الأجهزة الأمنية في شرم الشيخ بأنه سيطلق النار على أي شخص يقف في طريقه، فتتراجع قوات الأمن، ثم يندفع نحوه رئيس جهاز الأمن في سيناء، ويحتضنه، ويعلن أنه وقواته متحالفون مع جيش مصر الوطني.
عيارات نارية خفيفة تم اطلاقها في الهواء، واندفعت ثلث القوة العسكرية من الناحية الأخرى للمكان المطلوب الوصول إليه بأقل خسائر ممكنة.
وزير الدفاع المصري يتلقى مكالمتين هاتفيتين من السفيرين الأمريكي والبريطاني لم يعرف أحد ما دار خلالهما، ثم يتوجه لتوه إلى قيادة الجيش.
تقترب القوة العسكرية بحذر شديد بعدما فر كل حراس الموقع.
كان المكان مهجورا، وبدا كأنه أثر مصري قديم يشبه أحد سراديب الفراعنة حيث ترقد مومياءات منذ عدة آلاف من السنين شاهدة على تاريخ العلاقة الطويلة والغريبة والمعقدة بين المصريين وحكامهم الفراعنة.
المكان مظلم وضيق وتنتهي سلالمه بسرداب أكثر اتساعا.يأمر القائد العسكري أربعة من أكفأ جنوده بتكملة الدخول لنهاية السرداب مع أوامر باطلاق النار في حالة أي مقاومة.
الجنود الأربعة لا يعرفون أنهم سيدخلون التاريخ من أضيق أبوابه، ومن تحت الأرض، وأن المطلوب هو القبض على الرجل المختبيء في هذا المكان السيء التهوية، والذي يشبه جحر الجرذان.
تجرأ أحدهم وسأل الجنرال: سيدي القائد، هل هو أحد المهربين الخطرين؟
لم يرد القائد العسكري، فجذب أولُهم رابعَم من كتفه، واستمروا في الهبوط إلى أن وقعت المفاجأة.
كان المكان فسيحا بعض الشيء، ويجلس في أحد أركانه رجل مسن ذو شعر أبيض وقد بدا أن لا فرق بينه وبين الموتى المجاورين له.
كان المشهد مخيفا، وكاد الجندي الثاني يتراجع خوفا بعدما التقت عيناه بعيني الرجل الأشعث الأغبر.
كانت هناك بقايا طعام، ومنضدة صغيرة، وكرسي متهالك، وعدة صناديق متراصة في الركن الآخر، ومسدس جديد تماما كأن سيدة مصر الأولى تقول للرجل المختبيء: إذا لم تدافع عن نفسك فعليك بالانتحار فهو أكثر شرفا من قفص الاتهام في محكمة الشعب.
الجندي الثالث وهو من أصل ريفي رق قلبه للرجل، وتقدم منه قائلا: لا تخف فنحن لن نؤذيك.
ومن المصادفات العجيبة أن شقيق هذا الجندي قضى سبع عشرة سنة في أحد المعتقلات دون توجيه تهمة واحدة وهو واحد من ثلاثين ألف مصري يقبعون في زنزانات بأوامر من الرئيس حسني مبارك.
قام العجوز دون أن يبدي مقاومة، وصاح أحدهم: سيدي، لقد عثرنا عليه!
اختلط الصوت بالصدى لكنه وصل إلى القائد العسكري كأنه أجمل وأسعد وأعظم خبر تسمعه أذناه منذ عشرات السنين.
تسلم القائد الرجل برفق، ونظر حوله ثم قال لجنوده: باسم كل مصري شريف لكم مني جزيل الشكر، لقد ألقيتم القبض على الرئيس الهارب محمد حسني مبارك، وسنقدمه قريبا لمحكمة عادلة.
لم يعرف أحد من الذي أبلغ وكالات الأنباء العالمية فقد كانت كلها في انتظار القوة لدى خروجها من هذا المكان النائي، وبعد دقائق معدودة كان العالم كله يقرأ خبر القاء القبض على الرئيس حسني مبارك في جحر تحت
الأرض بمدينة شرم الشيخ.
مؤتمر صحفي يتم عقده بعد يومين في القاهرة يعلن خلاله رسميا القائد العسكري عن تفاصيل عملية القبض على أحد مرتكبي أكبر جرائم العصر، ثم يعلن في ختام المؤتمر وهو يوجه بصره ناحية السكرتير الأول في السفارة الأمريكية الذي كان جالسا في الصف الثاني: إن الثورة كلها وعملية القبض وتولي الحكم المؤقت وتسيير أمور البلاد كانت مصرية بحتة، وأننا لم نطلب مساعدة أمريكية أو بريطانية أو اسرائيلية، وكل من اشترك وشارك في اسقاط حكم الطاغية ينتمي لهذه الأرض الطيبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق